«من مداخل التجديد».. الأزهر يعرض لكتاب العلامة محمد أبو موسى عضو هيئة كبار العلماء
كـتب - عـلي شـبـل:
بالتزامن مع انعقاد مؤتمر الأزهر العالمي للتجديد في الفكر الإسلامي، وفي إطار مشروعه التثقيفي «حكاية كتاب» قدم مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية حكاية الكتاب: «من مداخل التجديد» لفضيلة الأستاذ الدكتور/ محمد محمد حسنين أبو موسى (1365هـ/ 1937م)
المؤلف في سطور
نشأ العلّامة الأستاذ الدكتور محمد أبو موسى نشأة دينية في مسقط رأسه قرية الزوامل - مركز دسوق - محافظة كفر الشيخ بجمهورية مصر العربية، وتدرج في المراحل التعليمية الأزهري؛ بداية من التحاقه بمعهد دسوق الديني الأزهري، وانتهاء بحصوله على درجة الدكتوراه من كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر عام 1971م.
كما تلقى العلم على أكابر العلماء أمثال: فضيلة الشيخ محمد مُحيي الدين عبد الحميد، وفضيلة الشيخ محمود محمد شاكر، وفضيلة الشيخ محمد على النجار.
ترقى فضيلة الدكتور أبو موسى في الوظائف العلمية بكلية اللغة العربية، فعين أستاذًا مساعدًا، ثم رُقي إلى درجة أستاذ بالكلية عام 1981م، وعُيّن رئيسًا لقسم البلاغة بكلية اللغة العربية - جامعة الأزهر، ثم اختير عضوًا للجنة الدائمة لترقية الأساتذة بالقسم نفسه، وفي عام 2012 اختير العلامة الدكتور أبو موسى عضوًا في هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف.
يعمل فضيلة الدكتور الآن بالتدريس في قسم الدراسات العليا بكلية اللغة العربية - جامعة الأزهر، وله دروس أسبوعية يلقيها في الجامع الأزهر منتصف كل أسبوع، ويشرح فيها الكتب البلاغية، وللعلامة أبي موسى مؤلفات علمية عديدة وقيّمة، منها: من أسرار التعبير القرآني، القوس العذراء وقراءة التراث، خصائص التراكيب، الإعجاز البلاغي، قراءة في الأدب القديم، البلاغة القرآنية في تفسير الزمخشري وأثرها في الدراسات البلاغية، دراسة في البلاغة والشعر، مدخل إلى عبد القاهر الجرجاني، شرح أحاديث من صحيح البخاري: دراسة في سمت الكلام الأول، مراجعات في أصول الدرس البلاغي، والمسكوت عنه في التراث البلاغي.
سبب تأليف الكتاب
لما كان التجديد ضرورة شرعية وحياتية لا سيما في العصر الراهن، عصر العلم والتكنولوجيا، وفي ظل ما اجتاح الأمة الإسلامية من أفكار وسلوكيات تتغلل في حياة الناس يومًا بعد يوم على يد تيارات تدعي الانتساب لهدي الإسلام وتعاليمه.. رأى المؤلِّف أهمية إحياء قيمة التجديد في الفكر الإسلامي من خلال ما خطه في صفحات هذا الكتاب المبارك؛ ليحث علماء الأمة ومفكريها على القيام بفريضة التجديد بما يتناسب مع معطيات عصرهم مع الحفاظ على ثوابت الإسلام وقيَمه.
بين يدي الكتاب
من خلال عنوان الكتاب «من مداخل التجديد» يتضح أن المؤلف لم يُرد به استيفاء قضية التجديد، ولا استقصاء جميع جزئياتها؛ بل أراد أن يضع قارئ الكتاب على أول طريق فهمها، وأن يعطيه مفاتيح موضوعاتها وآلياتها، وأن يطلعه على بعض تجارب العلماء المسلمين المجددين عبر عصور أمة الإسلام، خصوصًا أن نظرة المؤلف للعلوم الإسلامية مبنية على فكرة تشاجُر العلوم، التي لا بد -كما يرى- وأن تستصحب عند النظر في التراث العربي والإسلامي؛ كي يتسع أفق الناظر فيه، ويفهم مكوناته في سياقات عصرها زمانًا ومكانًا وحالًا.
وجاءت موضوعات الكتاب في مقالات أربع، وفي 108 صفحات فقط، وقد بيّن الكاتب خلال هذه الصفحات المعنى الصحيح للتجديد في الدين، وعدم تعارضه مع شريعة الإسلام السَّمحة، وأهميته، وكيفيته، ومجاله، وحاجة الأمة إليه، وبيان ضوابطه وأسسه.
فقد تناول في المقالة الأولى قضية تجديد فهم نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.
وفي المقالة الثانية تكلم عن جهود علماء الإسلام في تجديد الفكر الإسلامي في كتبهم ومصنفاتهم بما يناسب عصرهم دون مخالفة للنصوص الشريفة.
وفي الثالثة تكلم عن اتساع فهم النّص المقدس لمستجدات الواقع؛ مُبينًا أن اجتهاد العلماء في عصورهم كان بما يتناسب مع معطيات واقعهم، وليس هناك ما يمنع علماء عصرنا من فهم النُّصوص في ضوء ثوابت الإسلام ومستجدات الواقع.
وفي الرابعة بيَّن بعض مقومات ومواصفات العالم المجدد التي تؤهله للنظر والاستنباط، وضرب المثل للعلماء بالإمام المجدد عبد القاهر الجرجاني وما أضفاه كتابه: «دلائل الإعجاز» من ملامح تجديدية متعددة ومستنيرة في الفنّ الذي أُلِّف فيه وهو علم البلاغة.
أهم ما يميز الكتاب وأسلوبه
تميز الكتاب وأسلوبه بأمرين، هما:
أولًا: براعة الكاتب في الاستدلال بنصوص القرآن والسنة، وربطها بموضوعات حديثه، وقراءتها قراءة متأنية واعية.
ومن ذلك تأصيله لدليل القياس كمقوم من مقومات التجديد في كل العصور، وبيان أنه واحد من آليات منطقية وعقلية عديدة استخدمها سيدنا رسول صلى الله عليه وسلم، وعلمها صحابته وأمَّته؛ كي تصل الأمّة إلى ما لم تعلم من خلال ما علمت، وإلى ما لم ينزل فيه حكم من خلال ما نزل حكم فيه.
ثانيًا: كثرة استنباطات الكاتب اللغوية، وبراعة توظيفها في الدلالة على المراد؛ لقناعته أن اللغة العربية غنية بوسائل الإبانة، وأن التدبر المستمر فيها سينتج الفكر الجديد والجليل.
وإن كان يؤخذ على الكتاب اقتصاره في ضرب الأمثلة على أمثلة اللغة والبلاغة دون تطرق إلى غير ذلك من العلوم والمعارف.
اقتباسات من الكتاب
وأورد مركز الأزهر، عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، بعض الفقرات والجمل المقتبسة من الكتاب:
- «دراسة الكتاب والسنة بمعزل عن الواقع؛ دراسة جيدة؛ ولكنها كأنها معلقة في الهواء؛ أما الدراسة المشتبكة مع الواقع، والمتداخلة معه، والمتغلغلة فيه فهي الدراسة الأنفع والأنجع والأقدر على أن تريك الأمر الإلهي في الكتاب والسنة، وإنك إن أحسنت وعي الواقع رأيت أن هذه الآيات في الكتاب كأنها نزلت الآن».
- «تجديد الدين ليس معناه تجديد المعارف في الكتب، ولا تجديدها في أدمغة المسلمين، وإنما تجديد سلوك المسلمين».
- «إن الكلام عن التجديد كلامٌ سهلٌ، يقوله المتكئُ على أريكته، ويقوله عنترةُ وعبلةُ، أما شرح خطوات التجديد، والذي هو الأساس، والذي لا بد أن نُعلِّمه للجيل الجديد، فإنه صعبٌ جدًّا، لا تناله إلا يد العلماء المنقطعين لهذا الباب».
- «ما دامت لا توجد قراءة واعية فالكلام في التجديد عبث».
- «من أهم صفات المجددين أنهم انقطعوا لطلب العلم، وأحبوه وشغلوا به، ووجدوا لذةً في مشقة الطلب، ولم يُجدِّدوا ليقال: مجددون».
- «في التجديد عليك أن تُحييَ الفقه بشرط أن يظل فقهًا، وتُحييَ النَّحو بشرط أن يظل نحوًا».
فيديو قد يعجبك: