أمهات المؤمنين (5).. كيف عرضت "خديجة بنت خويلد" نفسها للزواج من النبي؟
كتبت – آمال سامي:
"النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ".. هكذا وصف القرآن الكريم زوجات النبي صلى الله عليه وسلم مرسيًا قاعدة شرعية في النظر والتعامل والتقدير لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يتزوجهن أحد بعده، "فهن أمهات المؤمنين في تعظيم حقهن وتحريم نكاحهن على التأبيد" كما يقول البغوي في تفسيره، ويستعرض مصراوي جانبًا من سيرة أمهات المؤمنين رضي الله عنهن في حلقات متتابعة، واليوم مع سيدة نساء أهل الجنة "خديجة بنت خويلد" رضي الله عنها، وقصة زواجها من النبي.
"إذا ذكرت خديجة لم يكد يسأم من ثناء عليها واستغفار لها".. هكذا وصفت السيدة عائشة رضي الله عنها علاقة رسول الله صلى الله عليه وسلم بخديجة التي استمرت حتى بعد وفاتها، وبعد أن تزوج بعدها عدد من النساء الصالحات المؤمنات، كانت السيدة خديجة أشهر نموذج إسلامي للمرأة التي عرضت نفسها للزواج، وكان ذلك على خير الرجال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
لم يكن رسول الله (ص) خفيًا على أهل مكة قبل رسالته، بل كان معروفًا بينهم بأخلاقه وحسبه ونسبه، فعد صلى الله عليه وسلم خيرة شباب مكة، وأشتهر بينهم بالصدق والأمانة، وعرف بـ "الصادق الأمين"، لذا، حين رغبت السيدة خديجة في أن تستأجر أحد الرجال الأمناء ليتاجر لها، أرسلت إليه ليحمل هو مسئولية تجارتها، وكانت، رضي الله عنها، ذات مال وفير وتستأجر رجال مكة ليتاجروا لها، يقول ابن الجوزي في صفوة الصفوة، أنها قالت للرسول صلى الله عليه وسلم: أنا أعطيك ضعف ما أعطي رجلًا من قومك.
ولما وافق النبي صلى الله عليه وسلم أرسلت معه في تجارتها إلى الشام غلامها ميسرة، وكان هو من أخبر سيدته بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم الرفيعة النبيلة التي عايشها معه في سفره وحله وترحاله، فأثارت أخلاقه وصفاته إعجابها وجعلتها ترغب في الزواج منه، ويروي موقع دار الإفتاء الرسمي ذلك قائلًا أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وكانت أكبر منه بخمسة عشرة سنة، فكانت في الأربعين وهو في الخامسة والعشرين، وكان قد سبق لها الزواج من أثنين قبله وكانت لها منهم بنت وهي هالة وولد وهو هند.
تروي لنا نفيسة بنت منية، صاحبة خديجة رضي الله عنها والوسيطة بينها وبين النبي صلى الله عفليه وسلم في زواجهما، كيف توسطت في زواج خديجة رضي الله عنها من النبي صلى الله عليه وسلم، فتقول – كما يروي صاحب صفوة الصفوة - انها كانت أوسط قريش نسبًا وأكثرهم مالًا وكان كل قومها يرغبون في نكاحها، لكنها أرسلت نفيسة إلى محمد صلى الله عليه وسلم بعد أن عاد من الشام لتسأله ما منعه من الزواج، فقال: ما بيدي ما أتزوج به، فقالت نفيسة: فإن كفيت ذلك ودعيت إلى الجمال والمال والشرف والكفاءة ألا تجيب؟ قال: فمن هي؟ قالت: خديجة، قال: وكيف بذلك، قالت: علي، قال: وأنا افعل، وهكذا ذهبت نفيسة لتخبر خديجة بما حدث.
قال الذهبي عن خديجة في سير أعلام النبلاء: مناقبها جمة، وهي ممن كمل من النساء . كانت عاقلة جليلة دينة مصونة كريمة ، من أهل الجنة ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يثني عليها ، ويفضلها على سائر أمهات المؤمنين ، ويبالغ في تعظيمها ، بحيث إن عائشة كانت تقول : ما غرت من امرأة ما غرت من خديجة ، من كثرة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لها .
ومن كرامتها عليه صلى الله عليه وسلم أنه لم يتزوج امرأة قبلها ، وجاءه منها عدة أولاد ، ولم يتزوج عليها قط ، ولا تسرى إلى أن قضت نحبها ، فوجد لفقدها ، فإنها كانت نعم القرين . وكانت تنفق عليه من مالها ، ويتجر هو صلى الله عليه وسلم لها .
توفيت السيدة خديجة رضي الله عنها في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم في سنة ثلاثة قبل الهجرة، ودفنت في المعلاة، وسمي العام الذي توفت فيه بعام الحزن.
فيديو قد يعجبك: