في ذكرى وفاته.. علي أحمد باكثير حكّاء التاريخ الإسلامي وصاحب "الملحمة الكبرى"
كتبت – آمال سامي:
التاريخ الإسلامي في كبسولة أدبية شيقة، هو ما فعله علي أحمد باكثير في صناعته الأدبية في العصر الحديث، فتناول كثيرا من أحداث التاريخ الإسلامي حتى المجهول منها والذي لم يتطرق له غيره مثل روايته عن كفاح الشعب الإندونيسي ضد الاحتلال، ومما عرف وانتشر لكنه كتبه بأسلوب شيق بسيط ليصبح فيما بعد كتابًا دراسيًا ثابتًا في مراحل التعليم مثل "وا إسلاماه"، واليوم تحل ذكرى وفاته 10 نوفمبر عام 1969م، الأديب الكبير، صاحب المسرحيات والروايات الإسلامية التاريخية الأكثر شهرة وصاحب "الملحمة الإسلامية الكبرى" ثاني أطول عمر مسرحي في العالم.
ولد علي أحمد باكثير في 21 ديسمبر عام 1910م بأندونيسيا، لكنه ولد لأبوين عربيين من حضرموت، وعلى الرغم من أنه كان للعرب وجود كبير في الجزر الأندونيسية إلى الحد الذي جعل لهم مدارس خاصة بهم ومعاهد وصحف أيضًأ، إلا أن والد علي أحمد باكثير آثر أن يرسله إلى حضر موت، حتى ينشأ هناك، فوصل باكثير إلى مدينة "سيئون" حيث تنتمي أسرته في الخامس من إبريل عام 1920م وكان يبلغ حينها عشرة أعوام، وهناك تلقى علوم اللغة العربية والعلوم الإسلامية وانتظم بمدرسة "النهضة العلمية" ودرس بها لمدة أربعة وهي أول مدرسة نظامية تنشأ هناك بجهود أهلية، ولم يكتف باكثير بالمدرسة فقط بل حضر دروسًا لعدة علماء وشيوخ ومنها أستاذ محمد منصور ومن ضمن مما درسه على يده علم المنطق، وكذلك تعلم على يد عمه الشيخ محمد بن محمد باكثير، وبدأ يكتب الشعر في الثالثة عشرة من عمره، وأصبح مدرسًا بتلك المدرسة ومديرًا لها ولم يبلغ بعد العشرين.
وباكثير شافعي المذهب، حيث كان هذا مذهب أغلب حضرموت، فدرس منهاج الطيبين ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، ومغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج، والوجيز من الفقه لأبي حامد الغزالي، ودرس كذلك عدة كتب في النحو واللغة العربية منها شرح ابن عقيل على ألفية بن مالك، وحفظ كذلك خلاصة الألفية في النحو ولامية الأفعال لمحمد بن عبد الله بن مالك، وغيرها من المتون.
وعلى الرغم من أن علي أحمد باكثير تزوج مبكرًا إلا ان زوجته توفت وهي في شبابها عام 1931 وهنالك ترك حضر موت ومر بعدة بلاد حتى وصل في النهاية إلى مصر، لكنه مر أولًا بعدن ثم الصومال والحبشة، واستقر قليلًا في الحجاز، وهناك بدأ كتابة أول مسرحياته "همام" أو "في بلاد الأحقاف" ليطبعها عند وصوله إلى مصر عام 1934م، وهنا، في مصر، بدأ ابداع باكثير الأدبي الكبير، فمن رواياته الأدبية: وا إسلاماه والتي تتناول فترة من تاريخ الدولة الأيوبية وغزو التتار، ورواية الثائر الأحمر التي تتناول حكم القرامطة لاجزاء من العراق وجنوب الجزيرة العربية أثناء الخلافة العباسية، ومن مسرحياته: "الملحمة الإسلامية الكبرى" التي تتناول حياة الخليفة عمر بن الخطاب، وهي تعتبر ثاني أطول عمل مسرحي في العالم، وكذلك ثلاثية غزو نابليون لمصر: الدودة والثعبان، وأحلام نابليون، ومأساة زينب، وأيضًا مسرحية عودة الفردوس، والتي تتحدث عن كفاح الشعب الأندونيسي ضد الاستعمار الياباني والهولندي.
حصل باكثير على الجنسية المصرية عقب زواجه من سيدة مصرية عام م1943م، فبموجب مرسوم ملكي صدر في 22 اغسطس عام 1951م أصبح باكثير مصريًا بشكل رسمي، وتوفي باكثير في رمضان يوم 10 نوفمبر عام 1969م، عقب إصابته بأزمة قلبية حادة، ودفن في مقابر الإمام الشافعي بالقاهرة.
فيديو قد يعجبك: