بين عمائم الأزهر ومنابر الأوقاف.. أزمة "قانون الإفتاء" من الألف إلى الياء
القاهرة- مصراوي:
حالة من الصراع المحتدم بين مشيخة الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف بسبب مشروع قانون تنظيم الإفتاء الذي يتم مناقشته حاليًا في مجلس النواب لإقراره من أجل وضع ضوابط للإفتاء وتحديد من له حق الإفتاء، ويستعرض مصراوي تفاصيل الأزمة في التقرير التالي:
كبار العلماء تستبعد الأوقاف
بدأت الأزمة عندما طالبت هيئة كبار العلماء ومشيخة الأزهر الشريف باستبعاد وزارة الأوقاف من الجهات التي من حقها إصدار الفتاوى وممارسة الإفتاء، وهو ما أثار حفيظة وزير الأوقاف وانفعل خلال الاجتماعات الأخيرة التى تمت بين ممثلين عن الأزهر ووزير الأوقاف حول المادة المتعلقة بتصاريح الفتوى.
وكانت اللجنة قد انتهت من إعداد هذا المشروع في وقت سابق بالاتفاق بين جميع المؤسسات الدينية، ونص على: «يحظر بأي صورة التصدي للفتوى العامة إلا إذا كانت صادرة من هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أو دار الإفتاء، أو مجمع البحوث الإسلامية، أو الإدارة العامة للفتوى بوزارة الأوقاف، ومن هو مرخص له بذلك من الجهات المذكورة، ووفقا للإجراءات التى تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون».
إلا أن هيئة كبار العلماء قد رفضت في وقت لاحق إدراج وزارة الأوقاف ضمن المؤسسات التي يحق لها الفتوى، وطالبت باستبعاد الإدارة العامة للفتوى بالأوقاف من مشروع القانون، رغم موافقتها عليها في الجلسات الأولى من تقديم هذا المشروع.
وحينها وفي تصريحات صحفية خرج الدكتور محيى الدين عفيفي، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، قائلا: «دور الأزهر معلوم، ودور وزارة الأوقاف معلوم للجميع، وليس لدينا كلام آخر».
وأعطى البرلمان مهلة أسبوع واحد، لجميع الجهات لترتيب وجهات النظر من جديد، وحسم هذا الخلاف، خلال اجتماع اللجنة يوم الاثنين المقبل، بحضور الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، ومفتي الجمهورية، الدكتور شوقي علام.
الوزير ينفعل والأوقاف تنتفض
لم يمر الأمر مرور الكرام فقد أثار طلب هيئة كبار العلماء حفيظة قيادات الأوقاف وعلى رأسها وزير الأوقاف الذي انفعل في اجتماع لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب عند مناقشة القانون رافضًا استبعاد وزارته من الهيئات المسموح لها بممارسة الفتوى.
توالت بعدها تصريحات لقيادات وزارة الأوقاف تؤكد رفضها لمقترح "كبار العلماء"، حيث انتقد الشيخ جابر طايع رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، رفض هيئة كبار العلماء بالأزهر ضم الأوقاف إلى القائمة المخول لها بالفتوى في القضايا العامة في قانون الفتوى الجديد.
وقال طايع فى مداخلة هاتفية مع الإعلامي محمد الباز ببرنامج "90 دقيقة " الذي أذيع على قناة "المحور"، إن إدارة الفتوى بالأوقاف أقدم من مجمع البحوث الإسلامية نفسه، موضحا أنه من البديهي أن تكون الهيئات المرخص لها بالفتوى في القانون الجديد هي: دار الإفتاء المصرية ومجمع البحوث وهيئة كبار العلماء بالأزهر وإدارة الفتوى بالأوقاف.
وأشار طايع إلى أنه لا يجد أى سبب منطقى لاستبعاد إدارة الفتوى بالأوقاف من قائمة الفتوى، موضحًا أن المصلحة الشرعية والوطنية معاً تقتضيان عدم إقصاء السادة الأئمة، وأن أي إقصاء للأئمة يفسح المجال لفتوى غير المتخصصين، كون الأئمة هم الأقرب إلى الناس بحكم معايشتهم لهم على مدار اليوم ببيوت الله.
وتابع: "لو أقصينا أهل العلم من علماء الأوقاف وأئمتها وهم الذين يشغلون الساحة الدعوية ويعمرون بيوت الله علما وفقها عبر ما يزيد على خمسين ألف إمام لتركنا الساحة خلواً لغير المتخصصين يعبثون بعقول الناس وأفسحنا الطريق أمام عودة الأفكار المتطرفة والمتشددة ، ولكانت الفرصة أوسع أمام عناصر الجماعات المتطرفة".
وأضاف أن الوزارة قدمت للجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس النواب من المستندات والحجج والأسانيد ما يؤكد حق علمائها وأئمتها فى الفتوى، وأن المصلحة الشرعية والوطنية تقتضيان عدم إقصاء الأئمة ، وأن أى إقصاء للأئمة يفسح المجال لفتوى غير المتخصصين، كون الأئمة هم الأقرب إلى الناس بحكم معايشتهم لهم على مدار اليوم ببيوت الله عز وجل ، بالإضافة إلى مئات الأئمة الذين ينشرون الفكر الوسطي.
فرض الذات
ويبدو أن وزارة الأوقاف تحاول فرض نفسها على الساحة وإثبات مقدرتها على القيام بمهمة الإفتاء بطريقة غير مباشرة، حيث أعلنت الأوقاف خلال الأيام الماضية عن توسعها في لجان الفتوى بالمساجد الكبرى، حيث أكدت الوزارة في بيان صحفي أنها في ضوء رسالتها في خدمة بيوت الله عز وجل وخدمة المجتمع وتبصير الناس بأمور دينهم، وتيسيرا على السائلين والمستفتين في جميع ربوع الوطن حيث بيوت الله العامرة، قررت التوسع في لجان الفتوى بالمساجد الكبرى على مستوى الجمهورية تيسيرا على السائلين القاصدين أئمة بيوت الله.؟
وأضافت الوزارة: عقدت الوزارة عددا من الدورات التدريبية في فقه المقاصد وفقه الأسرة وفقه المعاملات وفقه المواريث وفقه الحج وغير ذلك من سائر الموضوعات الفقهية وبخاصة ما يتصل بالقضايا والمستجدات العصرية، وجعلت التمكن في علم الفقه شرطا رئيسا لتعيين الأئمة الجدد، وجانبا أساسا في جميع اختباراتها في الترقية والإيفاد والعمل بالمساجد الكبرى والعمل بلجان الفتوى التي ستتوسع فيها الوزارة توسعا كبيرا في المرحلة الراهنة تحت إشراف إدارة الفتوى بها، حتى نغلق الباب تماما أمام الدخلاء وغير المتخصصين.
تهدئة
ومع تصاعد وتيرة الصراع أصدرت وزارة الأوقاف بيانًا لتهدئة الوضع قالت فيه: "إنه في الوقت الذي تحرص فيه على قيام أئمتها وعلمائها بمهامهم الدينية والوطنية والمهنية كاملة غير منقوصة بما فيها حق الإفتاء الشرعي خدمة للدين والوطن، فإنها تؤكد شرف انتسابها للأزهر الشريف وانتمائها له، مؤكدة الاحترام الكامل والتقدير لفضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، ولجميع مؤسسات الأزهر الشريف وهيئاته العلمية وعلى رأسها هيئة كبار العلماء، وأنها لا تقبل النيل من أي مؤسسة وطنية تصريحا أو تلميحا أو تعريضا".
وأهابت الأوقاف بالأئمة وجميع منتسبي الأوقاف والعاملين بها عدم الخوض في أي أمور جدلية، محذرة من الانسياق خلف أصحاب الصفحات المشبوهة الذين لا تعنيهم مصلحة الدين أو الوطن.
وأكدت الأوقاف على جميع الأئمة عدم الخوض في أمر الفتوى أو أحقيتها على صفحات التواصل أو غيرها قطعا للجدل وإيثارا للمصلحة الوطنية وتفويتا للفرصة على الدخلاء والمغرضين، وحذف أي تعليقات تتصل بهذا الأمر على صفحاتهم.
وتابعت: "من يخالف هذه التعليمات يعرض نفسه للمساءلة، مع تأكيدنا لهم أننا لن نكون أقل حرصا على مصلحتهم من أنفسهم، وأننا قبل كل شيء أبناء مؤسسة واحدة هي مؤسستنا العريقة الأزهر الشريف، ويجمعنا هدف واحد وإن تعددت وسائله وهو خدمة ديننا ووطننا وأمتنا ونشر سماحة ديننا ووحدة صفنا وهو خطنا الثابت الذي لا ولن نحيد عنه قيد أنملة".
فيديو قد يعجبك: