ثويبة.. مُرضعة النبيّ الأولى التي أعتقها أبو لهب فخفّفت عنه في النار
كتب – هاني ضوه :
كان لميلاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرحة عمت الأكوان، حتى إن من أشد أعدائه من فرح بميلاده (ص)، وقد تحدثت كتب التراث عن ظهور الكثير ممن يتحدثون عنه (ص) وعن آله، وتوالت بشاراتهم، واليوم يتوقف مصراوي أمام بشرى السيدة "ثويبة الأسلمية" رضي الله عنها لأبي لهب، عم النبي صلى الله عليه وسلم، بميلاد سيدنا محمد فأعتقها فرحًا بمولده، وهو ما ذكره علماء السيرة ومنهم الإمام السهيلي في كتابه "الروض الآنف".
فكان ميلاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم عتقًا للناس في الدنيا والآخرة، ليس ذلك فحسب، بل نالت السيدة ثويبة رضي الله عنها شرف أن تكون مرضعة النبي (ص) الأولى بعد أمه السيدة آمنة بنت وهب، حيث أرضعته لأيام قبل وصول السيدة حليمة السعدية التي تولت رضاعته والاهتمام به كعادة العرب في ذلك الزمان.
وأرضعت ثويبة مع رسول اللّه عليه الصلاة والسلام وعلى آله بلبنها ابنها مسروح، وسيدنا حمزة بن عبدالمطلب، عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكذلك أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي، فنالوا جميعًا شرف أخوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الرضاعة.
كانت السيدة ثويبة رضي الله عنها من السابقين الأولين إلى الإسلام بعد بعثة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، حيث سارعت إلى الدخول في الإسلام، شأنها شأن بقية أمهات النبي؛ كالسيدة أم أيمن بركة بنت ثعلبة، والسيدة حليمة السعدية رضي الله عنهن أجمعين.
ومن محبة النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله للسيدة ثويبة رضي الله عنها وودّه وبرّه بها أنه ظل يصلها ويكرمها ويبعث إليها بكسوة وحلة حتى بلغه خبر وفاتها في العام السابع للهجرة، وذلك بعد غزوة خيبر، وكذلك كانت تفعل السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها تحبها وتكرمها في حياتها.
وروي أن العذاب قد خفف عن أبي لهب في النار بسبب عتقه "ثويبة" فرحًا بميلاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو ما رواه الإمام البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: أرضعتني وأبا سلمة ثويبة، فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن، قال عروة: وثويبة مولاة لأبي لهب، وكان أبو لهب أعتقها، فأرضعت النبي – صلى الله عليه وآله وسلم-، فلما مات أبو لهب أريه بعض أهله بشر حيبة قال له: ماذا لقيت؟ قال أبو لهب: لم ألق بعدكم، غير أني سقيت في هذه بعتاقتي ثويبة".
وفي شرح هذا الحديث قال الإمام ابن حجر العسقلاني أمير المؤمنين في الحديث في كتابه "فتح الباري في شرح صحيح البخاري": «ذكر السهيلي أنّ العباس قال: لما مات أبو لهب رأيته في منامي بعد حول، في شرّ حال، فقال: ما لقيت بعدكم راحة، إلاّ أنّ العذاب يخفّف عني كل يوم اثنين، قال: وذلك أنّ النبيّ ولد يوم الاثنين، وكانت ثويبة بشرت (أبا لهب) بمولده فأعتقها، وأشار إلى النّقرة التي تحت إبهامه وفي ذلك إشارة إلى حقارة ما سقي من الماء".
وجاءت الرواية كذلك في كتاب "الروض الآنف" للإمام السهيلي وكتاب "الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله والثلاثة الخلفاء" للإمام سليمان بن موسى الكلاعي أن العباس قال: "مكثت حولاً بعد موت أبي لهب لا أراه في نوم، ثم رأيته في شر حال، فقال: ما لقيت بعدكم راحة إلا أن العذاب يخفف عني كل يوم اثنين، وذلك أن رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم- ولد يوم الاثنين، فبشرت أبا لهب بمولده ثويبة مولاته، فقالت له: أشعرت أن آمنة ولدت غلاماً لأخيك عبد الله فقال: اذهبي، فأنت حرة، فنفعه ذلك، وهو في النار".
فيديو قد يعجبك: