السجود في الصلاة وما يحدث أثناءه!!
إن أعجب شيء في وضع السجود هو أنه يجعل الدورة الدموية بكاملها تعمل في ذات الاتجاه الذي تعمل به الجاذبية الأرضية فإذا بالدماء التي طالما قاست من التسلق المرير من أخمص القدم إلى عضلة القلب وإذا بها في حال السجود قد تدفقت منسكبة في سلاسة ويسر من أعلى إلى أسفل.
إنها أهم حركة في الصلاة بأسرها، إذ أنها تقوم على ارتجاع الدماء إلى القلب، وتحت تعليمات دقيقة ومحددة أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تؤدي هذه الحركة على المنوال التالي:
- ينبغي أن يطمئن الوجه تماماً في ملاصقته للأرض.
- ويبقى الجذع معلقاً ومستقراً في ثبات على أعظم الوجه والكفين والركبتين وأطراف أصابع القدمين المتجهتين إلى القبلة.
- وهناك نهي صريح عن استراحة الجذع فوق الكوعين، أو الزندين بل على العكس ينبغي أن يبقي الكوعين على أقصى بعد ممكن من الجذع ذاته.
- وعلى المصلي أن يتجنب قطعياً انحناءات الظهر عند السجود، بل على الظهر أن يبقى مشدوداً بلا عوج.
- والفخذان تستقران في الوضع العمودي على الركبتين في حالة شبه استرخاء كامل.
- أما عن الساقين فكلاهما يرتكن على أطراف القدم التابعة له، فيما يبقى من جهته الأخرى مثبتاً على مفصل الركبة لذات الطرف السفلي، ولننظر الآن تأثير تلك الهيئات في حال السجود على جسم المصلي:
إن التغيرات الوريدية العضلية حال السجود يحدث فيها ما يلي:
1. يتم شد الظهر وتجنب أي انحناء فيه بالاعتماد تماماً على أكبر انقباض للعضلة الظهرية الناصبة والتي تمتد منطقة عملها من العنق وحتى العصعص (لاحظ التعاليم النبوية بتجنب الاعتماد على الكوعين في السجود مما يطلق يد العضلة المذكورة في العمل بلا عرقلة).
2. يحدث تمدد العنق تحت فاعلية العضلة الرأسية العنقية ذات الأهمية المعروفة من ناحية الارتجاع الوريدي للدماء.
3. انثناء البطن في الوضع الساجد يتم بتظافر العضلة البطنية الأمامية في جدار البطن مع جاراتها المائلات العاملات معها في تفاهم كامل.
4. ثني مفصل الفخذ بالعضلة الممتدة من الإلية لأعلى الفخذ.
5. انثناء مفصل الركبة، بينما تعتمد الساق على أطراف الأصابع المنتصبة باتجاه القبلة يعطي حالة من الاسترخاء التام لمجموعات العضلات الواقعة في منطقة الفخذ.
6. وكذا في هذا الوضع المتميز للساق ترتاح عضلات السمانة (خلف الساق) وتتراخى تماماً، بينما يساعد الوضع المنحدر من الخلف إلى الأمام إلى تدفق الدماء بمساعدة العون القيم الذي تسديه الجاذبية الأرضية.
7. أما مفصل الكعب فيلزم وضع الانثناء الظهري له، وذلك لثبات القدم على أطراف الأصابع المستقرة على الأرض.
8. ارتجاع الدماء الوريدية تحت تأثير الجاذبية الأرضية:
إن متوسط الضغط الواقع على ظاهر القدم أثناء الوقوف (93.70سم/ ماء) بينما في حالة السجود الأول (3سم/ ماء)، وكما علمت فإن شد الظهر واستقامته تؤديه العضلة الناصبة الظهرية حيث تطرد دماءها الغزيرة إلى تيار الدم المتدفق في الأوعية الدموية الكبرى، التي تقع هذه المرة في مستوى أعلى من مستوى عضلة القلب مما يدفع بالدماء إليه في سرعة ويسر تحت معاونة عجلة الجاذبية الأرضية، والعنق كما سبق بما خلفها من العضلة العنقية الرأسية، إذ تنقبض فتقذف بأغلب دمائها المنتشرة في الشبكة الدموية السخية.
في هذا الوضع المميز، وتحت تأثير انضغاط التجويف البطني، مع الانقباض النسبي لعضلات جدار البطن الأمامي، فإن الزيادة الحادثة في الضغط داخل تجويف البطن تؤدي بالضرورة إلى اعتصار الدماء التي تشق طريقها بغير عناء كبير، أو عرقلة في الاتجاه المتاح أمامها نحو عضلة القلب، التي تقبع في أدنى مستوى من الدورة الدموية متلقية إمدادات الدماء الهاوية إليها من المستويات الأعلى.
ومما يزيد من سرعة ارتجاع الدماء نحو القلب وتداعيه إليه من كل عرق بعيد، تلك القدرة العجيبة للقلب على تخليق الضغط السالب المؤدي إلى سحب الدماء سحباً من تجاويف الأوردة الكبرى الواصلة إليه، مضافاً إلى ذلك القدرة الماضية للجاذبية الأرضية.
ونتيجة للارتخاء المفاجئ لعضلات سمانة الساق، فإن قوة من السحب السالب للدماء من الأوردة السطحية إلى العميقة تتولد مخلفة أوردة الساق السطحية، وهي خاوية من غالبية الدماء التي كانت تضغط بكل قواها على جدرانها.
وأخيراً فإن وضع الأقدام منتصبة على أطراف الأصابع أثناء السجود يؤدي إلى انقباض المضخة الوريدية داخل أوعية القدم، مما يزيد في كفاءة ارتجاع الدماء الوريدية.
وهكذا فإن عمل مضخات الطرفين السفليين يتم في جو من اليسر والتشجيع من أجل تفريغ الأوردة السطحية إلى العميقة، في نتيجة نهائية بالراحة التامة لتلك الأوردة السطحية الواقفة وحدها بلا عون أمام تيار متواصل لا ينقطع من الدماء الوريدية الدافقة.
المصدر: موقع جامعة الإيمان
فيديو قد يعجبك: