الأزهر: النملة التي كلمت النبي سليمان أنثى من فرقة الاستطلاع وسمعت الجيش على بُعد 5 آلاف متر
كـتب- علي شبل:
عقد الجامع الأزهر اللقاء الفقهي الأسبوعي بعنوان "أمة النمل بين الإعجاز البلاغي والإعجاز العلمي بالقرآن الكريم"، واستضاف فضيلة أ.د مصطفى إبراهيم حسن، عضو لجنة الإعجاز العلمي بمجمع البحوث الإسلامية وأستاذ الحشرات بكلية العلوم جامعة الأزهر، وفضيلة د. هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر، وأدار الحوار د. مصطفى شيشي، مدير إدارة شئون الأروقة بالجامع الأزهر.
أوضح د. مصطفى إبراهيم حسن، أنه من خلال تدبر آيات القرآن الكريم نجد أنه قد سبق العلم بالكثير من الحقائق العلمية، وأن المتمعن في سورة النمل سيجد أنها تحدثت عن ثلاث ممالك مملكة سليمان، ومملكة سبأ و مملكة النمل، التي أبهرت العالم من حيث النظام والترتيب الشديد، فأفراد هذا المجتمع يقومون بالعمل وكل واحد منهم له دور يقوم به كالبشر تماماً، وقد تبلغ مساحة مجتمع أو وادي النمل حوالي ٦٠٠٠ كم كما في أوروبا.
كما أشار أستاذ الحشرات بكلية العلوم، أن المتحدث في الآية الكريمة {حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ }كانت نملة أنثى وكأنها من فرقة الاستطلاع، وفي تدبر الآية الكريمة نجد أن النملة قد أخذت بزمام المبادرة وقامت بتحذير بني جنسها بالخطر الوشيك، كما أنها آثرت المصلحة العامة على المصلحة الخاصة واقترحت الحلول لإنهاء أزمة الهجوم والاحتماء بمساكنهم، وتقديم حسن الظن بعد علم جيش سليمان بأماكن تواجد النمل، فمجتمع مملكة النمل به العديد من الطوائف التي لها وظائف محددة فمنهم الجنود المسؤولون عن الدفاع عن الوادي، ومنهم الشغالات المسؤلة عن نقل البيض الذي تضعه الملكة والذي قد يصل إلى أكثر من ١٠ ملايين بيضة في العام الواحد، كما أنها تقوم على تربية الصغار، ومنهم المهندسون المسؤولون عن البناء والتشييد إلى غير ذلك ممن يقومون بأعمال تكاملية داخل هذه المستعمرة العجيبة، التي قد يبلغ ارتفاع المسكن الواحد فيها أكثر من ٣ أمتار في حين لا يتعدى حجم النملة الواحدة ١ مليمتر، وتستطيع حمل طعام أكثر من حجمها بخمسين مرة.
ولفت د. مصطفى إبراهيم، إلى أنه من الملحوظ في الآية أن النمل ليس نوعا واحدًا، وإنما هناك أنواع متعددة تصل إلى أكثر من ١٤٠٠٠ نوع، موضحًا أن العلم الحديث أثبت أن النملة تتكلم عن طريق ما يشبه قرون الاستشعار التي تقوم بتحريكها على أكثر من ٣٠٠ وتر على ظهر النملة تصدر عن طريقها أصوات التحذير أو شن الهجوم أوالدعوة إلى العمل، وتختلف هذه الأصوات باختلاف أنواع النمل وأماكن سكنه، و لكن صوتها لا يصل للبشر، كما أن لديها العديد من العيون والآذان فلقد سمعت النملة صوت تحرك جيش سيدنا سليمان عليه السلام على بعد ٥٠٠٠ مترًا.
كما استعرض د. مصطفى إبراهيم، بعض وظائف النمل فمنهم النمل الاستعماري، والنمل المسالم، والنمل المزارع الذى يضع أوراق الشجر في المساكن ويزرع فطريات في أوراق الشجر بعد التخمر للحصول على البروتين اللازم، كما أن هناك النمل الراعي الذي يقوم بالتربية، والنمل الذي يأخذ عصارة حشرة المَن من على الأشجار للحصول على السكريات، كما أن هناك النمل المفرد ،والنمل الحاضن، والنمل المحارب، ومن عجائب الله يقوم الأخير بضرب رأسه بالأرض لإخافة الكائنات الأخرى لدرجة أن هذا الجيش من النمل لو اعترضه أي كائن آخر مهما كان حجمه، يستطيع التغلب عليه لأنه يقوم بعضه بفكيه، أو يقوم بحقنه بحمض الفورميك مما يؤدي إلى هلاكه، كما أن من عجائب صنع الله فى النملة أنه أعطاها أدوات في أرجلها تشبه المشط لتنظيف نفسها.
من جانبه قال الدكتور هاني عودة، مدير الجامع بالأزهر، إن الزاوية العلمية في تفسير القرآن، تكشف لنا عن جوانب جديدة من هذا الكتاب العظيم، وتُظهر لنا مدى توافقه مع الحقائق العلمية، فالحق سبحانه تعالى لم يأت بالقرآن ليكون كتابًا أدبيًا أو تاريخيًا فقط، بل هو كتاب علم ومعرفة، كما أن فهم الإعجاز القرآني لا يتأتى إلا من خلال لغة بليغة ومليئة بالمفردات، وهو ما يفسر اختيار الحق سبحانه وتعالى للغة العربية كلغة لكلامه الكريم، إذ أن بلاغة هذه اللغة وسعتها اللغوية هما الركيزة الأساسية لفهم الإعجاز القرآني العظيم وتدبر معانيه، وهو ما يظهر في استخدام لفظة "ليحطمنكم" التي تدل على معنى التحطيم والتكسير والذي أثبت العلم بعد ذلك أن النمل الغطاء الخارجي لجسده من العظم.
وأضاف عودة أن الإيمان بالغيب هو ركيزة أساسية من ركائز الإيمان بالله، وهو ما يميز المسلم عن غيره، هذا الإيمان يدفعنًا إلى تصديق كل ما جاء به القرآن الكريم من أخبار وقصص، حتى وإن كانت تتعلق بأمور غيبية لا نراها بأعيننا، وما أثبته العلم الحديث من صدق الكثير مما جاء في القرآن ليس إلا دليلًا إضافيًا على عظمة هذا الكتاب، ولكنه ليس هو الدافع الأساسي للإيمان بالله، فالمؤمن يؤمن بكلام الله تعالى إيمانًا مطلقًا، وما ورد من إعجاز في القرآن الكريم، إنما جاء ليكون حجة على المنكرين، ويقطع الطريق عليهم في التشكيك في كتاب الله وصدق ما جاء به من تشريع.
من جانبه، أوضح الدكتور مصطفى شيشي، مدير إدارة شئون الأروقة بالجامع الأزهر، أن التدبر في كتاب الله ليس مجرد قراءة الآيات، بل هو الغوص في أعماق المعاني، والتأمل في الحكم والأسرار البالغة، لأن الغاية الأسمى من هذا التدبر هو الوقوف على المعاني الجليلة التي لا تزال تكشف لنا عن أسرار الكون وعظمة الخالق، والتي تؤكدها الاكتشافات العلمية الحديثة، وتكشف عن أسرار هذا الكون التي أشار إليها القرآن منذ آلاف السنين، مما يزيد إيماننا، كما أن التدبر في القرآن الكريم يغير القلوب ويصلح النفوس، ويقرب العبد من ربه، ويرشده إلى طريق السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة.
ونظم الجامع الأزهر اليوم، ملتقى "التفسير والإعجاز" تحت عنوان: "أمة النمل بين الإعجاز البلاغي والعلمي" وذلك بحضور كل من؛ أ.د مصطفى إبراهيم، الأستاذ بكلية العلوم جامعة الأزهر وعضو لجنة الإعجاز العلمي بمجمع البحوث الإسلامية، والدكتور هاني عودة عواد مدير عام الجامع الأزهر، وأدار الحوار الدكتور مصطفى شيشي مدير إدارة شئون الأروقة بالجامع الأزهر الشريف".
يذكر أن ملتقى "التفسير والإعجاز" يُعقد الأحد من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر وبتوجيهات من فضيلة الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، ويهدف الملتقى إلى إبراز المعاني والأسرار العلمية الموجودة في القرآن الكريم، ويستضيف نخبة من العلماء والمتخصصين.
اقرأ أيضًا:
علي جمعة يوضح المراد من قول النبي "العهد الذى بيننا وبينهم الصلاة؛ فمن تركها فقد كفر"
سنة أم بدعة؟.. أستاذ بالأزهر يوضح حكم القيام عند مرور الجنازة
فيديو قد يعجبك: