في ذكرى وفاته.. ما لا تعرفه عن الفقيه "الصاحب بن عباد"
كتبت- آمال سامي:
في الرابع والعشرين من صفر عام 583هـ، توفي الصاحب بن عباد، وهو عالم من كبار علماء وأدباء الشيعة الإمامية الإثنى عشرية، يقول عنه ابن اثير في الكامل في التاريخ إنه كان واحد زمانه علمًا وفضلًا وتدبيرًا وجودة رأي وكرم، وكان عالمًا بأنواع العلوم المختلفة يعرف بالكتابة وموادها، وله رسائل مشهورة مدونة وكتب كثيرة، "فجمع من الكتب ما لم يجمعه غيره حتى إنه كان يحتاج في نقلها إلى أربع مائة جمل".
هو أبو القاسم إسماعيل بن عباد بن عباس الطالقاني، وزير الملك مؤدي الدولة بويه بن ركن الدولة، صحب الوزير أبا الفضل بن العميد واشتهر من حينها بالصاحب، وكان من شيوخه حسبما يذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء، أبي محمد بن فارس بأصبهان، وأحمد بن كامل القاضي، وغيرهم من علماء بغداد، وكان من بين تلامذته ومن نقلوا عنه، أبو العلاء محمد بن حسول، وعبد الملك بن علي الرازي، وأبو بكر بن أبي علي الذكواني، وأبو الطيب الطبري، وأبو بكر بن المقريء، وكانت له عدة تصانيف منها "المحيط" في اللغة، و"الكافي" في الترسل، وكتاب "الإمامة" وهو عن مناقب الإمام علي بن أبي طالب ويثبت فيه إمامة من تقدمه، وأيضًا كتاب "الكشف عن مساويء شعر المتنبي" و"الوزراء" و"الأسماء الحسنى"، لكن يقول الذهبي: "كان شيعيًا معتزليًا مبتدعًا" وكان يرى أن البخاري "حشوي لا يعول عليه".
يروي الذهبي كيف بدأ الصاحب بن عباد رحلته العلمية بالتوبة، حيث اتخذ لنفسه بيتًا وأسماه بيت التوبة وبدأ يدرس فيه، وكان يتفقد علماء بغداد في السنة بخمسة آلاف دينار، ويبغض من يدخل في الفلسفة، ورى الذهبي أنه مرض ذات يوم بالإسهال، فكان إذا قام عن الطست ترك إلى جنبه عشرة دنانير للغلام، ولما شفي تصدق ب 50 ألف دينار.
ويروي ابن اثير في "الكامل" أن ابن عباد حين حضره الموت قال لفخر الدولة: "قد خدمتك خدمةً استفرغت فيها وسعي، وسرت سيرةً جلبت لك حسن الذكر، فإن أجريت الأمور على ما كانت عليه نسب ذلك الجميل إليك وتركت أنا، وإن عدلت عنه كنت أنا المشكور ونسبت الطريقة الثانية إليك، وقدح ذلك في دولتك".
مات الصاحب بن عباد بالري، ونقل إلى أصبهان ليدفن فيها، ويقول الذهبي: لما أبرز تابوته ضج الخلق بالبكاء، ويروي ابن أثير كيف غدر به أحد أصحابه بعد وفاته، وهو القاضي عبد الجبار بن أحمد المعتزلي، حيث قربه الصاحب بن عباد وقدمه وولاه قضاء الري وأعمالها، فلما توفى قال عبد الجبار: "لا أرى الترحم عليه، لأنه مات عن غير توبة ظهرت منه"، يقول ابن أثير: "فنسب عبد الجبار إلى قلة الوفاء".
فيديو قد يعجبك: