لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

من بينها "شم النسيم".. احتفالات اعتادتها الشعوب قبل الإسلام وأقرها الصحابة

01:29 م الإثنين 29 أبريل 2019

أرشيفية

كتب - هاني ضوه :

شم النسيم من الاحتفالات المصرية القديمة التي يحرص المصريون على الاحتفال بها كل عام، فيحتفلون بقدوم الربيع الذي ارتبط عند المصريين القدماء بالخير والنماء والاعتدال.

وكما كل مناسبة احتفالية، يظهر كل عام أصوات متشددة تحرم الاحتفال بشم النسيم الذي يصفونه بالبدعة والأعياد الوثنية على حد تعبيرهم، فيحولون البهجة إلى تجهم والتوسعة والفرح إلى ضيق وتشدد، ويدخلون الناس في حالة من الحيرة بين اتباع فطرتهم وما اعتادوا عليه من فرح وسرور في هذا اليوم وبين الخوف من الوقوع في فعل محرم.

في التقرير التالي يرصد مصراوي أمر الاحتفال بشم النسيم وغيره من المناسبات الاحتفالية للشعوب تاريخيا، ويجيب عن السؤال: كيف تعامل الصحابة الكرام الذين فتحوا مصر مع "شم النسيم" والاحتفال به، وكذلك عند فتح البلدان الأخرى؟.

في البداية علينا أنا نتذكر القاعدة الشرعية التي استقر عليها العلماء أن العمل بالعُرف ما لم يتعارض مع الشرع الشريف، وأنه ليس كل فعل لم يفعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعتبر بدعة ما دام لا يؤدي إلى إثم أو مخالفة للشرع.

والصحابة الكرام عندما فتحوا البلدان واندمجوا بين أهلها وعاشروهم احترموا عاداتهم واحتفالاتهم ما دامت لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية، وهو مبدأ إسلامي أصيل، ومن أمثال هذه الاحتفالات الشعبية أيضًا في بعض البلدان وأقرها الصحابة الكرام الاحتفال بعيد النيروز وأكل الحلوى فيه.

وعن ذلك يذكر الإمام المزي في كتابه "تهذيب الكمال" وكذلك الإمام الذهبي في كتابه "سير أعلام النبلاء"، والإمام ابن عساكر في كتابه "تاريخ بغداد" وكذلك هذا مذكور في مقدمة حاشية رد المختار لابن عابدين، وتاريخ ابن خلكان: من أن النعمان بن المرزبان أبو ثابت (جد الإمام الأعظم أبي حنيفة رضي الله عنه) كان قد أهدى لأمير المؤمنين سيدنا الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه الفالوذج -نوع من الحلوى- في يوم النيروز وهو عيد للفرس، فقال له الإمام علي كرم الله وجهه: "نورزونا كل يوم"، وقيل كان ذلك في المهرجان، فقال: "مهرجونا كل يوم".

وهو ما يدل على أنه لا حرج من المشاركه في الاحتفالات المعتادة عند الناس وأكل الأطعمة ما لم يخالف الشرع أو يؤدي لحرام.

وهذا يدل أيضًا على أن الأصل في الأعياد والمناسبات الشعبية التوسعة والجواز لا التقييد، كما هو مستفاد كذلك من حديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها مرفوعًا :" لتعلم يهود أن في ديننا فسحة، إني أرسلت بحنيفية سمحة "، وفي لفظ : "العبوا يا بني أرفدة يعلم اليهود والنصارى أن في ديننا فسحة".

أما بخصوص "شم النسيم" فلعلك ستتعجب إذا ما علمت أن الصحابي الجليل عمرو بن العاص فاتح مصر كان يدعو المصريين إلى الاحتفال بشم النسيم والخروج إلى المتنزهات، وهو الأمر الذي اعتاد المصريون عليه منذ قديم الزمان وحتى يومنا هذا.

تروي لنا كتب التاريخ والسير إقرار بعض الصحابة الكرام الذين فتحوا مصر وعاشوا فيها لمثل هذه الاحتفالات ومنها الاحتفال بقدوم الربيع، فذكر ابن عبدالحكم في كتابه: "فتوح مصر والمغرب" أن الصحابي الجليل عمرو بن العاص فاتح مصر وواليها كان يحث المصريين على الخروج للاحتفال بقدوم الربيع- وهو المعروف الآن بشم النسيم- وقال: "إن الصحابي الجليل عمرو بن العاص كان يروي أحاديث مرفوعة عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم في خُطبته الشهيرة التي خطب بها أهلَ مصر المحروسة على منبر مسجده العتيق بفسطاط مصر القديمة، وكان ذلك في نهاية فصل الشتاء وأول فصل الربيع حين يحتفل المصريون بما يُسَمَّى "شَمَّ النسيم" الموافق لأيام (حميم النصارى) أو "خميس العهد" عند المسيحيين؛ حيث كان يحض الناس في أواخر شهر مارس أو أوائل أبريل على الخروج للربيع، وكان يخطب بذلك فى كل سنة، وقد سمعها منه المصريون وحفظوها، وتداولوها جيلًا بعد جيلٍ، ودونوها في كتبهم ومصنفاتهم، وصدَّروا بها فضائل بلدهم، وذكروا رواتَها فى تواريخِ المصريين ورجالِهم كابرًا عن كابرٍ، وأطبقوا على قبولها والاحتجاج بها فى فضائل أهل مصر وجندها عبر القرون؛ لا ينكر ذلك منهم مُنكِرٌ، ولا يتسلط على القدح فيها أحد يُنسَبُ إلى علمٍ بحديثٍ أو فقهٍ؛ بل عدُّوها من مآثر خُطَب سيدنا عمرو رضى الله عنه ونفيس حديثه، ولم يطعن فيها طاعن فى قديم الدهر أو حديثه".

وما عليه الفتوى عندنا في دار الإفتاء المصرية أن ما اعتاد عليه المصريون منذ زمن بعيد من الاحتفال بشم النسيم بالخروج للمنتزهات، وتناول أطعمة خاصة، لا حرج فيه شرعًا، ما لم يشتمل على ضرر خاص أو عام؛ كتناول أطعمة غير مُصرَّح بها صحيًّا أو نشر الضوضاء والإزعاج، أو الخروج عن الآداب العامة وحقوق الطريق، ومثل هذه العادات تُزيد من الترابط المجتمعي والتواصل.

أما ما تداوله البعض من صور ضوئية مع تحمل فتوى منسوبة كذبًا إلى دار الإفتاء المصرية تحرم الاحتفال بشم النسيم، فهي فتوى مكذوبة ولم تصدر يومًا من دار الإفتاء المصرية، بل الثابت عن دار الإفتاء المصرية حكم الجواز في الاحتفال بشم النسيم وجاء ذلك في فتوى صدرت في عهد فضيلة الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر الأسبق وكانت برقم 314 لسنة 2001م، وفتوى أخرى بالجواز في عهد فضيلة الإمام علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء ومفتي مصر السابق برقم 212 لسنة 2012م، ونفس الأمر في عهد فضيلة الدكتور شوقي علام مفتي مصر الحالي برقم 208 لسنة 2017م.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان