في ذكرى وفاة الصحابي الذي عادى الله من عاداه وأبغض الله من أبغضه.. تعرف عليه
كتبت- آمال سامي:
تحل في مثل هذا اليوم التاسع من صفر، ذكرى وفاة الصحابي الجليل عمار بن ياسر، الطيب المطيب، الذي حين اختلف المسلمون في الفتنة الكبرى، فرّق الله به بين الحق والباطل بقول رسوله أن عمارًا تقتله الفئة الباغية، وكان رضي الله عنه ووالداه من أوائل من أسلموا ومن عذبوا في سبيل الله، وقال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من عادى عمارا عاداه الله ومن أبغض عمارا أبغضه الله".
جاء أبوه وأخواه الحارث ومالك من اليمن إلى مكة يطلبون أخًا لهم، ورجع أخواه لكنه آثر البقاء في مكة، وحالف أبا حذيفة بن المغيرة، ثم زوجه جاريته سمية، فلما ولدت عمار اعتقه أبو حذيفة فاصبح مولى لبني مخزوم، وكان ياسر وزوجته سمية وابنهما عمار من أوائل من استجاب لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان بنو مخزوم يخرجون بعمار وابيه وامه في شمس وصحراء مكة يعذبونهم بها، فيمر بهم الرسول صلى الله عليه وسلم ويقول: صبرًا آل ياسر، موعكم الجنة. وسمية هي أول شهيدة في الإسلام حيث قتلها أبو جهل بطعنة بحربته في قبلها حتى قتلت، وكان عمار بن ياسر يعذب حتى لا يدري ما يقول، يصف لنا ذلك خالد محمد خالد في كتابه رجال حول الرسول، فيورد ما فعله المشركين بعمار حين قالوا له وهو تحت وطأة التعذيب: اذكر آلهتنا بخير، وأخذوا يقولون له، وهو يردد وراءهم القول في غير شعور، في ذلك اليوم، وبعد أن أفاق قليلا من غيبوبة تعذيبه، تذكّر ما قاله فطار صوابه، وتجسمت هذه الهفوة أما نفسه حتى رآها خطيئة لا مغفرة لها ولا كفارة .. وفي لحظات معدودات، أوقع به الشعور بالاثم من العذاب ما أضحى عذاب المشركين تجاهه بلسما ونعيما.
وفي المستدرك، يروي محمد بن عمار بن ياسر عن أبيه قائلًا أخذ المشركون عمار بن ياسر فلم يتركوه حتى سب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وذكر آلهتهم بخير ثم تركوه ، فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : " ما وراءك ؟ " قال : شر يا رسول الله ، ما تركت حتى نلت منك ، وذكرت آلهتهم بخير قال : " كيف تجد قلبك ؟ " قال : مطمئن بالإيمان قال : " إن عادوا فعد ".
اختلف حول مشاركة عمار بن ياسر في الهجرة إلى الحبشة، لكنه هاجر إلى المدينة وآخى الرسول صلى الله عليه وسلم بينه وبين حذيفة بن اليمان، وشهد رضي الله عنه مع الرسول صلى الله عليه وسلم الغزوات كلها وكان ممن بايعه في بيعة الرضوان، وهي التي نزل فيها قوله تعالى: "لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً".
وبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم شارك عمار في حروب الردة، ويوم اليمامة، وقد أصيب في أذنه فقطعت يومها، وحين كان واليًا على الكوفة في عهد عمر بن الخطاب عيره بها احد العامة قائلًا: يا أجدع الأذن، فرد عليه قائلًا: خير أذني سببت.. لقد أصيبت في سبيل الله.
وفي أحداث الفتنة الكبرى انحاز عمار بن ياسر رضي الله عنه لجانب علي بن أبي طالب، فشارك في موقعة الجمل، ثم صفين، وكان عمره حينها 93 عامًا، واستشهد رضي الله عنه فيها، وفي تلك الواقعة حديث متواتر عن الرسول صلى الله عليه وسلم عن مقتل عمار وهو: "ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار"، فكان مقتله رضي الله عنه مفرقًا بين الحق والباطل.
مما ورد في فضل عمار بن ياسر رضي الله عنه
عن وكيع قال ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن هانئ بن هانئ عن علي قال: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه و سلم فجاء عمار يستأذن فقال ائذنوا له مرحبا بالطيب المطيب.
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم بن سمية ما خير بني أمرين إلا اختار ارشدهما
وقال عنه علي بن أبي طالب: مؤمن بر وإن ذكرته ذكر وقد دخل الإيمان في سمعه وبصره وذكر ما شاء الله من جسده.
وروي خالد بن الوليد أن كان بينه وبين عمار كلامًا فانطلق عمار يشكوه إلى الرسول صلى الله عليه و سلم: فأتى الرسول صلى الله عليه و سلم وهو يشكوني فجعل عمار لا يزيده إلا غلظة ورسول الله صلى الله عليه و سلم ساكت، فبكى عمار وقال: يا رسول الله ألا تسمعه قال فرفع رسول الله صلى الله عليه و سلم رأسه فقال: من عادى عمارا عاداه الله ومن أبغض عمارا أبغضه الله. قال: فخرجت فما كان شيء أبغض إلى من غضب عمار فلقيته فرضي.
فيديو قد يعجبك: