جمعة: الصد عن سبيل الله ناتج من الكفر الظاهر أو الخفي وعمل من أعمال الشيطان
(مصراوي):
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، إن الصد عن سبيل الله من الأخلاق السلبية التي نهى عنها ربنا في كتابه وأكد على ذلك رسولنا ﷺ في سنته.
وأضاف فضيلته أن المتأمل في الآيات التي ذكرت في القرآن الكريم حول الصد عن سبيل الله يخاف أن يقع فيما يؤدي إلى ذلك الصد، ولذلك يشفق أحدنا على أولئك الشباب الذين يسيرون وراء دعوات الإرجاف والفساد في الأرض وهم لا يدركون أنهم أصبحوا من الصادين عن سبيل الله؛ حيث يستهجن الجميع تصرفاتهم وهم يصورون أيضاً دين الله على غير ما هو عليه، والله يقول في سورة الممتحنة : (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِى إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ العَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ المَصِيرُ * رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ).
وكتب فضيلة المفتي السابق، عبر صفحته الرسمية على فيسبوك: ودعاء أتباع إبراهيم عليه السلام بأن لا يجعلهم فتنة للذين كفروا تعبير واضح عن ذلك الخوف أن يكونوا هم أنفسهم صادين عن سبيل الله بحالهم أو قالهم، ولو أن الشباب أدرك هذا الخوف لكان وقاية له من التهور والانحراف. يقول النبي ﷺ: (من خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولا يتحاش من مؤمنها ولا يفي لذي عهد عهده، فليس مني ولست منه) [أخرجه أحمد ومسلم].
وتابع فضيلته أن الصد عن سبيل الله هو المضاد للعمل الصالح، فكما أن العمل الصالح ناتج عن الإيمان ودليل عليه ومعيار لزيادته ونقصانه، فالصد عن سبيل الله ناتج أيضا من الكفر الظاهر أو الخفي (النفاق) ودليل عليه ومعيار له فالله يقول : (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) ويكررها كثيراً ولا يذكر الإيمان إلا مقترنا بالعمل الصالح، وكذلك لا يذكر الصد عن سبيل الله إلا ومعه الكفر أو النفاق قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالًا بَعِيدًا) ، وقال سبحانه : ( الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ العَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ).
وأكد فضيلة المفتي السابق أن الله تعالى جعل الصد من عمل الشيطان، قال تعالى : (وَلاَ يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) ، وقال سبحانه : (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ العَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِى الخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ).
وهدف الصد هو الاعوجاج وتحصيل الشهوات والكفر بالآخرة وترك هداية القرآن وحب الرشوة وأكل أموال الناس قال تعالى : (قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) .
ونتيجة الصد هو العذاب في الآخرة والضيق في الدنيا قال تعالى : (اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ).
فاللهم اجعلنا مع الصالحين وابعدنا عن الصادين .. آمين.
فيديو قد يعجبك: