لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"أمرنا الله تعالى بتوبة مخصوصة".. المفتي السابق يشرح كيف تكون التوبة النصوح

08:08 ص السبت 30 مارس 2019

الدكتور علي جمعة

(مصراوي):

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، إن التوبة في اللغة العود والرجوع، يقال: تاب إذا رجع عن ذنبه وأقلع عنه. وإذا أسند فعلها إلى العبد يراد به رجوعه من الزلة إلى الندم، يقال: تاب إلى الله توبة ومتابا: أناب ورجع عن المعصية، وإذا أسند فعلها إلى الله تعالى يستعمل مع صلة (على) يراد به رجوع لطفه ونعمته على العبد والمغفرة له، يقال: تاب الله عليه: غفر له وأنقذه من المعاصي. قال الله تعالى: (ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).

وأضاف المفتي السابق أن الاصطلاح التوبة هي: الندم والإقلاع عن المعصية من حيث هي معصية لا; لأن فيها ضررًا لبدنه وماله, والعزم على عدم العود إليها إذا قدر. وعرفها بعضهم بأنها الرجوع عن الطريق المعوج إلى الطريق المستقيم. وعرفها الغزالي بأنها: العلم بعظمة الذنوب, والندم والعزم على الترك في الحال والاستقبال والتلافي للماضي.

وكتب فضيلته، عبر صفحته الشخصية على فيسبوك، أن هذه التعريفات وإن اختلفت لفظًا هي متحدة معنىً. وقد تطلق التوبة على الندم وحده إذ لا يخلو عن علم أوجبه وأثمره وعن عزم يتبعه, ولهذا قال النبي ﷺ: «الندم توبة» [رواه أحمد، وابن ماجة]، والندم توجع القلب وتحزنه لما فعل وتمني كونه لم يفعل.

والإنسان يحتاج للتوبة دائمًا لأن الله قد أمر بتوبة مخصوصة وهي التوبة النصوح فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لاَ يُخْزِى اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).

وأوضح جمعة أن عبارات العلماء قد اختلفت في معنى التوبة النصوح, وأشهرها ما روي مرفوعًا عن معاذ أن النبي ﷺ قال: «التوبة النصوح أن يندم المذنب على الذنب الذي أصاب فيعتذر إلى الله عز وجل ثم لا يعود إليه كما لا يعود اللبن إلى الضرع» [ذكره الأصبهاني في العظمة] وأن التوبة النصوح هي التي لا عودة بعدها كما لا يعود اللبن إلى الضرع. وقيل: هي الندم بالقلب، والاستغفار باللسان، والإقلاع عن الذنب، والاطمئنان على أنه لا يعود.

فلابد من المراجعة الدائمة لأنها عظيمة النفع في ترقي الإنسان وخلاصه من الدنايا، ولقد ضرب لنا المصطفى ﷺ مثلاً من نفسه؛ حيث قال: «يا أيها الناس توبوا إلى الله، فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة» [رواه الترمذي]، وسنة الله في طبيعة البشر اقتضت أن تكون تلك التوبة والمراجعة دائمة، ولا ينبغي أن نمل من كثرة التوبة إلى الله، ولا نمل من مصارحة النفس بالعيوب والقصور، لا نمل من الإقلاع بهمة متجددة لرب العالمين.

والله يحب من عبده إذا أخطأ أن يرجع عن خطئه، حتى لو تكرر الخطأ أو الخطيئة، فهو يقبل التوبة من عبادة ويعفو عن كثير، ويقول رسول الله ﷺ: (كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون) [رواه أحمد والترمذي]. والتوبة فلسفة كبيرة في عدم اليأس، وفي وجوب أن نجدد حياتنا وننظر إلى المستقبل، وأن لا نستثقل حمل الماضي، وإن كان ولابد أن نتعلم منه دروسًا لمستقبلنا، لكن لا نقف عنده في إحباط ويأس، فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون. التوبة فيها رقابة ذاتية تعلمنا التصحيح وتعلمنا التوخي والحذر في قابل الأيام، وهي من الصفات المحبوبة؛ فلنجلعها ركنًا من أركان الحب.

والتوبة تخرج الإنسان من ذنوبه، وكأنه لم يفعل ذنبا قط، قال النبي ﷺ: «التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لاَ ذَنْبَ لَهُ» [رواه ابن ماجه]. وكان النبي ﷺ يكثر من الاستغفار والتوبة إليه ليترقى في درجات القرب، وليعلمنا كثرة الاستغفار، فقال ﷺ: «إِنِّى لأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِى الْيَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةً». [رواه ابن ماجة].

وشروط التوبة أولاً: أن يقلع الإنسان عن الذنب ويفارقه ويبتعد عنه، ثم يندم القلب على ما فرط واقترف في حق الله، ثم يعزم بإخلاص ويعاهد الله على عدم العودة للذنب مرة أخرى.

رزقنا الله التوبة في كل وقت وحين، وجعلنا من الأوابين.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان