علامات الساعة.. هل الدجال أدرك النبي ﷺ وهو لم يبلغ الحُلُم؟
كتب ـ محمد قادوس:
تابع الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، حديثه عن علامات الساعة الكبرى، وأوضح فضيلته صحة رواية "هل الدجال هو ابن صياد الذي أدرك النبي ﷺ وهو لم يبلغ الحلم".
وكتب فضيلته، عبر صفحته الرسمية على فيسبوك: لقد اختلف العلماء في تلك المسألة، وذلك لما روي من أحاديث صحيحة في هذا المعنى فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما -أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انطلق مع رسول الله ﷺ في رهط قبل ابن صياد حتى وجده يلعب مع الصبيان عند أطم بني مغالة، وقد قارب ابن صياد يومئذ الحلم، فلم يشعر حتى ضرب رسول الله ﷺ ظهره بيده، ثم قال رسول الله ﷺ لابن صياد: (أتشهد أني رسول الله؟ فنظر إليه ابن صياد، فقال: أشهد أنك رسول الأميين، فقال ابن صياد لرسول الله ﷺ: أتشهد أني رسول الله؟ فرفضه رسول الله ﷺ وقال: (آمنت بالله وبرسله)، ثم قال له رسول الله ﷺ: ماذا ترى؟ قال ابن صياد: يأتيني صادق وكاذب، فقال له رسول الله ﷺ: خلط عليك الأمر، ثم قال له رسول الله ﷺ: إني خبأت لك خبيئا، فقال ابن صياد: هو الدخ، فقال له رسول الله ﷺ: اخسأ فلن تعدو قدرك. فقال عمر بن الخطاب: ذرني يا رسول الله أن أضرب عنقه، فقال له رسول الله ﷺ: إن يكنه فلن تسلط عليه، وإن لا يكنه فلا خير لك في قتله) [رواه البخاري ومسلم].
واستشهد فضيلة المفتي السابق بقول سالم بن عبد الله : سمعت عبد الله بن عمر يقول : انطلق بعد ذلك رسول الله ﷺ وأبي بن كعب الأنصاري إلى النخل التي فيها ابن صياد حتى إذا دخل رسول الله ﷺ النخل طفق يتقي بجذوع النخل وهو يختل أن يسمع من ابن صياد شيئا قبل أن يراه ابن صياد، فرآه رسول الله ﷺ وهو مضطجع على فراش في قطيفة له فيها زمزمة، فرأت أم ابن صياد رسول الله ﷺ وهو يتقي بجذوع، فقالت لابن صياد : يا صاف ( وهو اسم ابن صياد ) هذا محمد، فثار ابن صياد، فقال رسول الله ﷺ : لو تركته بين. [رواه البخاري ومسلم] .
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (خرجنا حجاجا أو عمارا ومعنا ابن صياد، قال: فنزلنا منزلا، فتفرق الناس وبقيت أنا وهو. فاستوحشت منه وحشة شديدة مما يقال عليه، قال: وجاء بمتاعه فوضعه مع متاعي، فقلت: إن الحر شديد، فلو وضعته تحت تلك الشجرة. قال: ففعل، قال: فرفعت لنا غنم، فانطلق فجاء بعس فقال: اشرب أبا سعيد! فقلت: إن الحر شديد واللبن حار، ما بي إلا أني أكره أن أشرب عن يده -أو قال آخذ عن يده -فقال: أبا سعيد! لقد هممت أن آخذ حبلا فأعلقه بشجرة ثم أختنق مما يقول لي الناس، يا أبا سعيد: من خفي عليه حديث رسول الله ﷺ ما خفي عليكم معشر الأنصار، ألست من أعلم الناس بحديث رسول الله ﷺ؟ أليس قد قال رسول الله ﷺ: هو عقيم لا يولد له، وقد تركت ولدي بالمدينة؟ أو ليس قد قال رسول الله ﷺ: لا يدخل المدينة ولا مكة، وقد أقبلت من المدينة، وأنا أريد مكة؟ قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: حتى كدت أن أعذره، ثم قال: أما والله إني لأعرف مولده وأين هو الآن. قال : قلت له : تبا لك سائر اليوم) [مسلم].
وتابع فضيلة المفتي السابق: الصحيح في ذلك أن ابن صياد قد يكون من الدجاجلة ولكن ليس هو الدجال الأكبر، وذلك لحديث تميم الداري السابق فيه أن الدجال الأكبر الذي يخرج في آخر الزمان غير ابن صياد، فابن صياد أدركه النبي ﷺ، وهو لم يبلغ الحلم، وتميم لقي رجلاً كبيرا، عظيم الخلق، مسجونا في جزيرة من جزائر البحر موثقا بالحديد يستفهم عن خبر النبي ﷺ هل خرج أو لا، فالجمع بينهما بعيد.
قال النووي: (قال العلماء: وقصته مشكلة وأمره مشتبه في أنه هل هو المسيح الدجال المشهور أم غيره، ولا شك في أنه دجال من الدجاجلة. قال العلماء: وظاهر الأحاديث أن النبي ﷺ لم يوصف إليه بأنه المسيح الدجال ولا غيره، وإنما أوحي إليه بصفات الدجال، وكان في ابن صياد قرائن محتملة، فلذلك كان النبي ﷺ لا يقطع بأنه الدجال ولا غيره، ولهذا قال لعمر رضي الله عنه: إن يكن هو فلن تستطيع قتله.
وفي نهاية حديثه عن المسيح الدجال، أكد جمعة أن احتجاجه هو بأنه مسلم والدجال كافر، وبأنه لا يولد للدجال وقد ولد له هو، وأنه لا يدخل مكة والمدينة وأن ابن صياد دخل المدينة وهو متوجه إلى مكة، فلا دلالة له فيه؛ لأن النبي ﷺ إنما أخبر عن صفاته وقت فتنته وخروجه في الأرض، ومن اشتباه قصته وكونه أحد الدجاجلة الكذابين قوله للنبي ﷺ: أتشهد أني رسول الله؟ ودعواه أنه يأتيه صادق وكاذب، وأنه يرى عرشا فوق الماء، وأنه لا يكره أن يكون هو الدجال، وأنه يعرف موضعه، وقوله : إني لأعرفه وأعرف مولده وأين هو الآن، وانتفاخه حتى ملأ السكة، وأما إظهاره الإسلام وحجه وجهاده وإقلاعه عما كان عليه فليس بصريح في أنه غير الدجال) [شرح مسلم للنووي].
فيديو قد يعجبك: