في ذكرى وفاة الإمام أبي حنيفة.. قصة تحول "تاجر القماش" إلى "إمام الأئمة"
كتبت - آمال سامي:
تحل اليوم الحادي عشر من جمادى الأولى، ذكرى وفاة الإمام أبو حنيفة أول الأئمة الأربعة وصاحب المذهب الحنفي الذي توفى عام 150 هـ، إنه الإمام الفقيه أبو حنيفة النعمان، عالم العراق الشهير وصاحب المذهب الحنفي، ويقال إنه من أبناء الفرس... في التقرير التالي يرصد مصراوي بداية حياته وقصة تحوله من "تاجر قماش" إلى "إمام الأئمة".
ولد ابو حنيفة سنة 80 هـ وعاصر بعض الصحابة ورأى أنس بن مالك عند قدومه الكوفة وأكبر شيوخه هو عطاء بن أبي رباح، ومن شيوخه أيضًا الشعبي وعدي بن ثابت وعكرمة وعمرو بن دينار ونافع مولى ابن عمر، وقتادة وقيس بن مسلم، وغيرهم. حفظ أبو حنيفة في طفولته القرآن الكريم، ويقول وهبي سليمان في سلسلة أعلام المسلمين في كتابه "أبو حنيفة النعمان: إمام الأئمة الفقهاء" أن أبا حنيفة لم يعلق بسماع دروس العلماء وحضور حلقاتهم بل كان يصاحب والده في دكانه حيث كان ابيه تاجر قماش، حتى ألتقى بالشعبي، ويروي تلك القصة عن أبو محمد الحارثي بسنده للإمام أبي حنيفة: قال: مررت يومًا إلى الشعبي وهو جالس فدعاني، وقال: إلام تختلف؟ فقلت أختلف إلى فلان، قال: لم أعن إلى السوق عنيت الاختلاف إلى العلماء، فقلت له: أنا قليل الإختلاف إليهم، فقال: لا تفعل وعليك بالنظر في العلم ومجالسة العلماء، فإني أرى فيك يقظة وحركة. قال أبو حنيفة: فوقع في قلبي من قوله، فتركت الاختلاف – أي إلى السوق – وأخذت في العلم، فنفعني الله تعالى بقوله.
وعندما أصبح عمره 16 عاما سافر مع أبيه للحج وزيارة النبي صلى اله عليه وسلم ومسجده، وهناك قابل الصحابي عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي، فسمع منه الحديث، يقول ابو حنيفة: فسمعت منه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تفقه في دين الله كفاه همه ورزقه من حيث لا يحتسب. ويقول الذهبي في سير أعلام النبلاء أن الإمام ابو حنيفة قد طلب الحديث وألح على طلبه في سنة 100 هـ اي وعمره 20 عامًا.
تحوله من أصول الدين إلى الفقه
كان أول ما اهتم به ابو حنيفة من العلوم علم أصول الدين ومناقشة اهل الإلحاد والضلال، فدخل البصرة 27 مرة يناقش ويرد شبهات المضللين، فناظر المعتزلة والخوارج فألزمهم الحجة، وجادل علاة الشيعة فأقنعهم بمراده، وكان له حلقة في الكوفة يجلس إليه فيها طلاب اصول الدين.
ثم اتجه أبو حنيفة بعد ذلك إلى الفقه، ويروي ابو حنيفة سبب توجهه إلى دراسة علم الفقه فيقول: كنت أنظر في الكلام حتى بلغت مبلغًا يشار إلي فيه بالأصابع، وكنا نجلس بالقرب من حلقة حماد بن أبي سليمان، فجاءتني امرأة يومًا فقالت: رجل له امرأة أراد أن يطلقها للسنة، كم يطلقها؟ فأمرتها أن تسأل حمادًا ثم ترجع فتخبرني، فسألت حمادًا فقال: يطلقها وهي طاهرة من الحيض والجماع تطليقة، ثم يتركها حتى تحيض حيضتين، فإذا اغتسلت فقدت حلت للأزواج، فرجعت فأخبرتني فقلت: لا حاجة لي في الكلام، وأخذت نعلي فجلست إلى حماد أسمع مسائله، فأحفظ قوله، ثم يعيدها من الغد فأحفظ ويخطيء أصحابه، فقال: لا يجلس في صدر الحلقة بحذائي غير أبي حنيفة.
وهكذا ظل أبو حنيفة ملازمًا لحماد طيلة ثمانية عشر عامًا حتى توفي حماد رحمه الله، ومما يروى عن تأدبه مع معلمه يقول وهبي سليمان في كتابه السابق ذكره:
"كان يقصده في بيته ينتظره عند الباب حتى يخرج لصلاته وحاجته فيسأله ويصحبه، وكان إذا احتاج شيخه إلى شيء قام هو على خدمته، وكان إذا جلس في بيته لا يمد رجليه جهة بيت شيخه حماد، وكان إذا صلى دعا لشيخه حماد مع والديه". فيروي الموفق المكي عن محمد بن الحسن بن أبي بشير، قال: سمعت أبا حنيفة رحمه الله تعالى يقول: ما صليت صلاة منذ مات حماد إلا استغفرت له مع والديّ ، وإني لأستغفر لمن تعلمت منه علما أو علمته علمًا. ولم يبدأ ابو حنيفة في رئاسة حلقة علم إلا بعد وفاة حماد إجلالًا له وبعد أن جاءه اصحابه يطلبون منه ذلك فقال لهم: لا أحب أن يموت العلم، وهنالك بدأت حلقة ابو حنيفة، وبدأ مذهبه الفقهي.
موضوعات متعلقة..
- في ذكرى ميلاد الآلوسي.. مؤلف "روح المعاني" ومفسر القرآن الكريم
- في ذكرى وفاته.. هل كان ابن سينا ملحدًا؟
- في ذكرى وفاته..محنة خلق القرآن واستجابة دعاء ابن حنبل على الخليفة المأمون
فيديو قد يعجبك: