هل طلبت السيدة فاطمة الطلاق.. وما سر رفض الرسول لزواج علي بن أبي طالب بأخرى؟
كتبت – آمال سامي:
نشر ياسر سلمي، الباحث في التراث، منشورًا على حسابه الرسمي على الفيسبوك، معلقًا على فتوى حرمة طلب الزوجة الطلاق حين يقرر زوجها التعدد، قائلًا إن أول زوجة في الإسلام هددت بطلب الطلاق رفضًا للتعدد هي السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها، ومن يقل إن جزاءها جهنم لطلبها الطلاق يخرج من دائرة الإسلام.
وقد أثار منشور سلمي الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض، لكن هل حقًا طلبت السيدة فاطمة رضي الله عنها الطلاق؟ وما سر رفض رسول الله صلى الله عليه وسلم من زواج علي بأخرى؟
لم تطلب الطلاق بل رفض النبي زواج علي
لم يرد أن السيدة فاطمة قد طلبت الطلاق لزواج علي، بل أن النبي صلى الله عليه وسلم هو من رفض زواج علي من الأساس قبل أن يتم..."إِنَّمَا فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي يُؤْذِينِي مَا آذَاهَا" تلك الكلمات التي قالها النبي صلى الله عليه وسلم في رده إثر معرفته عزم علي بن أبي طالب رضي الله عنه في الزواج على فاطمة رضي الله عنها، معلنًا رفضه أن يجمع عليّ رضي الله عنه بنت رسول الله وبنت عدو الله "أبو جهل".
وهو رفض يحمل في طياته سببه، إذ قال ابن حجر في شرح الحديث في كتابه "فتح الباري" ما قاله ابن التين: أصح ما تُحمل عليه هذه القصة : "أن النبي صلى الله عليه وسلم حرَّم على علي أن يجمع بين ابنته وبين ابنة أبي جهل ؛ لأنه علل بأن ذلك يؤذيه ، وأذيته حرام بالاتفاق.
فهي له حلال لو لم تكن عنده فاطمة ، وأما الجمع بينهما الذي يستلزم تأذي النبي صلى الله عليه وسلم لتأذي فاطمة به ، فلا"، وأضاف ابن حجر أن سياق النبي صلى الله عليه وسلم في رفضه لنكاح علي بفاطمة مراعاة لخاطر فاطمة وامتثال لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، وقال ابن حجر أنه لا يرى أنه دليل على أن من خصائص النبي ألا يتزوج على بناته، بل يحتمل أن يكون ذلك خاصًا بفاطمة وحدها رضي الله عنها.
عدم الزواج عليها كان شرطًا حين العقد
ذهب بعض العلماء إلى أن رفض الرسول صلى الله عليه وسلم لزواج علي على فاطمة رضي الله عنهما، كان من باب الشرط، إذ أشار النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث إلى وفاء أحد أصهاره وصدقه في الحديث، وهو ما استدل به بعض العلماء في التدليل على جواز اشتراط الزوجة في عقد زواجها ألا يتزوج زوجها عليها، فاستند الشيخ سيد سابق رحمه الله في كتابه "فقه السنة" تحت عنوان: "حق المرأة في اشتراط عدم التزوج عليها"، إذ أورد الحديث ومعه تعليق ابن القيم رحمه الله فقال: "فتضمن هذا الحكم أمورًا، أن الرجل إذا اشترط لزوجته ألا يتزوج عليها لزمه الوفاء بالشرط، ومتى تزوج عليها فلها الفسخ، ووجه تضمن الحديث لذلك أنه أخبر أن ذلك يؤذي فاطمة، رضي الله عنها، ويريبها وأنه يؤذيه، صلى الله عليه وسلم، ويريبه...وفي ذكر صهره الآخر وثنائه عليه بأنه حدثه فصدقه ووعده فوفى، تعريض بعلي رضي الله عنه وتهييج له على الاقتداء به".
وعلل الدكتور خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، رفض النبي صلى الله عليه وسلم زواج علي مرة أخرى على فاطمة، باعتباره أبوها، مؤكدًا أنه ليس تشريعًا ولكنه من باب الخصوصية، فقال صلى الله عليه وسلم: "أما والله أنا لا أحل حرامًا ولا أحرم حلالًا"، وقال أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقيد حلالا في هذا الموقف، فهو أمر مباح، ولولي الأمر تقييد المباح، ويقصد به الجندي "القانون"، و"الأب" في المنزل ونحوه، فيأمر الأب ابناءه بألا يخرجوا بعد الثانية عشر بعد منتصف الليل، رغم انه مباح، وأكد الجندي أنه يجوز الاشتراط على تقييد المباح، وبالتالي فتعدد الزوجات هو في الأساس تعتريه الأحوال الخمسة، فإن كان مباحًا يجوز تقييده، وهو ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم مع فاطمة، ويجوز لأي أسرة تشترط هذا الشرط على زوج ابنتها إذا كان الأمر في إطار المباح.
اقرأ أيضا:
هل يجوز للزوجة أن تطلب الطلاق إذا اكتشفت أمر الزواج الثاني؟
فيديو قد يعجبك: