في ذكرى وفاته.. قصة تولي عبد الرحمن الداخل حكم الأندلس ونص عهده مع غير المسلمين
كتبت – آمال سامي:
هو أمير الأندلس وسلطانها عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان، المعروف بعبد الرحمن الداخل، واشتهر بذلك لأنه حين سقطت الخلافة الأموية وقامت الدولة العباسية هرب عبد الرحمن إلى الأندلس ودخلها واستطاع حكمها، حيث هرب عن طريق مصر سنة 132 هـ إلى برقة وعاش بها خمس سنوات ثم دخل المغرب.
يروي الذهبي كيف استطاع عبد الرحمن الداخل أن يقيم دولة أموية جديدة بالأندلس بعد سقوط الأمويين، فيحكي كيف استطاع مولاه بدر أن يتجسس له ويعرف رأي الناس إذا وجدوا رجلا من بيت الخلافة هل يبايعونه أم لا، فحين رأى فيهم قبولًا لذلك أعلن عن شخصية سيده، عبد الرحمن بن معاوية فبايعه الناس، واستمر حاكمًا للأندلس ثلاث وثلاثين سنة، واستمر الملك في نسله حوالي 400 عام. ويقول الذهبي أن الداخل لم يلقب نفسه بالخليفة ولا احد من ذريته بل كان يقال لهم "الأمير" وأول من تلقب بأمير المؤمنين منهم : الناصر لدين الله.
كان العباسيون يطاردون كل من فر من بني أمية حتى يقتلوه، فحتى حين ادعى العباسيون انهم لن يفعلوا ذلك وأن على الأمويين العودة إليهم وتسليم أنفسهم لهم، قتلوا كل من لجأ إليهم، لذا كان يفر عبد الرحمن الداخل من بلد إلى بلد، وقد استطاع الداخل الوصول لإفريقية في النهاية ومعه أمواله التي وصلت عن طريق مواليه "بدر" و"سالم"، وعن طريق "بدر" استطاع الداخل أن يتواصل مع محبي الأمويين في الأندلس ليستعيد فوذ الأمويين هناك في العاشر من ذي الحجة 138 هـ حيث استطاع بد الرحمن الداخل الدخول للأندلس بعد تغلبه على واليها "يوسف بن عبد الرحمن الفهري" الحصول على البيعة وحكم الاندلس.
ويروي أحمد زكي صفوت في كتابه "جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة" خطبة عبد الرحمن الداخل لجنوده لما اشتد الكرب في حربه ليوسف الفهري حاكم الأندلس فقال لجنوده: "هذا اليوم هو أس ما يبني عليه إما ذل الدهر وإما عز الدهر فاصبروا ساعة فيما لا تشتهون تربحوا بها بقية أعماركم فيما تشتهون"، ولما أنحى أصحابه على أصحاب الفهري بالقتل يوم هزيمتهم على قرطبة قال: "لا تستأصلوا شأفة أعداء ترجون صداقتهم واستبقوهم لأشد عداوة منهم"، مشيرًا إلى استبقائهم ليستعان بهم على أعداء الدين حسبما ذكر صفوت في تعليقه على الخطبة.
كيف تعامل عبد الرحمن الداخل مع نصارى الأندلس؟
يروي الذهبي في سير أعلام النبلاء كيف تعامل عبد الرحمن الداخل مع نصارى الأندلس وأمنهم على عقيدتهم وأنفسهم وطقوسهم وعباداتهم، فكتب نص عهد الأمان الذي أعطاه لهم الداخل: "كتاب أمان ورحمة ، وحقن دماء وعصمة ، عقده الأمير الأكرم الملك المعظم عبد الرحمن بن معاوية ، ذو الشرف الصميم ، والخير العميم ، للبطارقة والرهبان ، ومن تبعهم من سائر البلدان ، أهل قشتالة وأعمالها ، ما داموا على الطاعة في أداء ما تحملوه ، فأشهد على نفسه أن عهده لا ينسخ ما أقاموا على تأدية عشرة آلاف أوقية من الذهب ، وعشرة آلاف رطل من الفضة ، وعشرة آلاف رأس من خيار الخيل ، ومثلها من البغال ، مع ذلك ألف درع وألف بيضة ، ومن الرماح الدردار مثلها في كل عام ، ومتى ثبت عليهم النكث بأسير يأسرونه ، أو مسلم يغدرونه ، انتكث ما عوهدوا عليه ، وكتب لهم هذا الأمان بأيديهم إلى خمس سنين ، أولها صفر عام اثنين وأربعين ومائة".
وفي مثل هذا اليوم، الرابع والعشرين من ربيع الآخر عام 172 هـ توفي عبد الرحمن الداخل في قرطبة ودفن في قصره بها
فيديو قد يعجبك: