أخبر النبي عن ظهورهم.. من هم القرآنيون منكرو السُّنة؟
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
كتب – هاني ضوه :
دعوات غريبة وفرق تظهر من حين لآخر تسعى إلى هدم ثوابت الدين والتشكيك في مصادر التشريع، ومن تلك الفرق جماعة كانت بداية انتشارها في عصرنا الحديث في الهند مع الاحتلال الإنجليزي، كانت تنكر السنة النبوية المطهرة وتدعو إلى الاعتماد على القرآن فقط كمصدر وحيد للتشريع.
لم يكن ظهور تلك الفرقة مفاجئاً، فقد أخبر عنهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل أكثر من 1400 سنة وأنهم سيروّجون لتلك الفكرة وقد رد عليهم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله، وهو ما يرصده مصراوي في التقرير التالي:
روى الإمام أحمد في مسنده وأبو داود والحاكم في المستدرك وابن ماجة في صحيحه والترمذي باختلاف في اللفظ، عن المقدام بن معد يكرب الكندي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "يوشك الرجل متكئًا على أريكته يحدث بحديث من حديثي فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله عز وجل، ما وجدنا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه. ألا وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مثل ما حرم الله”.
متى ظهرت فكرة القرآنيين؟
إن أول ظهور لتلك الفرقة كان في القرن الثاني الهجري، وكان أول من تصدى لهم وواجههم وفنّد حججهم الباطلة الإمام الشافعي رحمه الله، حيث خصص فصلًا كبيرًا في كتابه "الأم" للرد عليهم، وذكر فيه مناظرة بينه وبين من يريدون هدم السنة ويدعون إلى ترك الحديث والاعتماد على القرآن.
وبعد القرن الثالث الهجري اختفت تلك الفرقة، إلا أنها عاودت الظهور مرة أخرى في نهاية القرن 19 بعد الاستعمار الأجنبي الغربي لكثير من البلدان الإسلامية الذي كان يعمل على تغذية ودعم كل فكر منحرف ماديًا ومعنويًا لزعزعة ثوابت الإسلام، فبدأت تلك الأفكار في الانتشار خاصة في بلاد الهند ومصر والعراق وليبيا وإندونيسيا وماليزيا وغيرها، وهم الذين يعتبرون دعاة هذا الفكر في العصر الحديث.
وفي مصر بدأت تلك الجماعة في الظهور على يد توفيق صدقي الذي دعا إلى ترك السنة بالكلية والاعتماد على القرآن فقط، وكتب مقالًا في مجلة «المنار» بعنوان «الإسلام وحده»، وتبع ذلك ظهور جماعة في الهند دعت إلى ما يدعو إليه هؤلاء، مرددين نفس الشبهات التي يثيرها أتباعهم اليوم.
ويقول الدكتور د. محمود محمد مزروعة، أستاذ العقيدة في جامعة الأزهر، في كتابه "شبهات القرآنيين حول السنة النبوية" عن فرقة القرآنيين وزعمائها في العصر الحديث: "إن فكرة إنكار السنة ظهرت في الهند في فترة الاحتلال الإنجليزي على يد أحمد خان الذي فسر القرآن بالرأي المحض، ووضع شروطاً تعجيزية لقبول الحديث مما جعله ينكر أغلب الأحاديث".
ويضيف: "ثم تلاه عبد الله جكرالوي في باكستان الذي كان يشتغل بدراسة الحديث، من ثم اصطدم بالعديد من الشبهات حوله، فتوصل في النهاية لإنكار كافة الحديث وأن القرآن هو ما أنزله الله على الرسول محمد، وأسس جماعة تسمى أهل الذكر والقرآن التي دعا من خلالها إلى أن القرآن هو المصدر الوحيد لأحكام الشريعة وألف في ذلك كتباً كثيرة".
وتبنى نفس الفكر أحمد الدين الأمرتسري مؤسس جماعة "أمة مسلمة" التي كان يدعو فيها لأفكاره، وأخيرًا غلام أحمد برويز حيث كان تفسير إحدى الآيات القرآنية سببًا في تحوله لفكر القرآنيين، ثم بدأ يدعو لأفكاره من خلال مجلة طلوع الإسلام التي أسسها لهذا الغرض. ولا تزال أفكار هذه الحركات متواجدة في شبه القارة الهندية إلى الآن".
وعن القرآنيين وأبرز أفكارهم قال زعيم القرآنيين في العصر الحديث أحمد صبحي منصور، المقيم حاليًا في الولايات المتحدة الأمريكية في حوار صحفي له: ”نحن أول من بدأ التيار القرآني من ٤٠ عامًا، حين بادرنا بتحطيم قدسية (البخاري) في قلعة الأزهر، وشققنا الطريق ومهدناه لمن جاء بعدنا ودفعنا الثمن، وعلى هامش جهادنا حدث تغيير هائل، منه أن بعض السنيين بدأ ينتقد (بعض الأحاديث) مع تمسكه بالسنة دينًا، واستفاد من تغيير المناخ الذي أرسيناه بجهادنا وتضحياتنا فأصبح يكتب في منطقة آمنة، بحيث ينتقد البخاري وبعض الفروع والتفصيلات بحرية.
وأضاف: “(أهل القرآن) الذين أتحدث باسمهم والذين يعبر عنهم المركز العالمي للقرآن الكريم في أمريكا، هم تيار إسلامي إصلاحي، ليسوا طائفة ولا حزبًا، نحتكم إلى القرآن الكريم في الإصلاح السلمي للمسلمين، ولا نفرض أنفسنا على أحد، ولا نفرض رأينا على أحد، ونغفر ما استطعنا، ولا ندعى أننا نملك الحقيقة، بل ننتظر الحكم علينا وعلى خصومنا يوم القيامة أمام الواحد القهار جل وعلا”.
أما عن رأي العلماء فيمن ينكرون السنة ويريدون الاعتماد على القرآن فقط في التشريع فلم يكن حديثًا فقط بل تحدث عنهم الإمام ابن حزم في كتابه "طوق الحمامة" الذي انتقدهم انتقادًا شديدًا، وكذلك الإمام الشاطبي في كتابه " الموافقات في أصول الشريعة" حيث قال: "الاقتصار على الكتاب رأي قوم لا خلاق لهم خارجين عن السنة، إذ عوّلوا على ما بنيت عليه من أن الكتاب فيه بيان كل شئ، فطرحوا أحكام السنة، فأدى بهم ذلك إلى الانخلاع عن الجماعة وتأويل القرآن على غير ما أنزل إليه”، وألف فيهم الإمام السيوطي رسالة أسماها " مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة" وهاجمهم هجومًا شديدًا وذكر الكثير من أقوال السلف في من يقول بقولهم.
وحديثًا كان رأي الأزهر الشريف واضحًا في هذا الأمر، فقد وصف الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر الراحل- رحمه الله - كل من ينادي بالاعتماد على القرآن الكريم فقط وإغفال السنة النبوية بالجاهل الذي لا يفقه الدين ولا يعرف أركانه وثوابته، وأوضح أن السنة النبوية الشريفة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هي أيضا من عند الله تعالى بمعناها أما ألفاظها فبإلهام من الله عز وجل لنبيه.
وقال فضيلة الإمام أحمد الطيب – شيخ الأزهر الشريف: "إن العبث بسنة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم والاجتراء على قدسيتها أمر قديم قدم الإسلام نفسه ولن يتوقف ما دام أمر هذا الدين قائماً".
وأضاف أنه من الطبيعي أن يطل برأسه الآن ومستقبلا، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهذا الذي يحدث بين الحين والحين من توجهات تدعو المسلمين إلى أن ينفضوا أيديهم من أحاديث نبيهم الكريم جملة وتفصيلا، بالتشكيك في توثيق هذه الأحاديث مرة، وبالطعن في سيرة الرواد من رواة الأحاديث وأئمته من أهل السنة على وجه الخصوص مرة أخرى.
واعتبر فضيلة الإمام الأكبر أن هؤلاء "لو أنهم يعرفون القرآن ودرسوه وفهموه لأدركوا هذا المعنى الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله: "ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه"، فإننا نجد المماثلة لا تتحقق في شيء غير السنة النبوية؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم جاءنا بهذين الأصلين معا: القرآن والسنة، فدل ذلك على أن السنة وحي من الله عز وجل".
فيديو قد يعجبك: