المفتي يكتب "هدي النبي في إدارة التعامل مع الفتن"
كتب - إسلاميات مصراوي:
استهل فضيلة الدكتور شوقي علام - مفتي الجمهورية – مقاله "هدي النبي صلى الله عليه وسلم في إدارة الصراع والتعامل مع الفتن" في صحيفة اليوم السابع بقول المولى تبارك تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا * ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانًا وتسليمًا}.
وأوضح فضيلته أن هاتين الآيتين الكريمتين أصل كبير في التأسي بالنبي – صلى الله عليه وسلم – في أقواله وأفعاله وأحواله، ولهذا أمر الناس بالتأسي بالنبي – صلى الله عليه وسلم - يوم الأحزاب الذي كان موقفًا عصيبًا في صبره ومصابرته ومرابطته ومجاهدته وانتظاره الفرج من ربه، وأكد فضيلة المفتي أن سيرة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – تمثل لنا أرضًا خصبة وكتابًا مفتوحًا للتأمل وأخذ الأسوة في معالجة الأمور وإدارة جميع ما يعن لنا من مصاعب وخطوب، لافتًا إلى أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كانت له طريقة فريدة في إدارة الأزمات وفق حكمة سديدة، ونرى آثار هذه الحكمة في تلك المعالجات في السيرة النبوية الشريفة قبل البعثة وبعدها، فمن ذلك أنه قبل البعثة أعادت قريش بناء الكعبة على أساس قواعد إبراهيم – عليه السلام – حتى بلغ البنيان موضع الركن فأرادت كل قبيلة أن ترفع الحجر الأسود إلى موضعه دون الأخرى، فاختصموا وأوشكوا على الاقتتال، ولما أخبروا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الخبر، قال: "هلم إليَّ ثوبًا" فأتي به فأخذ الركن فوضعه فيه بيده ثم قال: "لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ثم ارفعوه جميعًا" ففعلوا حتى إذا بلغوا موضعه وضعه بيده الشريفة ثم بنى عليه.
وأوضح فضيلة المفتي أنه بهذا التفكير السليم والرأي الصائب حسم – صلى الله عليه وسلم – الخلاف بين قبائل مكة، وأرضاهم جميعًا وجنب بلده وقومه حربًا ضروسًا شحذت كل قبيلة فيها أسنتها، وبعد بعثته – صلى الله عليه وسلم – واجه المسلمون الكثير من الأزمات المختلفة الأشكال بين تعذيب لكل من أسلم وحصار في شعب أبي طالب، ثم بعد الهجرة أخذت المواجهات بين المسلمين والكفار اتجاهًا أشد ضراوة من مثل ما صوره القرآن الكريم في واقعة الأحزاب {إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديدًا}.
ولفت فضيلة المفتي إلى أنه عندما عرف أعداء الإسلام بعد الحروب الطويلة مع المسلمين أن القضاء على هذا الدين وأهله لا يمكن بطريق استخدام السلاح قرروا أن يشنوا حربًا دعائية واسعة ضد هذا الدين من ناحية الأخلاق والتقاليد، وأن يجعلوا شخصية الرسول – صلى الله عليه وسلم – أول هدف لهذه الدعاية، وذلك من خلال المنافقين من سكان المدينة فكانوا يستفزون المسلمين ويمارسون حربًا نفسية معهم، حتى طالت بيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – نفسه فيما كذبوا عليه في حادثة الإفك.
وأوضح فضيلة المفتي أنه حينما بلغه – صلى الله عليه وسلم – قول ابن سلول: "لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل" فأراد عمر بن الخطاب قتله، فقال له رسول الله – صلى الله عليه وسلم – "فكيف يا عمر إذا تحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه؟!".
وأكد فضيلة المفتي أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – استطاع الإمساك بزمام هذه الصعاب والوصول بالمسلمين إلى بر الأمان بحكمته وإدارته الواعية لتلك الشدائد.
وطالب فضيلة المفتي أن نتحلى بشيء من حكمته – صلى الله عليه وسلم – في إدارة الأزمات وحل المعضلات، ونعلم أنه ليس لنا مخرج أو سبيل للخروج من كل ذلك إلا بالامتثال والتحقق بما أمرنا الله تعالى به في حقه – صلى الله عليه وسلم – حيث قال سبحانه: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا}.
فيديو قد يعجبك: