كيف تنبأ جمال حمدان بما وصل له العالم الإسلامي الآن؟
كتبت - آمال سامي:
العالم الجغرافي المصري الشهير جمال حمدان، شخصية معرض الكتاب لهذا العام في دورته الـ 51، الذي ولد في فبراير 1928م، وتوفي في السابع عشر من أبريل عام 1993م في ملابسات اكتنفها الكثير من الغموض حتى أقر البعض بأنه قتل بفعل فاعل، واتهم البعض الصهيونية بأنها وراء مقتله خاصة لما كشفه بـ "العلم" في كتابه من عدم أحقية اليهود الحاليين في فلسطين بأي حال لأن أصولهم لا تنتمي إلى هناك كما يزعمون، لم يقتصر وصف الباحثين لجمال حمدان باعتباره فقط عالما جغرافيا بل رأوه أيضًا محللًا استراتيجيًا.
توقع جمال حمدان في كتاباته أن الغرب سيسعى لخلق صراع بين الحضارات من أجل حشد أكبر عدد من الحلفاء ضد العالم الإسلامي، ينقل لنا ذلك مجموعة من الباحثين من بينهم مسلم محمد هنيدي في دراسة المركز الديمقراطي العربي، ومحمد حمدي في قاموس التواريخ، وفي كتاب " مذكرات جمال حمدان: صفحات من أوراقه الخاصة" حيث يقول فيه إن العالم الإسلامي هو القطاع السياسي الحقيقي والفعال والمتحضر من العالم الثالث، وينظر الغرب اليوم للإسلام باعتباره الخطر والعدو الجديد بعد سقوط الشيوعية، حيث يقول: "المقصود أن الصراع الأيديولوجي السابق حل محله صراع أيديولوجي جديد، فالإسلام كعقيدة هو أيديولوجية مضادة لأيديولوجية الغرب، وللغرب، وحضارة الغرب.." وعلل حمدان ذلك العداء الذي وصفه بالرهيب أن الإسلام اشتراكية أو شيوعية مؤمنة لا ملحدة فخطره أشد من الشيوعية السابقة لأنه مسلح بأنياب دينية. وقال حمدان إن ذلك ليس مخيفًا لأن فيه شبهة ندية واعتراف ضمني بأن العالم الإسلامي ليس جثة هامدة، لكن المهم فعلا أن يرتفع العالم الإسلامي إلى مستوى التحدي بنجاح ويفرض احترامه وأهليته ونديته، ليبدأ سلام الشجعان وصلح الفرسان"، "الغرب سوف يستدرج خلفاء الإلحاد والشيوعية إلى صفه ليكون جبه مشتركة ضد العالم الإسلامي والإسلام باعتبارهما العدو المشترك للأثنين..سيأتي الشرق الشيوعي القديم ليلقي بنفسه في معسكر الغرب الموحد ضد الإسلام والعالم الإسلامي". ويعلق على ذلك صاحب "قاموس التواريخ" قائلًا إن ما تنبأ به حمدان تحقق بالفعل حيث وضع صموئيل هنتنجتون في كتابه "صدام الحضارات" الخطوط الفكرية العريضة لهذا الحلف، مضيفًا أن جمال حمدان قال في بداية التسعينيات إن العالم كله وامريكا يتبادلان الحقد والكراهية علنًا، لكنه تنبأ في النهاية إلى أن "سعار القوة" هذا سيؤدي بأمريكا إلى مقتلها في النهاية.
رأي حمدان في فكرة الدولة الإسلامية العالمية
يرفض حمدان فكرة الدولة الإسلامية العالمية الواحدة ويقول إنها "محض هوس ديني محموم" مؤكدًا أن أسوأ المسيئين إلى الإسلام بعض من أشد المدافعين عنه من أبنائه، حيث يصف الأصولية الإسلامية "المزعومة" بأنها بالظبط اللا أصولية الإسلامية. ويرى حمدان أن دور الإسلام السياسي ووظيفته هو دور خارجي لا داخلي، وهو تحرير العالم الإسلامي في الخارج لا الحكم الإسلامي في الداخل.
ويرى حمدان أن الإسلام لم يعد يتقلص ليخرج من الدول كما كان يحدث قديمًا بفعل الإستعمار الذي كان يحارب الإسلام ويحاصره بطرق مختلفة غير مباشرة، حيث كان الإسلام قديما يتقلص في تراجع نحو الجنوب في جبهته الأوروبية وجنوب جبهته الإفريقية فيقول : "الآن هناك عودة الإسلام في أوروبا خاصة في طرفيها إسبانيا وآسيا الوسطى بالاضافة لهجرة المسلمين إلى قلب أوروبا".
لماذا رجّح البعض أن وفاة حمدان كانت اغتيالاً؟
يجيبنا هنيدي الباحث بالمركز الديموقراطي العربي قائلًا إن حمدان تفرغ في نهاية حياته لعزلة اختيارية بعد ان قدم استقالته من الجامعة حيث كان استاذًا بجامعة القاهرة فرع الخرطوم، واعتزل تمامًا في بيته بحي الدقي ليتفرغ لأبحاثه ودراساته، حيث لم يكن متزوجًا ولا له ابناء، حتى مات محروقًا يوم 16 أبريل عام 1993م، وعلى الرغم مما أعلن حينها أن سبب الوفاة هو تسرب غاز من أنبوبة البوتاجاز إلا ان دراسات وأبحاث حمدان التي كانت تفضح الصهاينة وعدم توصل التحقيقات لنتائج محددة في سبب وفاته جعلت البعض يرجح أن الموساد دبر هذا الاغتيال لمنعه من فضح حقيقة إسرائيل وقد تم بالفعل سرقة ألف صفحة كتبها حمدان ولم يعثر عليها بعد الحريق.
موضوعات متعلقة..
- في اليوم العالمي للغة العربية.. الشعراوي هاجم "الفرانكو" قبل ظهوره بسنوات
- الخلافات السياسية بين الصحابة.. باحث بالأديان يفرق بين خطأ التقديس وحتمية التقدير
- بعد استرداد مصر جزءًا منها.. ما هي "الربعة القرآنية" الخاصة بالسلطان قنصوة الغوري؟
فيديو قد يعجبك: