من معاني القرآن: تفسير آيات من سورة المدّثر
كتب ـ محمد قادوس:
يقدم الدكتور عصام الروبي- أحد علماء الأزهر الشريف ـ (خاص مصراوي) تفسيراً ميسراً لما تحويه آيات من الكتاب الحكيم من المعاني والأسرار، وموعدنا اليوم مع تفسير الآيات القرآنية {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنذِرْ (2)}، {وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ (6)}، {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (8) فَذَٰلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9)} .. [المدثر: 1*2*6*8*9]
(المدثر): اسم فاعل من تدثر فلان، إذا لبس الدثار، وهو ما كان من الثياب فوق الشعار الذي يلي البدن، ومنه حديث: (الأنصار شعار والناس دثار).
(قم): يعني أيها الرسول صلى الله عليه وسلم. (فأنذر): الإنذار هو الإخبار الذي يصاحبه التخويف. والتعبير بالفاء في قوله: فأنذر للإشعار بوجوب الإسراع بهذا الإنذار بدون تردد.
(ولا تمنن): الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم. والمن: أن يُعطى الإنسان غيره شيئًا، ثم يتباهى به عليه.
(تستكثر): الاستكثار: عد الشيء الذي يعطى كثيرًا. واختلفت كلمة المفسرين حول المراد هنا، فقيل: لا تعط العطية تلتمس أكثر منها، وهذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم لأنه مأمور بأجمل الأخلاق وأشرف الآداب. وقيل: ولا تمنن بعملك على ربك تستكثره. وقيل: لا تضعف أن تستكثر من الخير. وقيل: ولا تعط مستكثرا، أي: رائيا لما يعطيه كثيرا. وقيل غير ذلك.
(فإذا نقر): الفاء للسببية. (الناقور): بزنة فاعول: من النقر، اسم لما يُنقر فيه، أى: لما يُنادى فيه بصوت مرتفع. والمراد به هنا: الصور الذي ينفخ فيه إسرافيل بأمر الله تعالى النفخة الثانية التي بعدها الحساب.
(فذلك): الفاء واقعة في جواب (فإذا)، واسم الإشارة يعود إلى مدلول النقر، وما يترتب عليه من حساب وجزاء.
(عسير): لما يقع فيه.
خلاصة المعنى في هذه الآيات:
افتتح الكريم تبارك وتعالى هذه السورة بهذا النداء ملاطفة ومؤانسة للحبيب صلى الله عليه وسلم، فناده عز وجل بحاله، وعبر عنه بصفته؛ ليستشعر اللين والملاطفة من ربه، طالبًا منه سبحانه أن يقوم من مضجعه وأن يبادر بعزيمة وتصميم لإنذار الناس وتخويفهم من سوء عاقبتهم، إذا ما استمروا في كفرهم.
ـ وأن الحق تبارك وتعالى نهى نبيه صلى الله عليه وسلم عن فعل لا يتناسب مع قدره ومقامه الشريف، أو يتنافى مع أخلاقه الكريمة.
ـ وعندما يأمر الحق تبارك وتعالى بالنفخ في الصور، فذلك الوقت شديد على الكافرين غير سهل ولا ميسر، فلا يتسنى لهم أن يخلصوا مما هم فيه، وما يلاقونه من مناقشة الحساب، وغيره من الأهوال، التي يجدونها في ذلك الوقت العصيب الرهيب، وهذا جانب من أهوال يوم القيامة.
فيديو قد يعجبك: