على جمعة: يوضح مفهوم التقشف
كتب - محمد قادوس:
نشر الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء على صفحته بـ"الفيسبوك" مفهوم التقشف.
أن مفهوم التقشف نراه عند المفكرين المسلمين عندما تكلموا عن المقاصد الشرعية العليا، وهي: حفظ النفس، والعقل، والدين، وكرامة الإنسان، وملكه، فقسموها إلى مراتب ثلاث: الضروريات وهي التي إذا لم يتناولها الإنسان هلك أو قارب على الهلاك. والحاجيات: وهي التي إذا لم يتناولها الإنسان أصابته مشقة. والتحسينيات: وهي ما فوق ذلك.
وترى الإمام السيوطي في «الأشباه والنظائر» بعد أن تكلم عن الضرورة والحاجة والمنفعة يتكلم عن درجتين أخريين فوق هذه الثلاثة، وهما مرتبة الزينة ومرتبة الفضول، والزينة والفضول -وهما في نطاق المباح والحلال -يخرجان الإنسان من دائرة التقشف البناء، فيكون في مستوى آخر من الرفاهة. ويرى المفكرون المسلمون أن ما فوق الفضول يكون قد دخل في دائرة الحرام، وهو ما يسمونه السرف أو الإسراف، ويؤسسون هذا الفكر على قوله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُسْرِفِينَ}.. [الأعراف:31].
وبتتبع ما يحبه ربنا سبحانه وتعالى وما يكره في القرآن الكريم تتضح مجموعة من القيم تخدم فكرة التقشف البناء، وتبين عناصره وشروطه وأهدافه ومجاله، ومن ثم يمكن استخدامه في بناء إنساننا وحضارتنا.
وقال جمعه، إن التقشف البناء يعني ترشيد الاستهلاك، ويعني شعوراً بالرضا في النفس البشرية، ويعني استعظاماً لنعمة الله علينا، وعدم تحقير نعمة الله التي أنعم بها علينا، فكثير من الناس في حالة عدم رضا دائم، ولا يرى إلا ما ليس في يده، ويتمناه ويتألم من فقده، ويأكل أصناف الطعام المتعددة وهو يتمنى أكثر منها، ومن الكلمات التي شاعت ضد التقشف البناء: «إحنا مش عايشين»، ومن الأمثال الشعبية التي كانت مع مفهوم التقشف البناء «على قَدِّ لحافك مد رجليك»، وفوق ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فإنه أجدر ألا تزدروا نعمة الله». قال أبو معاوية: «عليكم» (رواه مسلم)، فاللهم ارزقنا الزهد في الدنيا وحسن العمل للآخرة.
فيديو قد يعجبك: