إعلان

مرصد الأزهر: قراءةٌ في كتاب "الإسلام إرثٌ للجميع"

01:17 م الإثنين 27 أغسطس 2018

مرصد الأزهر

القاهرة- مصراوي:

نشرت وحدة رصد اللغة الإسبانية التابعة لمرصد الأزهر الشريف المتابعة الجديدة لأهم الإصدارات حول قضايا المسلمين في الدول الناطقة بالإسبانية - لا سيّما تلك التي تُبرز الجانبَ الوسطي، وتَنفي عن الحضارة الإسلامية تهمَ الغزو والاحتلال‏- تتناول ‏وحدة الرصد باللغة الإسبانية في هذا التقرير كتابًا جديدًا يُعنى بالتراث الثقافي والحضاري الإسلامي في إسبانيا؛ بهدف القضاء على الانغلاق الفكري والأحكام المسبقة، وتعزيز احترام ثقافة التعددية وترسيخ مفهوم التعايش والمواطنة.

وقال المرصد إنه يستعرض في تقريره- نشرته الصفحة الرسمية للمرصد على "فيسبوك"- كتابَاً يسمي: "الإسلام إرثٌ للجميع"، وهو كتابٌ يشتمل على مجموعةٍ من النصوص والصور التي تُعَدّ معرضًا للثقافة الإسلامية في إسبانيا، والكتاب مُكَوَّنٌ من 144 صفحة.

وقد أصدر الكتاب في عام 2002 عن مؤسسة الثقافة الإسلامية بمدريد، ويُعَدّ هذا الكتاب بمنزلة مشروعٍ ثقافي تربوي يهدِف إلى التعايش وإزالة الفُرْقَة والتعصب، ويضم الكتاب بين دَفّتيه نصوصًا تربوية وصورًا فوتوغرافية مُلَوَّنة وفيرة التقطها بعضُ المصورين المعروفين، ويتعرّض هذا الكتاب لمختلِف جوانب الإسلام والحضارة الإسلامية؛ من نواحي: الدين والفن والتاريخ والترفيه والعادات الشعبية، وغيرها من الجوانب الثقافية والاجتماعية للتراث الإسلامي هناك.

وقد تعرّض الكتاب في بدايته للحضارة الإنسانية وعَلاقتها بنَبْذ صور التفرقة والتمييز بوجهٍ عامّ؛ حيث أشار إلى المؤتمر الذي عقدته منظمة الأمم المتحدة في عام 2001 حول مكافحة العنصرية وكراهية الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب، وقد صاحَبَ المؤتمرَ العديدُ من الإجراءات للقضاء على واحدةٍ من أكبرِ المشاكل التي تواجه المجتمعاتِ، وهي رفْض التنوع؛ ولهذا سلكتْ مؤسسةُ الثقافة الإسلامية منحًى جديدًا كمشروعٍ ثقافي مهمٍّ في إسبانيا.

ويتناول الكتاب فكرة تحقيق العدالة بالمجتمع، حيث يشعر الجميع بأنهم مواطنون أحرار، مُفيدون ومحترَمون؛ أمرٌ صعب يجب أن يتمّ بتعاون الجميع، وفي عصر العولمة وسباق الفضاء وتكنولوجيات الاتصال المتقدّمة، لا يجب أن يكون هناك الملايين ممن يعانون من الجوع والحرمان، الأمر الذي تتطلّب مواجهتُه تكاتُفَ الجميع، ولا شَكَّ أن التمييز بسبب اللون أو المُعتقَد أو الجنس مرفوضٌ في كل الأحوال، لا سيّما التمييز ضد المهاجرين الذين كانوا يبحثون عن سُبُلِ عَيْشٍ أفضلَ في أوروبا، وبمرور الوقت أَثْرَوْا المجتمعاتِ التي يَقطُنون بها بمساهماتٍ إيجابية.

ويناقش الكتابُ كذلك قضيةَ التعايش وقَبول الآخَر، والتي لا تتعلّق بالتسامح فحسب، بل بالاحترام المتبادَل، فكلنا مختلفون ولكننا ‏في الوقت نفسِه متشابهون، كما يشير إلى أن المعرفة هي أفضلُ طريقةٍ للقضاء على التحيُّز، وبها تَنمحي الأحكامُ المسبقة، خاصّةً فيما يتعلق بالمهاجرين وما يلاقونه من كراهية، وحالات "إسلاموفوبيا" في بعض الأحيان.

كما يشتمل الكتاب على عِدّةِ مَحاوِرَ أخرى، منها: الحديث عن الإسلام في إسبانيا؛ حيث يُسَلِّط الضوءَ على التراث الإسلامي الكبير الموجود في إسبانيا، التي كانت خاضعةً للحُكْم الإسلامي خلال ثمانية قرون، كما يؤكّد أن هذه الفترةَ كانت حافلةً بمَظاهر التقدم والتنمية، بشكلٍ فاقتْ فيه أوروبا كلَّها آنَذاك.

وفي حديثه عن الحضارة الإسلامية، أشار الكتابُ إلى أن العالَم الإسلامي قد أنشأ حضارةً متطورة للغاية، وبفضل المسلمين عرَف الأوروبيون الكثيرَ في عِلْم الفَلَك والطب والهندسة المعمارية والتكنولوجيا، كما كان العرب والفُرْس المسلمون هم من ترجموا أولى الدراسات اليونانية عن الفلسفة والعِلْم النباتي والطب، وهم الذين صنعوا جزءًا كبيرًا من المنتجات الغذائية والأدوات التي لا تزال مُستخدَمةً إلى الآنَ، كما يضمّ الكتابُ نبْذَةً عن نشأة الإسلام، وبَدْء الرسولِ محمّدٍ -صلّى الله عليه وسلّم- في تَلَقّي الوحي، ونشْر تعاليمِ الدين في كل أرجاء العالم، كما تَعَرَّضَ لحُكْم الخلفاء مِن بعده، وتكوين إمبراطوريةٍ إسلامية امتدَّ حُكْمُها لِيَشملَ بقعةً واسعة من المعمورة، وقد كانت فترة حُكم المسلمين تَتَّسِم في أغلب أوقاتها بالتَّحَلّي بقيَم العدل والتسامح، واحترام المؤسسات السياسية والقانونية والدينية القائمة في البلدان التي قاموا بفتحها.

وجاء في الكتاب: أن هناك فَرْقًا بين العرب والمسلمين؛ إذ غالبًا ما يحدث خَلْطٌ عند المُتَلَقّي بين الوصفين، ويقول: إن أكبرَ دولةٍ من حيثُ عدد المسلمين في العالم هي إندونيسيا، وهي دولةٌ ليست عربية، تليها دولٌ أخرى أمثال: باكستان وأفغانستان وجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة، مثل: أوزبكستان وتركمانستان، ودولٌ أخرى؛ كالهند والصين -فضلًا عن الدول العربية- غير أنّ هؤلاءِ جميعَهم، أيْ: المسلمين، يربطهم الدينُ وتَحكمهم تعاليمُه السّمحة.

ويرى "مرصد الأزهر" أن الكتاب قام بتوضيح العديد من المفاهيم، التي ربما لا تكون واضحةً في ذهن القارئ الغربي.

ويؤكّد "مرصد الأزهر" أن الحقائقَ التاريخية المرتبطة بالوجود الإسلامي في إسبانيا لا يمكن إنكارها، فقد نَهِلتْ أوروبا كلُّها من الحضارة الأندلسية التي أضاءتْ دُروبَ العلم والفكر والثقافة، فضلًا عن تَفَوُّقها العمراني والفني وآثارها الخالدة.

ويأمُل "المرصد" أن تكون نظرةُ الغربِ لهذه الفترةِ إيجابيةً، تعترف بأهميتها وأهمية ما خلفته من آثارٍ، وما أَمَدّتْ به أوروبا من العِلْم والثقافة والفنون.

تعريفٌ بمؤسسة الثقافة الإسلامية

هي مؤسسةٌ إسبانية لا تَهدِف للرِّبْح، وليس لها توَجُّهاتٌ سياسية أو طائفية، بل تقوم على أسسٍ علمية، وقد تأسّستْ عام 1982 تلبيةً للحاجة إلى كسر حواجز عدم التفاهم بين العالم العربي الإسلامي والغرب، وتَتَخصّص المؤسسة في الثقافة الأندلسية وتراثها، الذي يُعَدّ نموذجًا للاحترام بين الثقافات؛ كأداةٍ لتعزيز التفاهم.

وتتركّز أعمال المؤسسة الثقافية الإسلامية في إسبانيا في اتجاهين؛ أحدهما: تعزيز التعايش بين الثقافات، والذي يسمح بترابطٍ اجتماعيٍّ أكبرَ، حيث تذوب الخلافات وتُحترم الاختلافات، والآخَر: تعزيز إجراءات التنمية المستدامة في 23 بلدًا متوسطيًّا، وقد نالت المؤسسةُ العديدَ من الجوائز على المستوى الإسباني والأوروبي، فضلًا عن إبرامها العديدَ من الاتفاقيات مع منظماتٍ أوروبية وعالمية، مثل: منظمة اليونيسكو، والجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، ومعهد العالم العربي في باريس، والمفوضيّة الأوروبية.

كان الدكتور طارق شعبان سالم، منسّق عامّ مرصد الأزهر، قام بزيارةٍ إلى مؤسسة الثقافة الإسلامية بمدريد، خلال شهر أغسطس؛ وذلك بناءً على دعوةٍ من المؤسسة، التقى خلالها السيدةَ "إنكارنا جوتييرث"، سكرتيرَ عامّ المؤسسة الثقافة الإسلامية، وذلك بمَقَرّ المؤسسة بالعاصمة الإسبانية مدريد، حيث قام بتقديمِ شرحٍ وافٍ لدَور الأزهر الشريف؛ من أجل نشْر الوعي وصحيح الدين.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان