قضاء ما فات من رمضان في النصف الثاني من شعبان .. هل منهي عنه؟
كتب – هاني ضوه :
أباح الله سبحانه وتعالى لمن كان له عذر شرعي معتبر أن يفطر في شهر رمضان، مراعاة لظروفه من مرض أو سفر أو حيض أو نفاس، وهو أسباب اعتبرها الفقهاء من مبيحات الفطر في هذا الشهر الجليل حتى زوال هذا العرض، على أن يقضي الإنسان ما فاته من هذه الأيام بعد رمضان وقبل حلول رمضان الذي يليه.
ودائماً ما يبرز سؤال عند الكثير، خاصة مع حلول شهر شعبان وقرب شهر رمضان، ألا وهو: هل يجوز قضاء صيام شهر رمضان في شهر شعبان وتحديدًا في النصف الثاني من شعبان كون الصيام فيه مكروهاً عند كثير من العلماء؟
وهنا نجد أن الفقهاء قد فصلوا في هذا الأمر تفصيلًا وأوضحوا أن من أفطر شيئاً من رمضان وجب عليه قضاؤه قبل رمضان القادم، سواء كان ذلك قبل النصف من شعبان أو بعده؛ لأن النهي الوارد في الحديث والذي يحرِّم الصيام بعد دخول النصف الثاني من شعبان محمول على صيام النافلة المطلقة فقط وليس القضاء.
وقد ثبت في صحيح البخاري ومسلم عن أن المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها، أنها قالت: "كان يكون عليَّ الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان لمكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم".
وقد ذكر الإمام النووي رحمه الله قول السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يصوم شعبان كله، كان يصومه إلا قليلًا، وعلق على ذلك قائلًا: "الثَّانِي تَفْسِيرٌ لِلأَوَّلِ , وَبَيَان أَنَّ قَوْلهَا "كُلّه" أَيْ غَالِبُهُ اهـ .فهذا الحديث يدل على جواز الصيام بعد نصف شعبان ، ولكن لمن وصله بما قبل النصف.
بل أقر العلماء كذلك ومنهم الإمام النووي أنه يستثنى من النهي عن الصيام بعد انتصاف شعبان من يصوم قضاء رمضان ، وعن ذلك يقول الإمام النووي رحمه الله في كتابه "المجموع": "قَالَ أَصْحَابُنَا : لا يَصِحُّ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ عَنْ رَمَضَانَ بِلا خِلافٍ، فَإِنْ صَامَهُ عَنْ قَضَاءٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَجْزَأَهُ، لأَنَّهُ إذَا جَازَ أَنْ يَصُومَ فِيهِ تَطَوُّعًا لَهُ سَبَبٌ فَالْفَرْضُ أَوْلَى، وَلأَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَقَدْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ ; لأَنَّ وَقْتَ قَضَائِهِ قَدْ ضَاقَ".
ولذا يعد شهر شعبان هو الفرصة الأخير لقضاء الأيام الفائتة من رمضان قبل دخول رمضان الجديد، حتى أن بعض الفقهاء اعتبروا أن من أخر قضاء رمضان بغير عذر حتى دخل رمضان التالي فإنه يأثم، وعليه مع القضاءِ الفديةُ وهي: إطعامُ مسكين عن كل يوم؛ لِمَا رُوي عن ابن عباس وابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم قالوا في من عليه صوم فلم يصمه حتى أدركه رمضان آخر: "عليه القضاء وإطعام مسكين لكل يوم".
فيديو قد يعجبك: