بالفيديو| في ذكرى ميلاده.. فيديو نادر للشيخ الغزالي يقدم فيه "وصية الرسول" للمسلم حين تختل المجتمعات
كتبت – آمال سامي:
تحل اليوم ذكرى ميلاد الشيخ محمد الغزالي، أحد أبرز علماء ومفكري الإسلام في العصر الحديث، واشتهر بكونه علامة فارقة في تجديد الخطاب الديني والفكر الإسلامي، وأيضًا بكونه أحد أبرز مناهضي التشدد والتطرف، وترك لنا إرثًا كبيرًا من المؤلفات المطبوعة، والعديد من الآراء في كثير من القضايا الشائكة، وأيضًا مؤلفات عدة في تصحيح عقيدة المسلم ومنهاج حياته...وفي فيديو نادر على القناة الأولى المصرية، يظهر الشيخ محمد الغزالي رحمه الله في فيديو مسجل منذ أكثر من 41 عامًا، يشرح فيه أحد أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الواردة في صحيح البخاري وهو قوله: "سَتَكُونُ أثَرَةٌ وأُمُورٌ تُنْكِرُونَها، قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، فَما تَأْمُرُنا؟ قالَ: تُؤَدُّونَ الحَقَّ الذي علَيْكُم، وتَسْأَلُونَ اللَّهَ الذي لَكُمْ"..وفي هذا الحديث حسب تعبير الغزالي، وصية دقيقة للمسلم، إن خربت الذمم، وأصبح كل فرد في المجتمع يبحث عن مصلحته الخاصة أولًا، وحقه، ثم رغم ذلك، يغمط الناس حقوقهم.
يبدأ الغزالي في شرح حديث النبي صلى الله عليه وسلم موضحًا أن النبي ينبه في هذا الحديث أن المجتمعات من بعده قد يصيبها خلل، وقد يقع فيها شيء من الفوضى أو الإضطراب، مشيرًا إلى أن المجتمع المختل تلحظ عليه أمارات تسجل ويعرف بها، ومن هذه الأمارات أن الشخص يحب أن يأخذ ولا يحب أن يعطي، فيطلب ما هو له ويتكاسل عما هو مفروض عليه، كالمطففين الذين وصفهم القرآن الكريم بقوله: " وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ، الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ، وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ"، فهم فيما لهم في الحق لا يقصرون في الطلب ولا في الاستيفاء ولكن إذا كانت عليهم للناس حقوق نكصوا على أعقابهم ولم يؤدوها، يقول الغزالي: "هذا مجتمع مختل لأن الذين يمثلون طرف العمل لا يريدون أن يعملوا ويريدون أن يؤجروا، فالمجتمع الصحيح أن تؤدي ما عليك وأن توفى ما لك، فإذا قمت بالحق الذي طلب منك فيجب أن يبذل لك أجرك دون نقص".
لكن، ربما يحدث أن يستشري الخلل حسبما يقول الغزالي، فتضطرب الأوضاع، فيؤدي المرء العمل فلا يجد الأجر الذي ينبغي أن يأخذه، وهو ما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث وصية دقيقة، حسب تعبير الغزالي، فحين قال"ستجدون بعدي أثرة" أي ربما غلب الحرص والجشع بعض الناس فحازوا الخير لأنفسهم ولم يبذلوه بين الناس، وربما قسموا وجعلوا النصيب الأكبر لهم والنصيب الأقل لغيرهم، "وأمور تنكرونها" أي تزنوها بميزان الدين والإيمان والخلق فتجدوها بعيدة عنها، وسأله أصحابه رضوان الله عليهم عما يفعلون في هذا الحال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وصية دقيقة، يقول الغزالي: "وإنما أقول دقيقة لأنها تحتاج لرجل ذو ضمير وذو عقل كي يفهمها"، وهي أن يؤدي المؤمن ما عليه ويسأل الله ما له، ومعنى ذلك أنه إذا قصر الناس معه فلا ينبغي أن يقصر هو، فإن كان عليه واجب فليكن عادلًا فاضلًا ويكن أهل بر وقسط ومثاليًا، "فيشق على الإنسان كثيرًا أن يهضم ذاته وأن يؤدي العمل كاملًا وهو يعلم أنه لن يؤتى الأجر إلا ناقصًا، لكن النبي صلى الله عليه وسلم لا يريد أن يظلم المجتمع ولا أن تضيع المصلحة العامة".
ويضرب الغزالي مثالًا بالطبيب الذي يرى أن مكافأته أو أجره أقل من حقه، موضحًا أن ليس معنى ذلك أن يستهين بالكشف وألا يجري الجراحة المطلوبة منه إجراءًا سليمًا يحرص فيه على مصلحة المريض ويؤدي حق الله كاملًا، "النبي يوصي في هذه الأحوال أن يكون الإنسان مثاليًا، فلا بأس أن يهضم نفسه ويتحمل بعض الغمط في حقه"، ولكن، يقول الغزالي، أن عليه ألا يستهين بالمصلحة العامة لأنه ظلم فيقول علي وعلى أعدائي، "الإسلام هنا يقول أد الذي عليك".
ويؤكد الغزالي أن هذا ليس معناه أن يترك حقوقه كاملة وينساها وأن يريقها على التراب فيتكون مجتمع يستهين بالضعاف وبأصحاب المثل فلا يبالي بهم ولا يسعى لإعطائهم حقوقهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول :"سلوا الله الذي لكم" أي لا تنسوا أن لكم حقوقًا، أطلبوها من المجتمع واستعينوا بالله على طلبها، ولكن إذا تأخرت هذه الحقوق فلا تخونوا المجتمع، "أحتسب فضل تعبك عند ربك...أد ما عليك ولا بأس أن تكون جنديًا مجهولًا.. فربما قبول ذلك يكون خيراً لك في عاجله أو آجله".
فيديو قد يعجبك: