محمد كمال خلال ندوة الرواق الأزهري: توظيف الدين في السياسة هو توظيف شيطاني
كتبت: سماح محمد
قال الدكتور محمد كمال إمام أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الإسكندرية إن علاقة الدين بالسياسة قد شابها الكثير من المفاهيم الخاطئة، التي نتجت عن المشاكل الفكرية التي تعيشها الأمة الإسلامية.
وأضاف الدكتور محمد كمال إمام: أن الإسلام عقيدة وشريعة، وجوهر العقيدة تعكسها علاقة الإنسان بربه، والشريعة لها جانبان : جانب يظهر لنا في علاقة الإنسان بربه وجانب في علاقة الإنسان بأخيه الإنسان، فالإسلام لا يرتبط ارتباطًا عضويَا بفكرة الدولة، والدليل على ذلك أن التشريعات والأحكام نزلت في مكة قبل أن يكون للإسلام دولة، كما أن الإسلام يوجد في أماكن كثيرة في العالم ليس للإسلام فيها سلطة، كأوروبا وأمريكا واليابان، فالإسلام يرتبط بالمسلمين لا بالدولة.
وأكد الدكتور إمام خلال ندوة بعنوان" الدين والسياسة من المنظور الفكري والثقافي" التي نظمها الرواق الأزهري بقاعة الإمام محمد عبده بجامعة الأزهر أن من يدعي أن الإسلام دين وسياسة يخلط بين أمرين لا رابط بينهما، فالدين من الله عزوجل والسياسة هي تسييس الخلق لشؤون الدولة.
وبين "إمام" أن الإسلام يدعو إلى إقامة المجتمع مدني بغض النظر عن دين هذا المجتمع، لأن مقاصد الشريعة ترتبط بالإنسان لا بالدين، فمقاصد الشريعة جاءت لحفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال، وهذا الحفظ للمسلم وغير المسلم فكما أن حفظ النفس والعقل والنسل والمال يشمل المسلم وغير المسلم، فكذلك الدين يعني حفظ جميع الأديان وليس الإسلام فقط.
وأوضح الدكتور إمام أن خطر ربط الدين بالسياسة ليس لأن الإسلام لا توجد به تشريعات سياسية، بل لأن السياسة متغيرة وتتغلب فيه المصالح، وقد تخدم فئة معين أو حزب محدد، عند ذلك يكون ابعاد الدين من التوظيف لمآرب سياسية من الواجبات وليس من الرخص أو المندوبات.
واستنكر "إمام" استغلال البعض لحاجات الناس المادية والاجتماعية في الأرياف والقرى والعشوائيات لتحقيق أغراض سياسية والحصول على أصوات انتخابية، مؤكدًا أن ذلك يخالف مقاصد الشريعة، حيث يقول الله عزوجل :( وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون)، فمن يحسن يجب أن يبتغي بإحسانه وجه الله، وأما من يقدم الخدمات الخيرية للناس من أجل مكاسب سياسية فهو نوع من الربا السياسي.
وقال الدكتور محمد كمال إمام: إن الأمانة جزء من الدين، والتصويت جزء من السياسة، فإذا أعطيت صوتك لمن لا يستحق فقد مارست حقك الانتخابي ولن يحاسبك أحد عليه في الدنيا، لكنك أمام الله لم تؤد الأمانة التي هي واجب ديني عليك.
واستغرب الدكتور محمد كمال من إدعاء البعض أن الإسلام حدد الخلافة كنظام للحكم رغم أن القرآن لم يتحدث في السياسة إلا في القيم العليا، فقال" وأمرهم شورى بينهم" وترك لهم اختيار الشكل الذي يرونه مناسبًا لشؤون حياتهم.
وقال إمام في إجابته عن أحد أسئلة الحضور إن هذا لا يعني أن هناك فصلًا كاملًا للسياسة عن الدين كما يرى العلمانيون، الذين يرون أن الدين هو علاقة شخصية فقط، فالسياسة في الإسلام يصنع الدين قيمها ومبادئها العليا، والمادة الثانية من الدستور تنص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساس للتشريع، فلا يجب أن تتعارض أحكامنا مع الدين، ولكن المقصود هو عدم توظيف الدين لأغراض سياسية وهو توظيف شيطاني.
أشرف على الندوة التي حضرها عدد كبير من علماء وطلاب الأزهر الشريف - الدكتور محمد مهنا، عضو المكتب الفني لمشيخة الأزهر والمشرف على الرواق الأزهري الذي ينظم مجموعة من الندوات عن علاقة الدين بالسياسة.
اشترك في خدمة مصراوي للرسائل الدينية القصيرة.. للاشتراك ... أضغط هنا
فيديو قد يعجبك: