إعلان

السر وراء تراجع إمام الحرم المكي السابق عن تكفير الشيعة

04:32 م الإثنين 25 مارس 2019

الشيخ عادل بن سالم الكلباني

(مصراوي):

قبل نحو عشرة أعوام وتحديدًا في شهر مايو عام 2009، خرج الشيخ عادل بن سالم الكلباني إمام الحرم المكي الشريف حينها ليؤكد في لقاء تلفزيوني مع شبة "بي بي سي" في برنامج "في الصميم" ليؤكد أن "علماء الشيعة "كفار"، وأن "الشيعة لا يحق لهم أن يكونوا ممثلين في "هيئة كبار العلماء"، أعلى هيئة دينية في المملكة العربية السعودية، لتثير تصريحاته في ذلك الوقت موجة من الكراهية والانتقادات.

وقبل يومين، وفي خطوة غير مسبوقة خرج الشيخ الكلباني على شاشة قناة "إم بي سي" ولكن هذه المرة بفكر يبدو أكثر انفتاحًا ووسطية، حيث تراجع عن رأيه السابق في تكفير الشيعة، معلنًا أنه لم يعد يكفر أي شخص يقول "لا إله إلا الله".

وأضاف الكلباني أنه من الطبيعي أن تتغير القناعات والآراء، قائلًا: "إذا وجدت أني أسير في الطريق الخطأ .. سأتراجع".

وتابع قائلاً: "نعم، لم أعد أكفّر من قال لا إله إلا الله، فكل من قال لا إله إلا الله ومن أكل ذبيحتنا واستقبل قبلتنا فهو مسلم، وفي التفاصيل هذا يحال إلى القضاء، هذا ما أدين الله به اليوم، والله لم يجبرني عليه أحد ولم يكلمني به أحد، ولم أشأ أن أنشره لكيلا يؤوَّل".

وكشف إمام الحرم المكي السابق عن السبب الرئيسي وراء تراجعه عن تكفير الشيعة أن السبب "كتاب" .. والكتاب الذي يقصده الشيخ الكلباني هو كتاب الشريف حاتم العوني "تكفير أهل الشهادتين"، والذي أثر في تفكيره بعد قراءته له، حيث استدل الشريف العوني بنقولات كثيرة تدل على عدم تكفير أي من المسلمين، وأضاف:" هذه النقولات راجعتها لأهل العلم ومنهم شيخ الإسلام، وكنت سأكتب مقالا أوضح فيه وجهة نظري، ولكني خفت أن يؤول إلى أنه كانت نتيجة لضغوطات سياسية".

لم يتطرق الشيخ الكلباني في لقاءه فقط إلى تكفير الشيعة فحسب، بل بدى أكثر انفتاحًا ووسطية كذلك فيما يخص عدد من القضايا الدينية الأخرى التي كانت دائمًا مثارًا للجدل خاصة في المجتمع السعودي مثل قيادة المرأة للسيارة والسفر بدون محرم وغيرها من الأمور.

وعن ذلك يقول: «ينبغي أن نأخذ زمام الأمور فيها، ونقول رأينا فيها، كالسينما وقيادة المرأة، التي أوضحت رأيي فيها سابقا، وهوجمت بسببها، وتوقع المتشائمون أن هذه القراراتستؤدي لخطر عظيم، وهذا ما لم يحدث بحمد الله في دولة تحتكم في قوانينها وتشريعاتها للكتاب والسنة».

وكتاب الشريف حاتم العوني "تكفير أهل الشهادتين" والذي كان سببًا في تراجع الشيخ عادل الكلباني عن رأيه في تكفير الشيعة، هو كتاب سعى المؤلف من خلال منهجية أصولية محكمة، واستمداد قرآني ونبوي، إلى بيان القواعد الحاكمة لقضية تكفير المسلمين، وتحقيق أصولها وتجريد بُناها الشرعية مما علق بها من مسائل متشابكة ومتداخلة بفعل تعقيدات الواقع وقصور النظر المتفحص في القواعد الشرعية.

كما بيّن الشريف العوني في كتابه هذا مناطات التكفير وأوجه المنع منه، من خلال مناقشة الوقائع والأحوال التي توجب التكفير وتضمر المنع منه، وذيل ذلك كله بمناقشات نقدية لبعض مناطات تكفير أهل الشهادتين، والخلل الذي وقع فيه بعض الذين بحثوا هذه الأبواب.

ويعتبر مؤلف الكتاب أن مسائل الأسماء والأحكام، وقضايا الكفر والإيمان تعد من أعظم أبواب الدين وأشدها أثرًا؛ إذ يتعلق بها عدد كبير خطير الأثر من الأحكام الدنيوية والأخروية، وقد كانت لهذه القضايا تعلقات ونتائج شكلت معالم أحداث كثيرة في تاريخ المسلمين وواقعهم.

وأضاف أن السبب الذي دعاه لتأليف هذا الكتاب أن قضية التكفير طالتها وعبثت بها أيادي التشدد والتساهل، وأنتجت فيها أقوال تتسم بالعجلة في التحرير وضعف الإحكام المنهجي، وعدم الانضباط بما تقتضيه نصوص الوحي، بالإضافة إلى غياب وضعف تفعيل المحددات العقدية والقواعد الأصولية المحكمة الضابطة لمسار إنتاج حكم شرعي بهذه الخطورة.

ولأن الحكم على المعين المسلم من أهل القبلة بانتفاء الإيمان عنه وخروجه من دائرة الإسلام، وما يترتب على ذلك من أحكام فقهية واعتقادية؛ يُعد حكمًا ثقيل الأثر والانحراف أو حتى الخلل فيه يؤدي إلى اتساع مساحات المخاطر التي تهدد الاستقرار المجتمعي والأمن الفكري للشعوب المسلمة في أصقاع الأرض.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان