- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
بقلم/ هبة صلاح
باحثة ومترجمة بدار الإفتاء المصرية
مع بداية عشر ذي الحِجة ودخول موسم الحَج تأتي ذكرى السيدة العظيمة هاجر المصرية، زوج نبي الله إبراهيم (عليه السلام) وأم النبي إسماعيل والتي صنعت تاريخًا مجيدًا سيظل باقيًا ما دامت السموات والأرض.
من أكرمه الله وأذن له بزيارة الحرمين الشريفين، النبوي والمكي، يجد أن ماء زمزم في حقيقته ليس كأي ماء؛ بل هو زاد وقوت لمن أراد الطعام والشراب، فيكفي أن يأخذ الشخص رشفات قليلة منه حتى يذهب الظمأ ويسد رمقه، وهذا ما رأيته وجربته أثناء رحلتي للعمرة في شهر رمضان، حيث كان الماء والتمر في الحرمين كافيان لتقوية الصائم لأداء العبادة دون فتور، وهنا فكرت في هذه الهَدَايا التي يراها ويتمتع بها الحجيج في هذه البقعة الطاهرة، وكلما قرأت في تاريخ هذه السيدة العظيمة أدركت أن هذه النِعم والمواهب هي الجائزة التي ظفرت بها هذه القوية الصابرة المحتسبة.
كان للسيدة هاجر إيمان ذاب معه الحجر: {وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}.. [ البقرة: 74]، ولما لا وكل ما مرت به من ابتلاءات يذيب القلوب حتى يشعر القارئ أمام سيرتها في مرحلة ما أن هذه السيدة كان ولابد أن تنهار مع أول خطوة لنبي الله إبراهيم وهو يدير ظهره لزوجته الحبيبة وولده الرضيع في صحراء جرداء وصفها الله بأنه واد غير ذي رزع، والزرع هنا لفظة جامعة شاملة من بلاغة القرآن تفيد بأنه واد لا حياة فيه، فوجود الزرع في مكان يدل على وجود الماء، والماء هو سبب الحياة "وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ"، فإذا وجد الماء كان الزرع والطير والحياة، غير أن هذه السيدة ورضيعها لحكمة لا يعلمها إلا الله قُدر لها أن تُتَرك بمفردها في هذا المكان الموحش، وقابلت هذا الأمر الإلهي بسؤال كي تتأكد أن صبرها لن يضيع هباء، فقالت لزوجها: أالله أمرك بهذا؟" قال: "نعم"، فجاء جوابها الفوري، جواب الواثق لما في يد الله: "إذن لن يضيعنا".
كانت كلمات هذه السيدة بمثابة المفتاح لكنز وهدي وتشريع لركن عظيم من أركان الإسلام وهو الحج، هذه السيدة التي لو تركت نفسها لتفكر لحظة فيما رأته حولها من صحراء جرداء لم تكن لتطيع أمر زوجها، فكيف تلقي بنفسها ورضعيها في التهلكة! لكنها فطنت وعلمت أن أمر الله وإن كان يبدو في ظاهره شرا، إلا أن باطنه الرحمة، فكان للسيدة هاجر إيمان هداها للسعي والعمل.
سعت بين جبلي الصفا والمروة سبعة أشواط تبحث عن ماء لرضيعها الذي يصرخ من الجوع والعطش، وأشعر وأنا اقرأ في سيرتها أنه كلما اشتد بها الكرب، زادت قوتها وإصرارها أنها لن تكف عن البحث مادامت قادرة على السعي. فكل من شاء الله له السعي بين الصفا والمروة أثناء الحج أو العمرة سيدرك كم تحملت من مشقة، وقد سألت نفسي بالفعل وأنا أسعي: نشعر بالإجهاد والتعب ونحن نسير فوق رخام ناعم والمكان ممهد بكل وسائل الراحة والماء متاح عن اليمين وعن اليسار، فماذا كان شعور تلك الأم المسكينة وهي تسير فوق رمال ملتهبة في تلك الصحراء والشمس فوق رأسها؟!
قوة عجيبة ملأت قلب هذه السيدة حتى ارتقت همتها إلى السماء ليأمر الله الروح الأمين سيدنا جبريل فيفجر لها من الأرض ينبوعا تحت أقدام الصغير، لتشرب هي ويرتوي هو ويرد الله لها الحياة التي كانت تبحث عنها.
هذه الأم القوية، جاءها أمر ذبح ابنها إسماعيل، فما أشده من بلاء، وسلمت الأمر لله فسلم الله وليدها وكرمها بأن جعل من نسلها خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم).
لم تكن السيدة هاجر أما عادية، بل هي حالة استثنائية فريدة تستحق عن جدارة أن نخلع عليها اللقب الحديث "امرأة قوية مستقلة" قوة أساسها فهم لطبيعة الأمر، فهي تعلم أنها زوجة نبي، وما يمر في حياتهما ما هو إلا وحي يأتي لأنبيائه لحكمة، ففي وسط الخطر الذي يهدد حياتها سعت وكأنها تقول لربها: "أنا أعلم أنك لن تضيعنا، فعجل لي بفرجك".
السيدة هاجر صنعت تاريخًا يشهد على قدرة النساء في تحمل الصعاب ووضع الحلول للأزمات، غير أن مشكلتنا الحقيقية في هذا الوقت هي عدم القدرة على القراءة، ولا أعني القراءة بالمفهوم القريب الذي هو عكس الأمية، وإنما قراءة الموقف والتفكر، فكما تفجر لهذه السيدة ورضيعها ينبوع زمزم، تتفجر من قصتها معان في اليقين والثقة بما في يد الله وأن الابتلاء جزء لا ينفصل عن حياة الإنسان، وأن التاريخ أنصف الرجال والنساء على حد سواء، لكن التفسيرات الخاطئة للنصوص بما يتوافق مع الأهواء شوهت منه الكثير، فيكفي هذه السيدة شرفا أن كل من شرب شربة من زمزم كانت لها زخرا عند الله.
إعلان