على جمعة يبيّن فضائل الأعمال: إذا فعلتها فأنت على الصراط المستقيم
كتب ـ محمد قادوس:
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف إن سيدنا رسول الله ﷺ بيّن لنا فضائل الأعمال في أحاديث كثيرة، قد تصل إلى حد الكتب، وتفرح بهذه الأعمال، وبأنك إذا فعلتها فأنت على الصراط المستقيم، لكنه جاء فنبّهك فقال: "ليس هناك من الأعمال أثقل في الميزان يوم القيامة من حسن الخُلق، وإن الله يُبغض الفاحش البذيء".
وكتب جمعة عبر علي صفحته الرسمية بـ "فيسبوك" أن نعم حسن الخلق أثقل الأعمال في الميزان، ناصحاً: صلّ فإن الصلاة ركن، أذّن فإن الأذان فضل، اذكر فإن الذكر لا يعدله شيء، ولكن الذي يبقى حسن الخلق؛ ولذلك كان النبي ﷺ يقول في وصاياه: «وأن تخالق الناس بخلقٍ حسن» ويقول: «أحسن الحسن الخُلق الحسن» وهو أوتي عظيم الأخلاق قال ربه في وصفه: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4]، وإذا عددت ما في الأحاديث، وقد ورد إلينا نحو ستين ألف حديث عن سيد الخلق ﷺ، تجد ألفين فقط في كل الشريعة من أولها إلى آخرها في الصلاة، وفي البيوع، وفي الزواج، وفي القضاء، وفي العلاقات الدولية، وفي الحرب، وفي السلم تجد ألفين، والبقية الأخلاق المرتبطة بالله رب العالمين بالعقيدة، بالتوحيد، إذن خمسة في المائة من الشريعة تتكلم عن كل شيء، وخمسة وتسعون بالمائة تتكلم عن الأخلاق.
وأضاف جمعة مبيناً فضل الجهاد أنه عندما رجع النبي ﷺ إلى المدينة في مرةٍ من المرات قال فيما أخرجه البيهقي في الزهد: «رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر وهو جهاد النفس» الجهاد التي مرت به المدينة استغرق شهرين ثلاثة أربعة خمسة، فما الذي تفعله أيها المؤمن بعد الجهاد الأصغر؟ تفعل جهادًا أكبر، تعبد ربك، وتتبع نبيك، وتُعمّر الأرض، وتُحسن الخُلق، فهذا هو الجهاد الحقيقي، وهذا هو الجهاد في الله.
وأكد فضيلة المفتي السابق أن النبي ﷺ جاءنا فوسّع لنا معنى الجهاد، لم يعد الجهاد هو القتال في سبيل الله، وهو جهادٌ بلا شك، والقتال في سبيل الله فضله ليس بعده فضل؛ لأنك تصد عن الحوزة؛ لأنك تصد العدوان، وترفع الطغيان؛ لأنك تحمي البلاد والعباد من الظلم والظلمة، فحقيقٌ علينا أن نقاتل في سبيل الله، وأن ننتصر، وأن يكرمنا الله سبحانه وتعالى بإحدى الحسنيين النصر أو الشهادة، ولكن رجعنا من الجهاد الأصغر فما الذي علينا؟ علينا هذه الثلاثة، علينا عبادة الله، وعلينا عمارة الأرض، وعلينا حسن الخُلق.
وكتب: كثيرٌ من الناس حُرم حسن الخُلق، نراه يصلي، ونراه يُزكّي، لكن لا نرى قلبه، ولا نراه قد ملأه بالأنوار المحمدية المصطفوية التي تجعله في نطاق حسن الخُلق، قاوم نفسك، درّب نفسك، ربّ أولادك على حسن الخلق العالي، فقد كان النبي ﷺ أتى إلى هذه البشرية من أجل هذا فقال: «إنما» للحصر والقصر «بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق» وكان سيدنا ﷺ يحب حسن الخلق من الكافر كما يحبه من المسلم، وكان يتذكر حاتمًا الطائي وهو الكريم الذي اشتهر كرمه فجاءته ابنته فخلع عباءته، وأجلسها عليها وقال: «إن أباك كان يُحب مكارم الأخلاق» طمعت البنت، قالت: أهو في الجنة؟ قال رسول الله: «لا، هو في النار» - فلماذا وهو في النار تُكرم ابنته؟ لأنه كان يُحب مكارم الأخلاق، ومكارم الأخلاق إذا ما صدرت من هذا المشرك يعني تستحق الحمد؟ نعم، تستحق الحمد والشكر، نعم تستحق أن نُكرم ابنته من أجل هذا الذي قدّمه- فقال: «إنما كان يفعل ذلك لسمعةٍ يتسمعها». كان يريد أن يُقال حاتم أكرم العرب.
وكلما ذكر ابن جدعان تبسّم، وابن جدعان هو الذي تم في بيته حلف الفضول الذي قال فيه: «والله لو أنهم دعوني إليه في الإسلام للَبّيت»، فكان كلما ذُكر ابن جدعان تبسّم، فقالت عائشة: ما بالك يا رسول الله كلما ذُكر عبد الله بن جدعان تبسّمت؟ قال: «كان عنده قصعة» -طبق كبير- «يُصعد إليه بالسلالم يثرد فيه الثريد» -يفت فيه الفتة باللحمة- «لضيوف الرحمن» -كان النبي ﷺ معجب بهذا الكرم، بسعة الصدر، بالخُلق الذي كان عليه عبد الله بن جُدعان- فقالت: أهو في الجنة؟ قال: «لا». والجنة لا تدخل لنا فيها ، إنما في الدنيا نحب الخلق الحسن من كل إنسان، أما يوم القيامة بيد الله تعالى هو سبحانه مالك يوم الدين.
فيديو قد يعجبك: