لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

في ذكرى مولد الشيخ علي البيومي.. الإمام العابد وسلطان الموحدين

02:13 م الخميس 07 مارس 2019

كتب – هاني ضوه :

كانت مصر دائمًا وأبدًا منبتًا للعلماء والأولياء الصالحين، وهي ميزة قد منّ الله بها على هذه البلاد المباركة، فلا نجد مدينة ولا قرية إلا وفيها عالمًا بارزًا أو وليًا من أولياء الله الصالحين الذي تلقوا العلوم الشرعية عن الأكابر وساروا يعملون بها ويطبقونها بين الناس فأصبح لهم الكثير من التلامذة والمريدين.

ومن هؤلاء الأولياء الإمام الشيخ علي البيومي رضي الله عنه الذي تحل ذكرى الاحتفال بمولده هذا اليوم، حيث ولد تقريبًا في عام 1108م كما قال علي باشا مبارك في كتابه "الخطط التوفيقية"، وذلك في قرية "بيوم" إحدى القرى التابعة لمنية غمر ( ميت غمر حاليًا) التابعة لمحافظة الدقهلية.

وهو عالم شريف النسب، يقول عنه الجبرتي في كتابه "عجائب الآثار في التراجم والأخبار": "هو الإمام الولي الصالح المعتقد المجذوب العالم العامل الشيخ علي ابن حجازي بـن محمـد البيومي الشافعي الخلوتي ثم الأحمد علي بن حجازي بن محمد البيومي الحسني الإدريسي الشاذلي الخلوتي الدمرداشي رضى الله عنه".

تربى علي البيومي في عائلة من الصالحين فحفظ القرآن الكريم كاملًا وهو لا يزال صغير السن، ثم التحق بالأزهر الشريف ليدرس علوم الشريعة على أيدي كبار علماء عصره، فنهل من علمهم بالسند المتصل مختلف العلوم، فدرس الحديث على يد الشيخ عمر بن عبد السلام التطواني المغربي، وترقى في طلب العلم حتى أصبح يشار إليه بالبنان.

ليس ذلك فحسب بل سلك طريق التصوف حتى صار فيه من الأعلام، فأخذ في البداية الطريقة الخلتية، ثم الطريقة الأحمدية التي تنسب إلى سيدي أحمد البدوي رضي الله عنه، فسلك فيها وكان رضي الله عنه يسكن منطقة "الحسينية" في القاهرة، ويعقد حلق الذكر في مسجد الظاهر خارج الحسينية، وكان يقيم به هو وجماعة، وكان يلقبه مريديه بـ "سلطان الموحدين".

اجتمع حلوة مئات المريدين الذين اتبطوا به لصلاحه وعلمه وتقواه، فالتزموه ورافقوه، وكـان يعقـد الذكـر بالمشهـد الحسينـي فـي كـل يـوم ثلاثـاء، ويأتـي هو مريديه إلى هناك يذكرون الله في صحن المسجد إلـى الضحـوة الكبـرى.

وكان رضي الله عنه يلبس قميصًا أبيضًا، وطاقية بيضاء، ويعتم عليها بقطعة شملةٍ حمراء، لا يزيد على ذلك شيئًا، لا شتاءً ولا صيفًا.

وبإيعاز من الشيخ عبدالله الشبراوي شيخ الأزهر حينها قام الشيخ علي البيومي رضي الله عنه بالتدريس في الجامع الأزهر الشريف فقـرأ فـي "الطيبرسيـة الأربعين النووية"، وحضره غالب العلماء وطلبة العلم، وقـر لـه مـا بهـر عقولهـم"‏.‏

وللشيخ علي البيومي مؤلفات كثيرة ومفيدة ومتنوعة، يستفيد منها طلاب العلم حتى الآن، من بينها: كتاب "المربع في المذاهب الأربع"، و"شرح الجامع الصغير"، و"شرح السيرة الأحمدية"، و"رسالة في الحدود"، " وشرح الحكم لابن عطاء الله السكندري"، و" شرح الإنسان الكامل للجيلي"، و"شرح شرح حكم أبي مدين المغربي"، و"رسالة التنزيه المطلق" وغيرها الكثير من المؤلفات المهمة.

وله في النصوص كتب مثيرة منها رسالة الفوز والانتباه، ورسالة فتح الرحمن والأنوار الجلية والنور الساطع، وشرح الأسماء الإدريسية، وغيرها وله حكم فى فى الزهد والعبادة والتصوف.

وذكر الجبرتي أن الشيخ علي البيومي رضي الله عنه كان له الكثير من الكرام والأثر الكبير في تغيير أحوال العصاة إلى الطاعة، فيقول عنه: "كان يتوّب العصاة من قطاع الطريق ويردهم عن حالهم فيصيرون مريدين له وذا سمعته من الثقات ومنهم من صار من السالكين، وكان تارة يربطهم بسلسلة عظيمة من حديد في عمدان مسجد الظاهر، وتارة بالشوق في رقبتهم يؤدبهم بما يقتضيه رأيه‏".

ويكمل الجبرتي فيقول: " ولما كان بمصر مصطفى باشا مال إليه واعتقده وزاره، فقال له‏:‏ إنك ستطلب إلى الصدارة في الوقت الفلاني فكان كما قال له الشيخ‏.‏ فلما ولي الصـدارة بعـث إلـى مصـر وبنى له المسجد المعروف به بالحسينية وسبيلًا وكتابًا وقمة وبداخلها مدفن للشيخ علي البيومي على يد الأمير عثمان أغا وكيل دار السعادة".

توفي الشيخ علي البيومي رضي الله عنه سنة 1183م، وخرجوا بجنازته من داره، وصلُّوا عليه بالأزهر الشريف، ورجعوا به إلى المسجد، فدفنوه في مقامه الذي أُعدَّ له، ويصف المؤرخون يوم وفاته: "وكان يوم وفاته يومًا لم يُر مثله قطُّ، رفعت الأعلام والبيارق حول نعشه، واجتمعت جميع الطوائف، وأعلنوا بالذكر، وكان يومًا مشهودًا، وهو مقام تلوح عليه الأنوار".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان