في ذكرى وفاة الرسول.. تفاصيل القرارات والساعات الأخيرة في حياة النبي
كتبت – آمال سامي:
تحل اليوم ذكرى وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وفقًا للتاريخ الميلادي، والذي يوافق الثامن من يونيو عام 632م، والثاني عشر من ربيع الأول عام 11 هـ، وقد توفي النبي صلى الله عليه وسلم وعمره ثلاث وستين عامًا، وفي السطور التالية نستعرض بدايات مرض الرسول صلى الله عليه وسلم وآخر ما دار في حياته وتفاصيل وفاته..
بدايات مرض الرسول صلى الله عليه وسلم
كانت بداية مرض وفاة النبي صلى الله عليه وسلم صداعًا أصابه، بعدما عاد من البقيع من إحدى الجنازات هناك، وبعدها اشتد به المرض والحمى، فتروي عائشة رضي الله عنها بدايات تعب الرسول صلى الله عليه وسلم قائلة: رجع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من البقيع فوجدني وأنا أجد صداعا في رأسي وأنا أقول : وارأساه ، فقال : بل أنا والله يا عائشة وارأساه، وبعدها اشتد المرض على النبي صلى الله عليه وسلم حتى طلب من زوجاته أن يمرض في بيت عائشة وظل به حتى وفاته.
القرارات الأخيرة في حياة النبي
إنفاذ سرية أسامة بن زيد آخر سرية يجهزها الرسول
روى ابن هشام في سيرته تفاصيل الأيام الأخيرة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، إذ اشتد عليه المرض وكان يرغب في الخروج إلى الناس والحديث إليهم، فطلب أن يأتى إليه بسبع قرب من آبار شتى ثم تصب عليه الماء، فتروي عائشة أنهم أجلسوه صلى الله عليه وسلم في مخضب لحفصة بنت عمر ثم صبوا عليه الماء حتى قال حسبكم حسبكم.
ثم خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه وخطب إليهم قائلًا: " إن عبداً من عباد الله خيره الله بين الدنيا بين ما عنده ،فاختار ما عند الله ، قال : ففهمها أبو بكر ، وعرف أن نفسه يريد ، فبكى ، وقال : بل نحن نفديك بأنفسنا وأبنائنا ، فقال : على رسلك يا أبا بكر ، ثم قال : انظروا هذه الأبواب اللافظة في المسجد ، فسدوها إلا بيت أبي بكر ، فأني لا أعلم أحداً كان أفضل في الصحبة عندي يدا منه .
وكانت آخر قرارات الرسول صلى الله عليه وسلم الحربية إنفاذ بعثة أسامة بن زيد التي كان قد أعدها قبلًا لغزو الروم، ولكن حينها قال بعض المسلمين ان رسول الله قد أمر غلامًا صغيرًا على خيرة المهاجرين والأنصار، فقال لهم: أيها الناس أنفذوا بعث أسامة ، فلعمري لئن قلتم في إمارته لقد قلتم في إمارة أبيه من قبله ، وإنه لخليق للإمارة ، وإن كان أبوه لخليقاً لها.
اختيار أبي بكر الصديق لإمامة الناس
ظل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالمسلمين حتى قبل وفاته بأربعة أيام، حتى اشتد عليه المرض، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي أبا بكر الصديق بالناس،
وروت السيدة عائشة رضي الله عنها حوارها مع النبي بخصوص إمامة أبي بكر، إذ كانت ترى عائشة أنه "رجل رقيق" سوف يبكي وهو يصلي بالناس، فروت أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: يا نبي الله إن أبا بكر رجل رقيق ، ضعيف الصوت ، كثير البكاء إذا قرأ القرآن ، قال : مروه فليصل بالناس .قالت : فعدت بمثل قولي ، فقال :
إنكن صواحب يوسف ، فمروه فليصل بالناس ، قالت : فوالله ما أقول ذلك إلا أني كنت أحب أن يصرف ذاك عن أبي بكر ، وعرفت أن الناس لا يحبون رجلاً قام مقامه أبداً ، وأن الناس سيتشاءمون به في كل حدث كان ، فكنت أحب أن يصرف ذلك عن أبي بكر .
ليس هذا فقط، بل حين شعر النبي صلى الله عليه وسلم بالتحسن بعدها بقليل، خرج للمسجد ليصلي، فلما رآه أبو بكر الصديق قدمه للإمامة، فأشار إليه النبي بأن يستمر كما هو وصلى النبي صلى الله عليه وسلم خلفه.
غسل النبي وكفنه
حضر غسل النبي صلى الله عليه وسلم عدد من أهل بيته على رأسهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وعمه العباس وابنيه، واسامة بن زيد، وشقران، وكذلك أوس بن خولي وهو أحد الأنصار وممن شهدوا بدرًا، فيروي ابن هشام في سيرته أن هؤلاء قد حضروا غسل النبي صلى الله عليه وسلم، إذ أسنده علي رضي الله عنه على صدره وكان الفضل والعباس يقلبونه، بينما أسامة بن زيد وشقران يصبان الماء على النبي، وتم غسل النبي صلى الله عليه وسلم وعليه قميصه فلم تنزع عنه ثيابه ، فيقول ابن هشام في سيرته أن علي لم ير شيئا من رسول الله مما يرى من الميت، وتروي عائشة اختلاف الصحابة في ذلك وكيف حسموا أمرهم بعدم تجريد النبي من ثيابه فتقول: " لما أرادوا غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا فيه فقالوا : والله ما ندري أنجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثيابه ، كما نجرد موتانا ، أو نغسله وعليه ثيابه ؟ قالت : فلما اختلفوا ألقى الله عليهم النوم ، حتى ما منهم رجل إلا ذقنه في صدره ، ثم كلمهم مكلم من ناحية البيت ، لا يدرون من هو ، أن اغسلوا النبي وعليه ثيابه ، قالت : فقاموا إلى رسول الله ، فغسلوه وعليه قميصه ، يصبون الماء فوق القميص ، ويدلكونه والقميص دون أيديهم ".
كفن الرسول صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيضاء مصنوعة من القطن، وليس فيها قميص أو عمامة.
هكذا تلقى الصحابة وفاة رسول الله
كان لأبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما مكانة خاصة في حياة النبي، فكانا الأقرب إليه صلى الله عليه وسلم، وتزوج من ابنتيهما، وكانت وفاته شديدة الوقع على نفوس الأمة كلها فما بالنا بأقرب الناس إليه؟ كان أول ما قاله عمر حين عرف بوفاته: " إن رجالاً من المنافقين يزعمون أن رسول الله قد توفي ، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما مات ، ولكنه ذهب إلى ربه ، كما ذهب موسى بن عمران ، فقد غاب عن قومه أربعين ليلة ، ثم رجع إليهم بعد أن قيل قد مات ، ووالله ليرجعن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما رجع موسى ، فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات "، أما أبو بكر الصديق، فحين بلغه الخبر دخل مقبلًا النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: "بأبي أنت وأمي، أما الموتة التي كتب الله عليك فقد ذقتها، ثم لن تصيبك بعدها موتة أبدًا"، وخرج ليرد ما قاله عمر وحاول أن يصمته لكنه أبى، فلما رآه كذلك أقبل على الناس، فلما سمعوه أقبلوا عليه وتركوا عمر، حسبما يروي ابن هشام في سيرته.
ثم خطب أبو بكر خطبته الشهيرة قائلًا: " أيها الناس ، إنه من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ، ومن كان يعبدالله فإن الله حي لا يموت ، قال : ثم تلا هذه الآية ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزى الله الشاكرين ) قال :فوالله لكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية نزلت حتى تلاها أبو بكر يومئذ .
وكان وقع الكلمات شديدًا على أبي هريرة رضي الله عنه، فيروي قائلًا : والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها ، فعقرت حتى وقعت إلى الأرض ما تحملني رجلاي ، وعرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات .
فيديو قد يعجبك: