إعلان

ما لا تعرفه عن "مدرسة الحديث" في الفقه الإسلامي وأبرز مذاهبها: "المالكية" (2)

06:11 م الأربعاء 26 أغسطس 2020

الامام مالك

كتبت – آمال سامي:

أهل الرأي وأهل الحديث.. هكذا نسمع المصطلح حول انقسام أهل الفقه إلى قسمين دون أن يعرف البعض ما المقصود بأهل الرأي وأهل الحديث، وفي التقرير السابق تحدث مصراوي عن نشأة علم الفقه الإسلامي ذاكراً بإيجاز كيف نشأت المدارس الفقهية، والآن، نتحدث عن مدرسة أهل الحديث بقدر من التفصيل، ذلك لأنها نشأت أول ما نشأت في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم وعرفت باسم مدرسة المدينة باعتبارها مهد السنة ومأوى الفقهاء..

سمات مدرسة أهل الحديث وأبرز علمائها

تستمد مدرسة أهل الحديث أصول منهجها من شيوخها الأوائل من الصحابة الكرام، وأبرزهم عبد الله بن عمر رضي الله عنه وزيد ابن ثابت، وقد عرف عبد الله بن عمر رضي الله عنه بحرصه على تتبع آثار الرسول صلى الله عليه وسلم والاعتزاز به، وتلاه الفقهاء السبعة بالمدينة، وهم: ابن المسيب، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، وخارجة بن زيد، وسالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وأبان بن عثمان، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وأبا بكر بن عبد الرحمن بن حارث بن هشام، وسليمان بن يسار، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود. يقول عمر الأشقر في كتابه "المدخل إلى الشريعة والفقه"، ان رياسة مدرسة المدينة انتهت إلى الإمام مالك رحمه الله، فيقول عنه ابن تيمية: "مالك أقوم الناس بمذهب أهل المدينة رواية ورأيًا، فإنه لم يكن في عصره ولا بعده أقوم بذلك منه".

ويقول الأشقر إن السر في تسميتهم بأهل الحديث هو اهتمامهم بتحصل الأحاديث ونقل الأخبار وبناء الأحكام على النصوص، وكانوا يكرهون الخوض بالرأي، ولمدرسة الحديث الفضل بالسبق تدوين السنة لذلك، فقد جمع علماءها السنة وخلصوها بما شابها من أحاديث موضوعة ولا تصح عن رسول الله، فدونوا الأحاديث ووضعوا القواعد والضوابط التي يحكم بها على عدالة الرجال، فنشأ علم مصطلح الحديث والجرح والتعديل.

كتاب "الموطأ" نموذج لمنهج مدرسة الحديث

يمثل كتاب "الموطأ" للإمام مالك منهج هذه المدرسة الذي تلقاه عمن قبله من الصحابة، وكان الخليفة أبو جعفر المنصور من طلب من الإمام مالك كتابة الموطأ، فقال: "يا أبا عبد الله ضع الفقه ودوّن منه كتبا وتجنّب شدائد عبد الله بن عمر، ورخص عبد الله بن عباس، وشوارد عبد الله بن مسعود، واقصد إلى أواسط الأمور، وما اجتمع إليه الأئمة والصحابة، لتحمل الناس إن شاء الله على عملك، وكتبك، ونبثها في الأمصار ونعهد إليهم ألا يخالفوها"، وقيل أن الذي طلب منه ذلك هارون الرشيد، المهم أن الإمام مالك شرع في كتابة هذا المؤلف بغرض تدوين الفقه وجمع مسائله لكنه رفض فيما بعد أن يتم تعميمه في الأمصار قائلًا حسبما نقل ابن كثير: " إن الناس قد جمعوا واطلعوا على أشياء لم نطلع عليها"، ويقول مناع القطان في كتابه "تاريخ التشريع الإسلامي" أن الإمام مالك كان أول من عرف بالتدوين والتأليف في الإسلام، فكتابه الموطأ هو أقدم مؤلف معروف.

وكتاب الموطأ هو كتاب حديث وسنة وفقه، واتبع فيه مالك منهج ذكر الأحاديث في الموضوع الفقهي الذي اجتهد فيه، ثم يذكر فيه عمل أهل المدينة المجمع عليه، وبعده رأي من التقى بهم من التابعين وأهل الفقه بالمدينة، ثم الرأي المشهور بالمدينة، فإن لم يجد من ذلك شيء فيجتهد على ضوء الأحاديث والفتاوى التي عنده.

ما هي أصول مذهب الإمام مالك؟

يوضح لنا مناع القطان في كتابه السابق ذكره أصول مذهب الإمام مالك كما استنبطها منه تلامذته، والأصول هي ما يصح أن يستنبط منه الفروع، وهذه الأصول تتمثل في :

1. القرآن الكريم

2. السنة النبوية الشريفة

3. عمل أهل المدينة: اعتبارًا أن أهل المدينة حيث أقام الرسول وأصحابه أعرف الناس بالتنزيل.

4. قول الصحابي: فإذا لم يرد حديث صحيح في المسألة عن النبي فإن قول الصحابي في مذهب مالك يصبح حجة إذا لم يعرف له مخالف.

5. المصالح المرسلة: وهي جلب منفعة أو دفع مضرة لم يشهد لها الشرع بإبطال ولا اعتبار معين.

6. القياس: وهو يأتي حين لا يوجد نص من كتاب أو سنة أو قول صحابي أو إجماع من أهل المدينة فيفتي في المسألة قياسًا على أخرى ثبتت بنص.

7. سد الذرائع: وهي التذرع بفعل جائز إلى عمل غير جائز، وهي مما يجب الامتناع عنه باعتبار أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.

انتشر المذهب المالكي في المدينة المنورة والحجاز بالطبع بالإضافة إلى مصر وباقي دول شمال إفريقيا.

اقرأ أيضاً..

- مبروك عطية يوضح مفهوم الحديث: "من غشنا فليس منا"

- بالحديث النبوي.. هكذا يمكنك التغلب على وسوسة الشيطان في الصلاة

- هذا وعد الله ونبيه لكل شهيد.. تعرف عليه من السنة الشريفة

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان