فتح دمشق .. حين سقط أكبر معاقل الروم صُلحًا
كتب – هاني ضوه :
يعد الفتح الإسلامي لمدينة دمشق واحدًا من أهم الأحداث التاريخية التي وقعت في مثل هذا اليوم 16 من شهر رجب سنة 14 هجريًا، فبعد أن انتصر المسلمون في عدد من المعارك في الشام، توجهت أنظارهم إلى واحد من أكبر معاقل الروم في الشام وهي مدينة دمشق، وحينها أمر الصحابي الجليل أبو عبيدة بن الجراح الذي كان قائدًا لجيش المسلمين بالتوجه إلى دمشق لفتحها.
وكانت مدينة دمشق في ذلك الوقت أكبر حامية رومانية، وتحركت الجيوش الإسلامية نحو الشام فنزلت في منطقة "مرج الصفر"، وهناك جاءت الأنباء أن الإمدادات ستأتي للمسلمين من فلسطين، وعلم أبو عبيدة أن الروم جمعوا جيوشهم في منطقة "فحل" بفلسطين، فاتخذ قراره بأن يمضي بالجيش نحو دمشق.
هناك كان الروم يتحصنون في المدينة بجيش قوامه 80 ألفا، فأرسلوا المياه في المنطقة التي يقيمون فيها حتى أردغت الأرض وسُميت المنطقة نسبة لذلك بالمردغة، وتمكن المسلمون بذلك من فتح الحصن الأول قبل دمشق.
مدينة دمشق لم يكن من السهل اختراقها فقد كانت محصنة بسور ضخم عظيم وهي تمتد أمام جبل قاسيون الواقع في شمالها، وكان سورها يبلغ طوله 1600 متر وعرضه نحو ألف متر وقد حفر حول السور خندقا عميقا واسعا مليء بالمياه. وكان في بعض نواحيه يبلغ العشرين مترا عرضا.. ويبلغ عدد بواباتها تسعة.. وقد بنى عند كل بوابة برج عال ينتهي بغرفة مربعة لإقامة الجنود.
وذكر الإمام ابن كثير في كتابه "البداية والنهاية" والطبري وغيرهما أن جيش المسلمين وقادته عملوا على حصار المدينة من كافة الجهات، فكان كل قائد من قادة المسلمين يتولى جهة، فتولى أبو عبيدة بن الجراح باب الجابية لجهة غرب مدينة دمشق، أما خالد بن الوليد فتولى أمر الباب الشرقي حيث كان يوجد: دير صليبا وصار اسمه فيما بعد دير خالد، ويزيد بن أبي سفيان نزل أمام الباب الصغير وكان اسمه باب يونس قبل الفتح ثم أصبح اسمه باب كيان بعد الفتح الإسلامي نسبة إلى كيسان مولى معاوية بن أبي سفيان ويقع إلى الجنوب الشرقي، بينما نزل عمرو بن العاص على باب توما إلى الشمال من مدينة دمشق لجهة الشرق، أما شرحبيل بن حسنة فتولى محاصرة باب الفراديس لجهة الشمال الغربي لمدينة دمشق.
وبعد حصار دام سبعين يومًا عبر خالد بن الوليد خندق الماء الذي حول المدينة ثم رمى المسلمون الكلاليب فعلق اثنان منها، وتسلق المسلمون السور ثم مدوا بقية الحبال وصعد جمع من المسلمين فوق الأسوار، ونزلوا ففتحوا الباب الشرقي في خفة وبراعة، ثم تدفقت الجيوش وقاتلت من وقف في طريقها.
وكان لتلك الخطوة الشجاعة من خالد بن الوليد أثر كبير في انتصار المسلمين سلمًا، فعندما علم الروم وهم على باب الجابية بما حصل عند الباب الشرقي سارعوا إلى أبي عبيدة وطلبوا تسليم البلدة بالأمان، فوافق ولم يكن يعرف بعد ما قام به خالد بن الوليد وفتح الأبواب، وبذلك تصالح الروم مع جيش المسلمين وفرض أبو عبيدة بن الجراح شروط الصلح.
وبعد أن فتح المسلمون دمشق وعلى عادتهم عند فتح أي مدينة جديدة قاموا ببناء مسجد سمي بمسجد الصحابة شرقي معبد جوبيتر الروماني المتهدّم، وقد أقام معاوية بن أبي سفيان عندما تولى الخلافة في هذا المسجد أول محراب في العالم الإسلامي دُعي محراب الصحابة .
فيديو قد يعجبك: