شبهات وردودٌ حول الحجّ (3): الحج جائز خلال الأشهر الحرم وليس خاصًّا بيوم عرفة
كتب - أحمد الجندي:
أجاب مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية على شبهة "إن الحج جائز خلال الأشهر الحرم، وليس خاصًّا بيوم عرفة (اليوم التاسع من ذي الحجة)، وبناء عليه يقترحون أن يوزَّع الحج على الأشهر الحرم؛ لكي نتفادى الزحام الذي يحدث كل عام، ويستدلون على ذلك بقوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة:197]، وبأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحج مرة ثانيةً في نفس التوقيت؛ حتى نتأكد أنه أمر توقيفيٌّ أوحاه الله إليه".
وصحّح المركز فى معرض رده على تلك الشبهة بأن الله تعالى فرض الحج على المسلمين وجعله في أيام معلومات، وجعل يومَ عرفة يومَ الحج الأكبر، وهذا التحديد الزماني والمكاني من الأمور التوقيفية –أي: متوقف فيها على القرآن والسنة والإجماع- التعبُّدِيَّةِ –التي تعبَّدَنا اللهُ بها-، فلا مجال للتغيير فيها بالعقل.
وتابع مركز الأزهر: ادَّعاؤهم أن الحجَّ جائزٌ خلالَ الأشهر الحرم، مستدلِّين على ذلك بقوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} فهذا باطلٌ من وجوه، لأن الأشهر المعلومات غير الأشهر الحرم، فالأشهر الحرم قد ذُكرت إجمالًا في القرآن قال تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} [التوبة:36]، فجاءت السنة النبوية –كعادتها- لتفسر وتبيِّنَ ما أجمله القرآن الكريم؛ فعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الزَّمَانَ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ» أخرجه البخاري
وأما الأشهر المعلومات فقد قال ابن عمر: هي شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة. ذكره البخاريُّ في صحيحه معلَّقًا بصيغةِ الجزْمِ، إذن الأشهر المعلومات ليست هي الأشهر الحرم كما يقولون.
وأكد المركز على أن الحج عبادة لها ميقاتٌّ زمانيٌّ، وآخر مكاني، والكلام هنا على الأول، وقد قال تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ}، وقد سبق بيان الأشهر المعلومات، ومعنى الآية: أنه لا يجوز الإحرام بالحج قبل هذه الأشهر، وفي أثناء هذه الأشهر يجوز للمسلم أن يحرم للحج فيها، وبناءً على ظاهر النص فلو أحرم للحج في غير هذه الأشهر لم يصح الإحرام على الراجح، وهذا هو المراد بكونها {مَعْلُومَاتٌ} أنها مؤقتة بأوقات معينة، لا يجوز تقديمها ولا تأخيرها عنها.
فيديو قد يعجبك: