لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

خطبة الجمعة من المسجد الحرام: التلبية والنحر يؤصلان التوحيد الخالص لله

04:08 م الجمعة 19 يوليو 2019

الشيخ الدكتور سعود بن إبراهيم

(وكالات):

أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور سعود بن إبراهيم الشريم المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على طاعته واجتناب نواهيه .

وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم: إن الله سبحانه وتعالى جعل مواسم الخيرات لنا مربحا ومغنما ، وأوقات البركات والرحمات لنا إلى رحمته طريقا وسلما.

وأوضح فضيلته- نقلا عن وكالة الأنباء السعودية واس: أن الله تعالى ما شرع لأمته حج بيته الحرام إلا لإقرار التوحيد وإبطال التنديد، فإنه واحد لا شريك له، ومعبود لا ند له ، وقال: إن أعظم مقصد من مقاصد الحج تحقيق التوحيد لله دون سواه ، فما اختلاف الألسن والأنساب والألوان والانتماءات التي تدخل في نسك الحج والعمرة إلا شعار للتوجه إلى رب واحد لا شريك له، ومعبود واحد لا معبود سواه ، وإنه لم يلهج الحجاج بنسك ولا ذكر أفضل ولا أعظم من التلبية بالتوحيد "لبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك"، إنها تلبية قاضية على كل هتاف لا يمت للتوحيد بصلة، فلا هتاف لقومية ولا لفخر ولا لجماعة، إنه هتاف توحيد وإجلال وإقرار بالمنعم نعمة الإسلام والتوحيد وحمده على هذه النعمة .

وبين الشيخ الشريم أن في التلبية تجريد التوحيد لله وقصر شواغل القلب على النسك وتوابعه دون مزاحمته بما ليس منه من شعارات جاهلية أو عصبية أو سياسية تخرج بالنسك عن مساره وتقتل روحانيته، وقال : إن نبينا حينما حج حجة الوداع أراد أن يرسخ في أذهان أمته صيغة التلبية وما تحمله من معاني الإخبات وتحقيق العبودية لخالقهم، وليقضي بذلك على موروثات الجاهلية الأولى بما تحمله من صور التذلل لغير الله فاستبدل التلبية الشرعية بتلبية الجاهلية بمختلف صيغها وأشكالها؛ حيث كان لكل قبيلة تلبية تخصها، فقد كان للعزى تلبية، وللات تلبية، ولإساف تلبية، ولمناة تلبية، ولذي الخلصة تلبية،وقد كان لقبيلة عك تلبية مشهورة، حيث كانوا يحجون كل عام فيرسلون عبدين أسودين يطوفان وينشدان "نحن غرابا عك"،فيردد الناس من ورائهما "عك إليك عانية رجالها اليمانية كيما تحج الثانية".

ولفت فضيلته إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبطل كل تلبيات الجاهلية لتبقى تلبية التوحيد مدوية على مر عصور الإسلام إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فهي صبغة الله(ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون) ومن باب تأكيد النبي على شعيرة التوحيد هذه سن رفعِ الأصواتِ بها،لتطمس تلبية التوحيد تلبية المشركين، كما جاء عند مسلم في صحيحه أن المشركين كانوا يلبون ويقولون في تلبيتهم "لبَّيكَ لا شريكَ لك إلا شَريكًا هو لك، تملِكُه وما مَلَك" تعالى الله عما يقولون عُلُوًّا كبيرًا، إنها تلبية مليئة بالضلال والشرك، ومدعاة للاستخفاف بعقول مردديها مع أنهم ذوو دهاء وعقول راجحة.

وأوضح إمام وخطيب المسجد الحرام أن الهداية نور من الله وتوفيق، وتساءل كم من ذكي حرم إياها وكم من بليد لامست شغاف قلبه ، فهذا رسول الله وهو أعقل الناس وأدهى الناس وأحكم الناس لم يكن يدري ما الكتاب ولا الإيمان لولا هداية الله له كما قال عنه ربه (وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا) فالتلبية بالتوحيد هداية من الله لأمة الإسلام، وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم :أي الحج أفضل؟قال: "العج والثج" .

وأبان فضيلته أن أهل العلم قالوا : العج هو رفع الصوت بالتلبية، والثج هو إسالة الدماء بالذبح والنحر، وكلاهما نسكان يؤصلان التوحيد الخالص في أفئدة حجاج بيت الله الحرام، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يلبي إلا لبى ما عن يمينه أو عن شماله من حجر أو شجر أو مدر ،حتى تنقطع الأرض من هاهنا وهاهنا" رواه الترمذي.

وقال: إنها تلبية تتضمن الخضوع والذل لله وحده دون سواه،أي أنا ملب بين يديك خضوعاً بعد خضوع،وذلا بعد ذل، "إن الحمد والنعمة لك والملك" فإن من ملك فقد أنعم، ومن أنعم فقد استحق الحمد، ولما كانت هذه لله فإن لازمها الاختصاص بها دون سواه والاستغراق ليشمل جميع أنواع المحامد بلا استثناء، والحمد أعم من الشكر فكان هو المقدم.

وأشار أن الحمد يكون في مقابل النعمة وبدونها، بخلاف الشكر فإنه لا يكون إلا في مقابل النعمة، والمسلم متعبد بأن يحمد الله على بلائه كما أنه يحمده على نعمائه،فلا ملك أعظم من ملكه، ولا نعمة أعظم من نعمته، ولا حمد مستغرقا إلا له وحده لا شريك له، وبمثل هذا النسك تُصقَل النفوسُ المؤمنة من خلال توثيق الصِّلَة بالله في الحجِّ،و تجديد الولاء له بالتوحيد في صيغة التلبية،وفي صيغة التهليل لا إله إلا الله وحده لا شريك له،له المُلك وله الحمد،وهو على كل شيء قدير، وفي صيغة التكبير الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، عند الإحرام، وفي عرفة، وعند رمي الجِمار، ( ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) .

ودعا فضيلته حجاج بيت الله الحرام إلى إقامة حق مجاورة بيت الله الحرام من التأدب والرفق والسكينة والإخبات، وقال : إنكم ما قطعتم المفاوز لتفرطوا، ولا شددتم الرحال لتذنبوا، فإنكم في بيت حرام وبلد حرام وشهر حرام، فأروا الله من أنفسكم عبودية حقة، وطاعة محضة، واعزموا معاقد الوصول إلى الإخلاص والاتباع لتفوزوا بالقبول، فإن طاعة بلا اتباع هباء، واتباعا بلا إخلاص سدى، وليس أمامكم إلا تحقيق ما قاله الله جل شأنه (ليبلوكم أيكم أحسن عملا)أي أخلصه وأصوبه.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان