محمد البدري أستاذ الفقه: تثقيف الزوجين أولى من تأجيل الإنجاب (حوار)
حوار- آمال سامي
حاور مصراوي الدكتور محمد خليفة البدري، مدرس أصول الفقه بجامعة الأزهر، حول قضية تأجيل الإنجاب والأفكار التي طرحتها الزوجات اللاتي قررن تأجيل الحمل أو منعه، بقصد معرفة حكم الشرع فيها..
فقال البدري ابتداءً إن الإنجاب من حق الزوجين وليس من حق أحدهما دون الآخر والإنجاب من مقاصد الشريعة، وهو حفظ النسل لحفظ النوع البشري في الوجود، فقد قال تعالى:" ياأيّها الناسُ اتّقُوا ربَّكُم الذي خلقَكُم من نفسٍ واحدةٍ وخَلَقَ منها زوجَها وبثّ منهما رجالاً كثيرا ونساءً "، فالآية تومئ إلى أنّ الزواج وهو أساس الأسرة ومن أهدافه التكاثر لاستمرارية وجود النوع الإنساني، وهو ما تدعمه أحاديث كثيرة تحثّ على الزواج من أجل استمرارية النسل، وتحثّ على اتّخاذ الأسباب من أجل ذلك، ومن تلك الأحاديث قوله صلّى الله عليه وسلّم:" تزوّجوا الودود الولود"، وقوله: " من استطاع منكم الباءة فليتزوّج".. وإلى نص الحوار:
لكن هل يجوز منع الحمل للخوف من المسئولية؟
لا يجوز؛ لأن الله -عز وجل- يقول:" ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم .. " ومعنى قوله تعالى:" خشيةَ إملاق " مخافة الفقر.
وإن كان الخوف من مسؤولية لأمر مرضي، فمرجعه لطبيب مسلم متخصص حاذق
فمنع الحمل على الدوام وإطلاقه دون ضرورة لا يجوز؛ لمخالفته مقصدا من مقاصد الشريعة وهو حفظ النسل.
وفطرة الإنسان الطبيعية تريد تحصيل الولد قال تعالى مخبرا عن خليله :" رب هب لي من الصالحين"
وحين رزق الولد قال : " واجنبني وبني أن نعبد الأصنام"
فإذا خاف الإنسان من مسؤوليات الزواج وتبعاته فلم أقدم عليه ؟ فقد يظلم الآخر.
وما الهدف من الزواج إذن ؟
فما حكم من تشعر بـ عدم الرغبة في أن تكون أما، أي لا تشعر بأنها تريد طفلًا؟
الإنجاب حق للزوجين وهو مقصد من مقاصد الشريعة كما ذكرت آنفا فعلى السائلة أن تتعالج بما يناسب لترغيبها في الولد وهذه هي الفطرة الإنسانية فعدم رغبتها لا يجيز لها منع الحمل.
فما رأي الشرع في فكرة تأجيل الإنجاب في بداية الزواج حتى يستقر ويتفاهم الطرفان بدون ضغوط حمل وولادة وأطفال خاصة أن الحمل يؤثر على نفسية المرأة؟
هذا السؤال يحمل في طياته إشعارا بأنه نكاح بنية الطلاق إذا لم يتفاهم الزوجان أو على أقل تقدير عدم الإنجاب؛ لعدم التفاهم.
وتأجيل الإنجاب لمدة معينة في بداية الزواج بموافقة الطرفين ومراجعة الطبيب المؤتمن المتخصص الحاذق ليس فيه حرمة فالصحابة كانوا يعزلون على عهد رسول الله ولم ينههم النبي – صلى الله عليه وسلم عن جابر قال:" كانت لنا جوار وكنا نعزل فقالت اليهود تلك الموءودة الصغرى فسئل رسول الله عن ذلك فقال:" كذبت اليهود ولو أراد الله خلقه لم تستطع رده أخرجه النسائي والترمذي وصححه.
العزل وهو بفتح العين المهملة وسكون الزاي وهو أن ينزع الرجل ذكره بعد الإيلاج لينزل خارج الفرج
وقال الجمهور يجوز العزل عن الحرة بإذنها. والعزل من أسباب تأخير الإنجاب.
وإذا حذّر طبيب النساء والتوليد من تأجيل الحمل الأول أو لم يوافق أحد الزوجين على التأجيل فلا يجوز التأجيل.
ومن المعلوم أن المتزوجين حديثا لم يعرف أحدهما طبع الآخر لكن الله -عز وجل - هو الذي يجعل المودة ورحمة بينهما قال تعالى:" وَمنْ آياتِهِ أنّ خلَقَ لَكُمْ مِنْ أنْفُسًكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكنُوا إليْها وجعلَ بينْكمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً )
ومن ذلك قوله تعالى: " هو الذي خَلقَكُم من نفسٍ واحدةٍ وجعَلَ منها زَوجَها ليسكُنَ إليها"، وقوله تعالى: " هنّ لباسٌ لكم وأنتم لباسٌ لهنّ". وقد لاحظت النساء في الجاهلية هذا فأوصت أمامة بنت الحارث ابنتها فقالت:" أي بنية، إنك فارقت الجو الذي منه خرجت، والوكر الذي فيه درجت، إلى وكر لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فأصبح بملكه عليك: ملكا، فكوني له أمة يكن لك عبدا، واحفظي عني خصالا عشرا تكن لك دركا وذخرا.
وأما النكاح بنية الطلاق فصحيح عند الجمهور قال ابن قدامة :" وإن تزوجها بغير شرط إلا أن في نيته طلاقها بعد شهر أو إذا انقضت حاجته في هذا البلد فالنكاح صحيح في قول عامة أهل العلم إلا الأوزاعي قال هو نكاح متعة والصحيح أنه لا بأس به ولا تضر نيته.
فما حكم منع الإنجاب للضغوط المالية والظروف الاقتصادية هل جائز أم محرم؟
منع الإنجاب مؤقتا للضغوط المالية لا مانع منه.
فما حكم تأجيل الإنجاب للدراسة والجيش في بداية الزواج؟
تأخير الحمل لفترة من الزمن لأجل الدراسة أو مصلحة يراها الزوجان أمر جائز لا حرج فيه بعد موافقة الطرفين واستشارة الطبيب المؤتمن المتخصص.
هل هناك قاعدة شرعية ثابتة تستطيع المرأة أن ترجع إليها حين تفكر في عدم الإنجاب أو تأجيله؟ بحيث تقيس عليها حالتها؟
نعم هناك قواعد منها:
1- تقديم أولى المصلحتين ودفع أكبر المفسدتين
2- درء المفاسد مقدم على جلب المصالح
3- الضرر يزال
4- الضرر لا يزال بالضرر
5- الضرورة تقدر بقدرها .
وتثقيف الزوجين أولى من منع أو تأجيل الإنجاب بنشر ثقافة الحب والمعاشرة بالمعروف قال تعالى:" وعاشروهن بالمعروف " وقوله :" ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف " وقال تعالى :" هن لباس لكم وأنتم لباس لهن " و قال النبي صلى الله عليه وسلم : " استوصوا بالنساء"، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه ، ...." . رواه البخاري
عن حصين بن محصن قال حدثتني عمتي قالت أتيت النبي في بعض الحاجة فقال أي هذه إذات بعل أنت قلت نعم قال كيف أنت له قالت ما ألوه إلا ما عجزت عنه قال فأين أنت منه فإنما هو جنتك ونارك هكذا رواه مالك بن أنس وحماد بن زيد والداروردي عن يحيى بن سعيد وهو صحيح ولم يخرجاه
فيديو قد يعجبك: