إعلان

"إقليم كشمير" أغلبية مسلمة و"مسمار" الاستعمار الإنجليزي في شبه القارة الهندية

01:45 م الأربعاء 28 أغسطس 2019

مسجد جاميا بسريناغار

كتبت- آمال سامي:

بدأت محاولات المسلمين فتح الهند منذ عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث تولى عثمان بن أبي العاص الثقفي عام 15 هـ أمر البحرين وعمان، فوجه أخاه الحكم في جيش إلى تانه شمال مدينة بومباي. ووجه حملات أيضًا إلى بروص وهو ميناء قديم، وأرسل أخاه المغيرة إلى مدينة "الديبل" قرب مدينة كراتشي. لكن توقفت محاولات الفتح مؤقتًا في عهد عثمان بن عفان، حسب ما ذكر محمود شاكر في كتابه القارة الهندية، حيث طلب من ولاته عدم غزو الهند بعد أن وصف والي العراق عبد الله بن عامر بن كريز للخليفة الهند قائلًا: "ماؤها وشل، وثمارها دقل، ولصها بطل، إن قل فيها الجيش ضاعوا، وإن كثروا ضاعوا.."، واستمرت بعد ذلك الحملات إلى الهند إلى أن استقر الحكم الإسلامي فيها في عهد السلطان التركي محمود الغزنوي عام 392 هـ/ 1001م.

الإسلام في إقليم كشمير

تأخر وصول الإسلام إلى إقليم كشمير، بسبب وعورة الطريق، فلم يسيطر السلطان محمود الغزنوي في فتوحاته، إلا أن بدايات الإسلام الأولى قد وصلت كشمير في عهده في القرن الحادي عشر الميلادي، فانتشر الإسلام فيها في وقت متأخر نسبيًا بالقرن الخامس الهجري عن طريق العلماء والدعاة، وكان أهمهم الداعية المسلم "عبد الرحمن شرف الدين" الذي عرف باسم "بلبل شاه"وكان قد وصل كشمير عام 1324م قادمًا من تركستان، وأستطاع بلبل شاه إقناع حاكم كشمير "جياليورين تشان" بترك البوذية واعتناق الإسلام، فأسلم هو وجميع عائلته ودخل الإسلام بعد ذلك أعداد كبيرة من الشعب، وتسمى بـ "صدر الدين" وأصبحت بذلك كشمير جزءًا من الإمبراطورية الإسلامية في الهند حتى جاءها الاحتلال البريطاني عام 1839م.

بلبل شاه.. شيخ الطريقة السهروردية

باستطاعة "بلبل شاه" أن يقنع حاكم كشمير ترك البوذية، نجح في إدخال كثير من الهنود الإسلام وأتباعهم الطريقة السهرودية، وكان ذلك بداية انتشار الطرق الصوفية في إقليم كشمير.

وقد رصدت دراسة بعنوان " كشمير والصوفية.. صراع الوافد والأصيل" المنشورة بموقع إسلام أونلاين انتشار ما أسمته بـ "الإسلام الشعبي" في إقليم كشمير، فهناك صور مختلفة عن حياة مشتركة بين الفرقاء لم يرصدها الإعلام والصحفيون.

هناك تنتشر أضرحة الكثير من شيوخ الصوفية أبرزها ضريح بلبل شاه وضريح شاه الحمداني من الطريقة الكبراوية، وضريح حضرة نور الدين النوراني عن الطريقة الريشية. وعلى الرغم من الصراعات هناك، إلا أن المزارات والمقامات الصوفية يتوجه إليها المسلمون والهندوس والسيخ على السواء، حيث اتفق الجميع على خلاف دينهم على حب شيوخ الصوفية الذين وصلوا إلى الحكمة والمحبة والقدرات الأسطورية.

مطامع الاستعمار في شبه القارة الهندية

كانت الأطماع الإستعمارية من دول البرتغال وهولندا وانجلترا وفرنسا تحيط بالهند تدريجيًا، ففي البدء كانت البرتغال أول من وصل إلى سواحل الهند الغربية، وأقاموا فيها بعض المراكز وخاضوا معارك مع الأمراء المسلمين وحلفائهم من المماليك ثم العثمانيين، وعلى الرغم من انتصار العثمانيين إلا أن اختلاف أمراء المسلمين فيما بينهم جعلهم يستعينون بالعدو على إخوانهم، فسيطر البرتغاليون على بعض المراكز ثم فرضوا السيطرة على المحيط كله وأصبحت التجارة بأيديهم كما يروي لنا محمود شاكر.

وتبع البرتغاليون الهولنديين والإنجليز يتنافسون في السيطرة التجارية على الهند، وأسس الإنجليز شركة الهند الشرقية التي كانت زراع الإنجليز الإستعماري، واستطاعوا التغلب على البرتغاليين والهولنديين، ثم جاء الفرنسيون وأسسوا شركة تجارية فرنسية، وكانت سياسة تلك الشركات الإستعمارية كلها شراء الأراضي وبناء الحصون والمراكز التجارية، إلا أن الغلبة والسيطرة ظلت في يد الإنجليز.

اتفاقية "أمريتسار" وبداية ظهور مشكلة "كشمير"

ظل المسلمون يحكمون كشمير حتى عقدت شركة الهند الشرقية، ذراع الاستعمار البريطاني، صفقة مع أسرة "الدواغرا" الهندوسية، باعت فيها ولاية كشمير إلى تلك الأسرة لمدة مائة عام مقابل 7.5 مليون روبية عام 1846م. فبموجب تلك الأتفاقية حكمت بريطانيا مباشرة 55% من ولايات الهند وحكمت باقي الولايات عن طريق حكام هندوس ومسلمين، لكن كانت مشكلة إقليم كشمير التي بدأت في البروز من حينها، أنه أقليم مسلم، تحكمه لأول مرة أقلية غير مسلمة. ويعلق المفكر "أبو الأعلى المودودي"، الداعية والعالم الهندي الشهير، على ذلك قائلًا: إن رجال السياسة البريطانيين هم الذين أوجدوا قضية كشمير.

ومنذ ذلك الحين عانى المسلمون من الاضطهاد من قبل الهندوس، فلم يكن يسمح لهم بتولي الوظائف وفرضت عليهم ضرائب باهظة وكانوا يعانون من التضييق الشديد في أداء العبادات وممارسة شعائرهم الدينية، "ويذكر التاريخ أن ذبح الأبقار كانت عقوبته الإعدام، واستمر هذا القانون مفروضًا حتى خفف سنة (1353هـ= 1934م) إلى السجن عشر سنوات مع الأشغال الشاقة وحرم على المسلمين حمل السلاح، كما أن الهندوكي إذا أسلم صودرت أملاكه على عكس المسلم إذا ارتد فإنه يجد فرصة ذهبية لحياة رغدة، ويذكر التاريخ أنه خلال القرن الذي حكمت فيه أسرة الدواغرا كشمير تولت الحكم فيها (28) حكومة لم يكن فيها مسلم واحد" حسب دراسة نشرت بموقع إسلام أونلاين. ومنذ ذلك الحين وتعاني المنطقة من انتفاضات المسلمين ثائرين على الإضهاد الديني ومطالبين بالاستقلال، حيث طالب الهنود جميعًا بالاستقلال عن بريطانيا، ثم أمام التعصب الهندوسي طالب المسلمون منهم بقيام دولتين منفصلتين إحداهما مسلمة والأخرى غير مسلمة.

تقسيم الهند إلى دولة مسلمة وأخرى غير مسلمة

في عام 1947م صدر إعلان تقسيم الهند إلى دولتين إحداهما مسلمة والأخرى غير مسلمة، وسميت المسلمة باسم "باكستان" وتولى محمد علي جناح رئاستها، وهو ما أدى إلى وقوع ولايات ذات أغلبية هندوسية تحت إمرة حكام مسلمين، ووقوع ولايات أغلبيتها مسلمة تحت حكم الهندوس.

وعادت بريطانيا مرة أخرى لتتسبب في خلق أزمة في شبه الجزيرة الهندية لتظل القلاقل والضعف ينخر فيها، حيث اتفقت مع حزب المؤتمر الهندي على ضم كشمير للهند، على الرغم من أن المسلمين قبل حتى صدور القرار كانوا قد أسسوا حركة جهادية لتحرير كشمير وضمه للدولة المسلمة. وقد وقع المهراجا الهندي معاهدة مع باكستان في التعاون بحكم إقليم كشمير إلا أن ذلك لم يوقف التنازع بين المسلمين والهندوس هناك، حيث ظل المسلمون يعانون من الاضطهاد الذي كانت تدعمه وتؤازره الحكومة الهندية.

وظل الصراع بين الهند وباكستان على حكم كشمير باقيًا إلى يومنا هذا على الرغم من جهود الأمم المتحدة في حل الصراع.

ومؤخرًا قامت الهند بإلغاء الوضع شبه المستقل للإقليم، والذي استمر منذ سنوات عديدة مما أدى إلى خروج الآلاف من الكشميريين في تظاهرات معارضة للقرار، وتصاعدت الأزمة الكشميرية مجددًا لقمة الأحداث العالمية.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان