بحيرى الراهب.. لقي النبي وهو طفل وبشَّر بنبوّته وحذر عمّه من الروم واليهود
كتب – هاني ضوه :
عندما بلغ النبي صلى الله عليه وآله وسلم سن الثانية عشرة، خرج مع عمه أبي طالب في رحلة تجارته إلى الشام، فقد كان عمه يحبه حبًا شديدًا ولا يطيق أن يتركه، وفي تلك الرحلة حدثت أمور عجيبة، وقابل راهبًا كانت له معه قصة، ذكرها العديد من كتب السيرة والحديث، منها أخرجها الترمذي في سننه وابن أبي شيبة في مصنفه والحاكم في مستدركه وغيرهم بألفاظ مختلفة، وكذلك أبو نعيم الأصبهاني في كتابه "دلائل النبوة"، ويسرد مصراوي تفاصيلها في التقرير التالي:
سار النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع عمه أبي طالب في طريقه إلى الشام، وتحديدًا عبر الطريق الذي أنشأه الإمبراطور الروماني من جهة الجنوب، وعند نقطة معينة ظهرت سحابة أظلت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الرغم من أنه لا يوجد سحابة غيرها في السماء ولم تظل إلا النبي (ص)، حتى أنها كانت تتوقف إذا وقف النبي وتتحرك إذا تحرك.
وأثناء تلك الرحلة مرت القافلة على دير به راهب يدعى بحيرى، كان عندهم علم من الكتاب ويعلم بخبر خاتم الأنبياء والمرسلين وكان يجلس في صومعته منذ زمن لأنه مكتوب في الكتب التي عنده أن ولدًا عنده 12 سنة سيمرّ من هذا المكان وهو نبي آخر الزمان المنتظر، وأن له عدة علامات وهي أنه يأتي من جهة الجنوب، والعلامة الثانية أن الغمام يظله، والعلامة الثالثة أن ذلك يكون بجوار البحيرة، والعلامة الرابعة أن شجرة البطم- نوع من أنواع الفستق- يجلس تحتها فيستظل بها.
فلما نزل الركب خرج إليهم بحيرى الراهب، وكان لا يخرج إليهم قبل ذلك، وظل يمر بينهم حتى جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأخذ بيده، وقال: هذا سيد العالمين، هذا رسول رب العالمين، هذا يبعثه الله رحمة للعالمين، فقال له أبو طالب وأشياخ قريش: وما علمك بذلك؟ فقال: إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق حجر ولا شجر إلا خر ساجدًا، ولا يسجدان إلا لنبي، وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة، وإنا نجده في كتبنا، ثم أكرمهم بالضيافة، وسأل أبا طالب أن يرده إلى دياره، ولا يقدم به إلى الشام، خوفًا عليه من الروم واليهود، فبعثه عمه مع بعض غلمانه إلى مكة.
وفي رواية أخرى أن بحيرى الراهب لما رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم سأل أبو طالب، وقال له: من هذا؟، قال أبو طالب: إنه ابني. فقال الراهب: ما ينبغي لأبيه أن يكون حيًا.. أصدقني القول، فقال أبو طالب: هو ابن أخي، قال وأين أبوه، فخاف أبو طالب من كثرة الأسئلة، فقال أبوه في مكة، قال له الراهب: ما ينبغي لأبيه أن يكون حيًا، قال أبو طالب: بل هو حي، فكرر الراهب: ما ينبغي لأبيه أن يكون حيًا، بل مات وهو في الحمل، وأمه قد ماتت، فتعجب أبو طالب وقال له نعم صحيح.
قال له بحيرى الراهب: فارجع بابن أخيك إلى بلده، واحذر عليه يهود، فوالله! لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت ليبغنّه شرًّا، فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم، فأسرع به إلى بلاده، فعاد أبو طالب بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى مكة.
فيديو قد يعجبك: