في ذكرى توليه مشيخة الأزهر.. الشيخ الفحام الذي جمع بين علوم الأزهر وعلوم "السوربون"
كتبت- آمال سامي:
تولى الشيخ محمد الفحام مشيخة الأزهر في الفترة من 1969 وحتى 1973، أي في مرحلة ما بعد نكسة 67 وكانت تلك المرحلة عصيبة في تاريخ مصر، وكان عمره وقتها 75 عامًا، وكانت حالته الصحية في تدهور مستمر، لكنه حرص على زيارة الجنود المصريين على الحدود ليرفع من روحهم المعنوية، وعلى الرغم من أنه ترك المشيخة في مارس 1973م، إلا أنه صلي مع علماء الأزهر الشريف ومن بينهم الشيخ محمد الذهبي في سيناء بعد عبور القناة..
ولد الشيخ الفحام بالإسكندرية في 13 يونيو عام 1903م، وحفظ القرآن الكريم كاملًا ثم التحق بالمعهد الديني بالإسكندرية، ونظرًا لتميزه بين أقرانه كان أساتذته يثنون عليه ويهدون إليه الكتب العلمية، وكان له موقف بارز مع الإمام الشيخ سليم البشري والشيخ محمد أبو الفضل الجيزاوي، شيخ معهد الإسكندرية الديني الذي أصبح فيما بعد شيخ الأزهر، حيث زارا المعهد أثناء فترة الامتحانات، وسأله الإمام البشري في باب نائب الفاعل، فقال الطالب: إن بعض النحاة يسميه باب المفعول الذي لم يسم فاعله، فقال له الإمام البشري أي العنوانين تفضل؟
فقال الطالب: أفضل عنوان (نائب الفاعل) لسببين: أنه أوجز عبارة؛ ولأن نائب الفاعل لا يكون دائمًا هو المفعول به كأن يكون ظرفًا مثل قولك: سهرت الليلة، أو مصدرًا مثل: كتبت كتابة حسنة، أو جارًا ومجرورًا، مثل: أهذا طالب بالسنة الثانية الابتدائية أم الثانوية؟! ثم قرأ له الفاتحة ودعا له بالخير والبركة.
وأثناء دراسة الشيخ الفحام بالأزهر، كانت أمامه فرصة للالتحاق بدار العلوم، لكنه اتبع وصية أمه التي أوصته بالا يترك الأزهر أبدًا، فاستمر بالدراسة حتى نال شهادة العالمية النظامية في عام 1922م. وبدأ حياته العملية بالتعيين كمدرس للرياضيات في المعهد الديني بالإسكندرية عام 1926م، ثم انتقل إلى كلية الشريعة عام 1935 ليدرس المنطق وعلم المعاني، وفي السنة التالية أرسل إلى بعثة تعليمية في فرنسا، وعلى الرغم من قيام الحرب العالمية الثانية وهو في فرنسا، إلا أنه رفض العودة وآثر البقاء ليواصل دراسته حتى نال دبلوم مدرسة الإليانس فرنسيز في باريس عام 1938م، وأيضًا دبلوم مدرسة اللغات الشرقية الحية في الأدب العربي سنة 1941م، وأيضًا دبلومًا في اللهجات اللبنانية والسورية، ودبلوم التأهيل لتعليم اللغة الفرنسية من كلية الآداب بجامعة بوردو سنة 1941م.
وفي يوليو 1946م نال شهادة الدكتوراة من جامعة السوربون عن موضوع "إعداد معجم عربي فرنسي للمصطلحات العربية في علمي النحو والصرف"، وحين عاد من فرنسا عمل مرة أخرى مدرسًا بكلية الشريعة، ثم مدرسًا للادب المقارن بكلية اللغة العربية حتى وصل إلى منصب عميد الكلية. وسافر الفحام عدة دول ممثلًا للازهر حيث زار باكستان عام 1952م ليمثل الأزهر في المؤتمر الإسلامي المنعقد بكراتشي وفي 1963 سافر لمورتيانيا ممثلًا للأزهر أيضًا لدراسة أحوال المسلمين هناك.
وحين تولى مشيخة الأزهر عام 1969، كانت هناك حركة تبشير عنيفة، حسب موقع دار الإفتاء المصرية، واستطاع الإمام ان يوائم بين واجبه الديني وواجبه الوطني ويتصدى لتلك الحملات. لكنه استقال في عام 1973، ويروي حفيده محمد إبراهيم محمد الفحام في حوار له مع أخبار اليوم، أن اسباب استقالته ترجع لوجود خلافات بين مشيخة الأزهر ووزارة الأوقاف حينها، حيث كانت الأوقاف تهيمن على تحركات شيخ الأزهر في السفر للخارج وحضور المؤتمرات وهو ما رفضه الفحام، ولهذا السبب، ولتدهور حالته الصحية أيضًا، تقدم الفحام باستقالته للرئيس السادات الذي قبلها.
وفي 30 أغسطس 1980م توفى الفحام في بيته بالإسكندرية ليدفن في مدافن "المنارة" هناك حيث تقع مدافن عائلته.
فيديو قد يعجبك: