إعلان

كلمة المفتى في ندوة "الدين والسياسة من المنظور الفقهي الأصولي"

02:58 م الثلاثاء 10 مارس 2015

كلمة المفتى في ندوة "الدين والسياسة من المنظور الف

قال فضيلة الدكتور شوقي علام - مفتي الجمهورية - إن بعض الجماعات والتنظيمات استغلت علاقة الدين بالسياسة لتحقيق مآرب وأغراض سياسية، لذلك فلا بد من توضيح علاقة الدين بالسياسة من منظور فقهي أصولي، حتى ينكشف هذا الاستغلال.

وأوضح فضيلته خلال ندوة بعنوان "الدين والسياسة من المنظور الفقهي الأصولي" أن هناك صلة بين الدين والسياسة، فالأصوليون المعتبرون ممن كتبوا في علم الأصول وعلم المقاصد مثل الإمام الشاطبي قرروا أن يتبعوا المسلك العام في التكاليف الشرعية، وخرجوا بنتيجة هي أن الشريعة جاءت لدفع المفاسد عن الناس وجلب المصالح لهم، واستندوا إلى ذلك في كل التكاليف الشرعية.

وأشار مفتي الجمهورية إلى أن الشأن السياسي داخل في المكلف، فلا يجب أن يخرج عن الأحكام التكليفية التي هي الوجوب والندب أو التحريم والإباحة، فنطاق العمل السياسي هو المصلحة، والمصلحة التي بحثها العلماء هي حيث لا نص، أما إذا وجد النص فلا بد من اللجوء إليه.

وأضاف فضيلة المفتي: أن الأحكام في مجملها يمكن أن نستخرج منها مقصود الشرع، ولكن في التفصيلات الجزئية للحكم قد يعجز العقل عن استخراج العلة، وعند ذلك يجب أداء التكليف كما أراد الشارع، فالعبادات في مجملها لها مقصود شرعي، ولكن إذا نظرنا إلى تفصيلاتها نعجز عن استخراج مقصود شرعي، فنحن لا نعلم لماذا نؤدي الصلاة على هذه الهيئة؟ ولماذا يكون الطواف والسعي سبع مرات؟ ولماذا نؤدي المغرب ثلاثًا والفجر ركعتين؟ وإذا أخذنا مقصود مجمل العبادات تقرر إجمالًا أنها شرعت لتهذيب النفوس وتقويم السلوك، قال تعالى: {إنَّ الصلاةَ تَنهى عَنِ الفحشاءِ والمُنكرِ}، وقال صلى الله عليه وسلم: "رُبَّ صائمٍ ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش".

وقال فضيلة المفتي: إن الفقهاء بحثوا العمل السياسي ضمن هذه المحددات، فالتأصيل للعمل السياسي ينحصر في معنيين المعنى الأول فيمن يتولى ممارسة العمل السياسي، والمعنى الثاني في حكم توليه العمل السياسي وممارسته، أما مَن يتولى العمل السياسي فلابد أن يكون كفئًا، سواء تولى السلطة التنفيذية أو السلطة القضائية أو السلطة التشريعية أو الوظيفة العامة، وقصد العلماء بالكفء أن يقوم بوظيفته على أكمل وجه، وأن يكون قديرًا وقادرًا على القيام بهذا الأمر بكل متطلباته المطلوبة منه، وهذا مقصد الشرع على كل حال، وعلى كل ولاية حتى لو كانت ولاية خاصة، وبيَّن فضيلة الدكتور شوقي علام أن الفقه الإسلامي ساير العمل السياسي، وامتزج به، ولا يوجد في تاريخ المسلمين فصل بين ما هو سياسي وما تقوم به المصلحة وبين ما هو فقهي وأصولي، والفقه الإسلامي لا يرفض التطور، والمسلمون عندما فتحوا البلدان المتقدمة سايروا التطور وأخذوا من علوم أهلها، فالإسلام استوعب الدولة الحديثة بكل مؤسساتها، فاستوعب السلطة القضائية والتنفيذية والتشريعية بأشكالها المعاصرة، واستوعب الفصل بين هذه السلطات.

وأضاف: أن التجربة المصرية في التشريعات والقوانين هي تجربة عريقة وممتدة عبر التاريخ واستفادت منها الدول العربية؛ لأنها رصينة ومتطورة، وهي مأخوذة من الفقه ومتفقة معه، وعندما سأل أحد القضاة الشيخ أحمد هريدي - مفتي الديار المصرية الأسبق - رحمه الله: ماحكم التحاكم إلى القوانين الوضعية والحكم بها؟ أجاب بعبارة موجزة جدًّا: كل قانون لا يخالف الشريعة فهو من الشريعة.

وأضاف فضيلة المفتي: أن مرحلة الدستور المصري في 2014 كان به تجربة فريدة من النقاش قادها الأزهر الشريف في بعض المواد المتعلقة بالشريعة، حيث دار النقاش حول المادة الثانية من الدستور، وحتى لو لم يوجد هذا النص فإن التجربة المصرية تقول بأن المجتمع مطبق لأحكام الفقه الإسلامي في نظامه القانوني، فالشريعة هي حياتنا، وفي قلوبنا ولسنا في حاجة إلى من يقول لنا عودوا إليها، وقد قال الإمام المناوي المالكي: إن القانون الفرنسي يتفق مع الفقه المالكي في 75 بالمئة من نصوصه، والبقية تتفق مع المذاهب الأخرى، وكان للسنهوري تجربة رائدة في المقارنة بين الفقه الإسلامي والقانون الفرنسي، وأشار فضيلة الدكتور شوقي علام إلى المادة التي وضعت في دستور 2012 لتفسير مبادئ الشريعة الإسلامية، حيث سعت بعض التيارات إلى إقرار هذه المادة بهذا التفسير، وعندما درسها الأزهر دراسة حيادية، انتهى إلى أن تفسير المادة حسب ما ورد في دستور 2012 هو دستور معيب، يربكها وينقض المادة تمامًا، حضر الندوة الدكتور محمد مهنا - عضو المكتب الفني لشيخ الأزهر والمشرف على الرواق الأزهري الذي نظم الندوة -، والتي عقدت بقاعة الإمام محمد عبده بجامعة الأزهر بالدراسة، كما حضرها عدد من علماء الأزهر الشريف وطلاب جامعة الأزهر.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان