المساجد السبعة بالمدينة المنورة.. تعرف على مزارات الحجيج التاريخية
إعداد - سارة عبد الخالق:
عادة مع موسم الحج يهتم الحجيج بزيارة الأماكن المقدسة والمعالم التاريخية الشهيرة خاصة الأماكن التي شهدت موطئ قدم للنبي، فكل حاج يتمنى أن يسير بمنطقة مر بها رسول الله – صلوات الله عليه – أو تحدث عنها، ومن هذه المناطق منطقة المساجد السبعة بالمدينة المنورة.
وهذه المساجد السبعة الشهيرة الموجودة بالمدينة المنورة التي يحرص ضيوف الرحمن على زيارتها كمزارات تاريخية عند الذهاب إلى المدينة، هي في الأساس ستة مساجد وليست سبعة، ومع مرور الوقت اشتهرت باسم المساجد السبعة نظرا لإضافة البعض لمسجد القبلتين ضمن هذه المساجد، لأن الزائرين اعتادوا على زيارته هو الآخر مع المساجد الستة، فأصبح يطلق عليها اسم (المساجد السبعة).
لكن لماذا هذه المساجد بالذات ؟!
ترجع شهرة هذه المساجد وربط المنطقة بالتاريخ القديم نظرا لوجود هذه المساجد الصغيرة في الجهة الغربية من (جبل سلع) عند جزء من موقع الخندق الذي حفره المسلمون قديما في شهر شوال عام 5 هـ في عهد النبي – صلوات الله عليه - أيام (غزوة الخندق أو غزوة الأحزاب كما يطلق عليها أيضا) للدفاع عن المدينة.
لذلك تعتبر هذه المنطقة منطقة تاريخية هامة شهدت غزوة هامة من غزوات المسلمين، حيث عسكر النبي – عليه الصلاة والسلام – في هذه الساحة أثناء غزوة الأحزاب، كما أفاد ابن سعد: "وعسكر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سطح سلع وجعل سلعا خلف ظهره"، والظاهر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي في هذه الساحة أثناء الغزوة كما روي عن معاذ بن سعد:" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد الفتح في الجبل وفي المساجد التي حوله".
ولعل عمر بن عبد العزيز بنى هذه المساجد في أماكن صلاته صلى الله عليه وسلم حسب خطته المرسومة لبناء المساجد في المدينة المنورة.
ويعتبر موقع كل مسجد من المساجد الستة كما يروى أنها كانت مواقع مرابطة ومراقبة في تلك الغزوة فسمي كل مسجد باسم من رابط فيه من الصحابة، ما عدا مسجد الفتح.
وفي التقرير التالي يعرض مصراوي معلومات موجزة على كل مسجد من المساجد السبعة على حده:
1- مسجد الفتح
يقع مسجد الفتح على قطعة من جبل سلع ناحية الغرب، و يروى أن هذا المكان كان مصلى لرسول الله وكان يدعو فيه – صلوات الله عليه – على الأحزاب أثناء هذه الغزوة، حتى استجاب له الله تعالى وأرسل ريحا قلعت خيامهم، حتى انخذلوا ورحلوا، وعن سبب تسمية هذا المسجد بهذا الاسم، فيرجع إلى أن الله – عز وجل – أنزل فيه الوحي بالنصر والفتح، وقال الهيثمي وسمي بذلك لقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (أبشروا بفتح الله ونصره).
ولمسجد الفتح أسماء أخرى، حيث يطلق عليه أيضا اسم مسجد "الأحزاب"، لأن رسول الله – صلوات الله عليه – دعا يوم الغزوة على الأحزاب، ويسمى أيضا بـ "المسجد الأعلى"، نظرا لوجوده على منطقة مرتفعة من الجبل.
وقد بناه عمر بن عبد العزيز في فترة إمارته على المدينة بالحجارة، ثم جدد مرة أخرى بأمر الوزير سيف الدين بن أبي الهيجاء ثم أعيد بناؤه في عهد السلطان العثماني عبد المجيد الأول.
2- مسجد سلمان الفارسي
ويقع مسجد سلمان الفارسي جنوبي مسجد الفتح مباشرة، وهو على بعد 20 متراً منه فقط في قاعدة جبل سلع، وقد سمي هذا المسجد نسبة إلى الصحابي سلمان الفارسي صاحب فكرة حفر الخندق، وهو مسجد صغير يتكون من رواق واحد طوله وعرضه 7 م ودرجة صغيرة عرضها متران.
وقد بني هذا المسجد في إمارة عمر بن عبد العزيز على المدينة أيضاً، وجدد بأمر الوزير سيف الدين أبي الهيجاء عام 575هـ. وأعيد بناؤه في عهد السلطان العثماني عبد المجيد الأول.
3- مسجد أبي بكر الصديق
ويقع هذ المسجد جنوب غربي مسجد سلمان على بعد 15 متراً منه.
وقد بني وجدد مع مسجد الفتح ومسجد سلمان الفارسي.
4- مسجد عمر بن الخطاب
بني مسجد عمر بن الخطاب بطريقة بناء تطابق مسجد الفتح، وهو يلي مسجد أبي بكر جنوباً على بعد 10 أمتار منه فقط، وهو على شكل رواق مستطيل وله رحبة غير مسقوفة على صورته، وهو يرتفع عن الأرض 8 درجات.
5- مسجد علي بن أبي طالب
ويقع مسجد علي بن أبي طالب شرقي مسجد فاطمة على رابية مرتفعة مستطيلة الشكل طوله 8.5 م وعرضه 6.5م، وله درجة صغيرة.
بني هذا المسجد وجدد - على الأرجح - مع مسجد الفتح، ويروى أن علياً قتل في هذا الموقع عمرو بن ود العامري الذي اجتاز الخندق في غزوة الأحزاب.
وقد رممت هذه المساجد جميعها في الوقت الحاضر مع المحافظة على شكلها التراثي وقامت أمانة المدينة المنورة بتحسين المنطقة وتشجيرها فأصبحت كأنها حديقة واسعة تتخللها مبان صغيرة.
6- مسجد فاطمة الزهراء
يعتبر مسجد فاطمة الزهراء هو أصغر هذه المساجد، وتبلغ مساحته 4×3م وله درجة صغيرة، ويسمى في بعض المصادر التاريخية بمسجد سعد بن معاذ
7- مسجد القبلتين (الذي أضيف إلى المساجد الستة في هذه المنطقة)
هو مسجد يقع في الطرف الغربي للمدينة المنورة، ويشتهر هذا المسجد بالبياض الناصع، وتبلغ مساحته 3920 مترًا مربعًا، وتعلوه قبتان الأولى قطرها 8 م والثانية 7 م والارتفاع ما يقارب 17 م لكل منهما.
قام الخليفة عمر بن عبد العزيز بتجديد المسجد والاعتناء به، ونال المسجد بعد ذلك عب العصور مراحل تطوير مختلفة.
وقد سمي هذا المسجد بهذا الاسم نسبة إلى حادثة "تحويل القبلة" هذه الحادثة العظيمة، يقول الله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}.. [البقرة : 144]
وجاء في تفسير القرطبي: «نَزَلَ ذَلِكَ [الأمر بتحويل القبلة] عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْجِدِ بَنِي سَلِمَةَ وَهُوَ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ بَعْدَ رَكْعَتَيْنِ مِنْهَا، فَتَحَوَّلَ في الصلاة، فسمي ذلك الْمَسْجِدُ مَسْجِدَ الْقِبْلَتَيْنِ».. تفسير القرطبي (2/ 148،149).
• المصادر:
- أطلس الحج والعمرة لسامي بن عبدالله المغلوث
- المساجد الأثرية في المدينة المنورة – النسخة الرقمية، للدكتور محمد إلياس عبد الغني.
- موسوعة ويكبيديا
فيديو قد يعجبك: