أدلة من الكتاب والسنة ترد على شبهة الاكتفاء بالقرآن وترك السُنة
القاهرة- مصراوي:
تتردد بين حين وآخر دعوات مفادها الاكتفاء بالقرآن مصدراً وحيداً للتشريع وأن السنة النبوية ليست المصدر الثاني للتشريع، وإنما هي تفعيل الرسول- صلى الله عليه وسلم- للنص القرآني فقط، ما يثير شبهات حول عدم التمسك بما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم من أقوال وأفعال ثبتت صحتها في كتب السلف الصالح والتابعين، وقد رد مرصد الأزهر على تلك الدعوات مفنداً ما أثير من شبهات حول الموضوع:
أدلة من كتاب الله - عز وجل - على تكفل الله بحفظ السنة النبوية:
قوله عز وجل: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ}.. [القيامة : 17 - 19]، فهذا نص صريح يدل على أن الله - عز وجل - قد تكفل بحفظ السنة على وجه الأصالة والاستقلال على طريق اللزوم والتتبع؛ لأنه تكفل فيه ببيان القرآن في قوله عز وجل: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} أي: بيان القرآن، والبيان كما يكون للنبي - صلى الله عليه وسلم - يكون لأمته من بعده, وهو يكون للنبي - صلى الله عليه وسلم - بالإيحاء به إليه ليبلغه الناس، وهو المراد من قوله عز وجل: {وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ}.. [النحل : 64].
فالسنة النبوية على هذا منزلة من عند الله (بوحي غير متلو)، وفي هذه الآيات السابقة - آيات سورة القيامة - دليل على أن الله تكفل بحفظ السنة، كما تكفل بحفظ القرآن، وتحقيقا لهذا الوعد الكريم من الله - عز وجل - هيأ الأسباب لحفظها، والذود عن حياضها، فأثار في نفوس المسلمين عوامل المحافظة عليها، والدفاع عنها، فكانت موضع اهتمامهم، ومحل تقديرهم ورعايتهم منذ أن أشرقت شمسها إلى يومنا هذا، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
الدليل من السنة النبوية على تكفل الله - سبحانه وتعالى - بحفظ سنة نبيه صلى الله عليه وسلم:
فقوله صلى الله عليه وسلم: «أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن عبدا حبشيا، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة».
وقوله صلى الله عليه وسلم: «تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما، كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض».
ففي هذه الأحاديث وغيرها يخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن له سنة مطهرة تركها لأمته، وحثهم على التمسك بها، والعض عليها بالنواجذ، ففي اتباعها الهداية، وفي تركها الغواية، فلو كانت سنته المطهرة غير محفوظة، أو يمكن أن يلحقها التحريف أو التبديل، فلا يتميز صحيحها من سقيمها - ما طالب أمته بالتمسك بها من بعده، فيكون قوله مخالفا للواقع، وهذا محال في حقه - صلى الله عليه وسلم - فأمره بالعمل بها يدل على أنها ستكون محفوظة.
فيديو قد يعجبك: