الأهرامات.. نقش الصحابة أسماءهم عليها وقرأ العلماء على قمّتها القرآن والحديث
كتب – هاني ضوه:
لم يكن المسلمون بمعزل عن الحضارات الأخرى، ولا رافضين لها ولا لآثارها، بل تعرفوا عليها وحرصوا أن يوثقوها ويتحدثوا عنها ويتعلموا الدروس منها.
لم يكن ذلك في العلماء المتأخرين فحسب، بل كان منذ عهد الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، ولعل أبرز مثال على ذلك ما حدث منهم عند فتح مصر بقيادة الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه.
لم يكن اتجاه الصحابة الكرام بعد فتح مصر إلى هدم الحضارة وما أبقته من آثار، ولكن تعاملوا معها كعبرة وحكم، وقد وثق عدد من العلماء موقف الصحابة من الآثار المصرية، ومنهم الإمام أبوجعفر محمد بن عبدالعزيز الإدريسي الذي ذكر في كتابه "أنوار علوي الأجرام في الكشف عن أسرار الأهرام"، أن الصحابة الكرام رضي الله عنهم لما فتحوا مصر صلوا في الأهرامات، وقالوا: "هذا مصلى الأنبياء".
ليس ذلك فحسب بل نقشوا على حجارة الأهرامات أسماءهم، وقال الإدريسي في كاتبه إنه رأى كتابات بخط الصحابة على حجار الأهرامات، وأنهم كتبوا عليها "فلان بن فلان يوحد الله ويصلي فيه".
كما اعتنى علماء الإسلام بالحديث عن الآثار المصرية والأهرامات في بعض مؤلفاتهم، فألف الإمام الحافظ السيوطي رحمه الله كتابًا سماه: "تحفة الكرام في أخبار الأهرام"، يكشف فيه الإمام السيوطي عن أخبار غير معهودة عن أهرامات الجيزة نسخة عام 1302 هـ، أحمد محمد الحكيم في 8 ورقات بالخط المعتاد: أنه لم يجد أحدًا من أهل المعرفة بمصر يعرف متى بنيت الأهرامات؟
وقد ذكر بعض المؤرخين أن بناء الأهرامات كان قبل الطوفان بنحو 300 سنة، وذكر الإمام السيوطي في كتابه هذا، أن الخليفة المأمون عندما دخل مصر ورأى الأهرامات أراد معرفة ما بداخلها فأراد فتحها وأصر على فتح جزء من الهرم فكانت أول فتحة تفتح به وفتحت باستخدام النار والخل والحدادين والمنجنيق وتكلف ذلك كثيرًا.
وفى الداخل وجدوا بيتًا وحوضًا من الصخر فيه صنم لآدمي يتوسطه إنسان عليه درع من الذهب المرصع بالجواهر وعلى صدره سيف وعند رأسه حجر ياقوت كالبيضة يضوى كالنهار وعليه كتابة لا يعرفها أحد.
وجاء بكتاب الإمام السيوطي كذلك أن أحمد بن طولون عثر على قطعة مرجان في حفرة بقرب الأهرام كتب عليها باليونانية فترجمت وكانت لأبيات من الشعر تتحدث عن قصة بناء الأهرامات.
لم يكن موقف الصحابة الكرام من الآثار القديمة مختلفًا في البلدان الأخرى عنه في مصر، فالمنهجية واحدة، والفهم الصحيح لنصوص الشريعة الإسلامية واحد، لذا عندما دخل سعد بن أبي وقاص بلاد فارس ودخل إلى إيوان كسرى، وكان يحيطه تماثيل ورسومات من الجص على حوائطها، لم يسع لهدمها، بل تركها وكان معه جمع غفير من الصحابة الكرام الذين شاركوا في فتح فارس وصلوا هناك.
وهذا ما ذكره الإمام الحافظ سليمان بن موسى الكلاعي الأندلسي، في كتابه: "الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله، والثلاثة الخلفاء"، حيث قال عن هذا: «ولما دخل سعد المدائن، فرأى خلوتها، وانتهى إلى إيوان كسرى، أقبل يقرأ قوله تعالى: (كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ، وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ)، (الدخان 25:27) وصلى فيه صلاة الفتح – ولا تصلى جماعة – فصلى ثماني ركعات لا يفصل بينها، واتخذه مسجداً، وفيه تماثيل الجص لرجال وخيل، ولم يمتنع ولا المسلمون لذلك، وتركوها على حالها".
وذكر بعض علماء السير والتراجم أن بعض الحفاظ والعلماء حرصوا على زيارة الأهرامات في مصر، وصعدوا على قممها وقرأوا شيئًا من القرآن الكريم والحديث الشريف فوقَه: ومنهم الإمام ابن حجر العسقلاني، والإمام الحافظ السخاوي، والإمام الحافظ البِقاعي رحمهم الله جميعًا، وهو ما ذكره الإمام الحافظ السخاوي عند ترجمته للإمام ابن حجر العسقلاني رحمه الله في كتابه "الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر" فيقول عن الإمام ابن حجر: "إنه توجه إلى الأهرام التي حارت الأفكار في شأنها، وتكلم الناس فيها نظمًا، فصعد أعلي الهرم، ودخل السرداب الذي بأسفله، وفي الوصول إليه خطر، لأنه لا يتمكن في أول دخوله إلا أن يزحف علي بطنه، ولا يأمن حينئذ من حيةٍ وغيرها في مروره".
ويشير الإمام السخاوي كذلك في كتابه هذا إلى أنه قلد شيخه ابن حجر العسقلاني في هذا الفعل وأنه صعد كذلك إلى قمة الهرم، وقرأ شيئًا من القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف.
فيديو قد يعجبك: