في اليوم الدولي لإلغائه.. هكذا تعامل الإسلام مع "الرق" وحكم دولته "رقيق"
كتبت – آمال سامي:
على الرغم من وجود عدة آيات قرآنية تتحدث عن الرق في القرآن الكريم، إلا إن الإسلام لم "يشرع"ما هو الرق، وإنما جاء فوجده نظامًا قائمًا عند كل الدنيا، فسعى حثيثًا لإلغائه بشكل تدريجي كما فعل في كافة تشريعاته، وحتى يصل للإلغاء التام، حمى الإسلام حقوق العبيد وأوصى عليهم وبلغوا أرفع المناصب في الدولة الإسلامية حتى حكموها لسنوات طويلة في ظل الدولة "المملوكية"، وفي اليوم العالمي لإلغاء الرق الذي يتم احياءه سنويا في الثاني من ديسمبر، يرصد مصراوي في التقرير التالي تعامل الإسلام مع الرق وكيف كانت قواعد التعامل مع العبيد في ظل الإسلام..
"الإسلام حرم سبعة مصادر للرق وأباح واحدة فقط ثم جعلها ربعًا" يشرح الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، كيف قوض الإسلام مصادر الرقيق التي جاء وكانت مترسخة في كافة أنحاء العالم، حيث حرم الإسلام الخطف والبيع والشراء والمديونية التي تؤول إلى عبودية، ولم يبق أي مصدر للرق إلا الأسر.
إذًا فالإسلام لم يبح إلا استرقاق المحاربين وحدهم ومن معهم في دار الحرب من النساء والأطفال، وبشرط أن يأمر الحاكم بذلك إذا رأى فيه مصلحة، حسبما ذكرت دار الإفتاء المصرية، وغير المحاربين فليس لهم استرقاق من الأساس، وكذلك جعل الإسلام عتق الرقيق كفارة لمخالفات عديدة، منها الظهار والقتل الخطأ والصوم، فيقول تعالى: " وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً"، ويقول أيضًا: " يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ"، ومنها أيضًا كفارة الذي يجامع أهله في نهار رمضان، بل جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كفاة من يلطم مملوكًا له أن يعتقه، فيقول في الحديث المروي في صحيح مسلم: " مَنْ لَطَمَ مَمْلُوكَهُ، أَوْ ضَرَبَهُ، فَكَفَّارَتُهُ أَنْ يُعْتِقَهُ".
وفي الفيديو السابق، يشير الدكتور علي جمعة إلى أن الإسلام كذلك فرض قواعد للتعامل مع الأسير فإما بالمن عليه وتركه أو مبادلته مع الأسرى أو أن يأخذ فيه فدية أو يضرب عليه الرق، فأصبح أقل كثيرًا مما كان، واعتبر الإسلام نظام العبودية نظامًا مقيتًا، ثم فتح الباب أمام عتق العبيد في أبواب عديدة، وأمر كذلك بأن من لم يعتق أن يعامل أحسن معاملة، فتقول دار الإفتاء: "كان الاسترقاق مصحوبًا بآداب أوجبها الإسلام تجاه الرقيق، بحسن معاملتهم والرفق بهم، وعدم جواز إيذائهم وحرمة الإعتداء عليهم"، وبالفعل كان العبيد في الإسلام يعاملون أفضل معاملة.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم خير من تعامل مع الرقيق وكان نموذجًا لأمته في ذلك، فقال في الحديث الشريف: " إخوانكم خَوَلُكم - أي: عبيدكم- جعلهم الله تحت أيديكم، ولو شاء لجعلكم تحت أيديهم، فمن كان أخوه تحت يده، فليُطعِمه مما يطعم، وليُلبِسه مما يلبَس، ولا تكلِّفوهم ما يغلِبهم، فإن كلَّفتموهم فأعينوهم"، وهو ما حدث بالفعل في التاريخ الإسلامي، ويضرب علي جمعة الأمثال لذلك فيقول أن العبد في الدولة الإسلامية كان يتم تعليمه وتربيته، فكان من أشهر هؤلاء ياقوت الحموي الأديب والرحالة والمؤرخ وصاحب كتاب "معجم البلدان" الشهير، وكذلك رابعة العدوية، "والمماليك الذين ظلوا يحكمون الدولة الإسلامية ألف سنة كانوا عبيدًا".
"المسلمين أول من قالوا نعم على إلغاء الرق عام 1852م"، يقول علي جمعة إن من أرادوا إعادة الرق مرة أخرى كالدواعش قد خالفوا العهد ومخالفة العهد من علامات المنافق الظاهرة، وقد أجمع علماء المسلمون أنه لا تجوز التجارة في البشر، وبعد تلك الاتفاقية أصبح كل البشر أحرارًا وليسوا محلًا للبيع والشراء وقد وقع المسلمون على المعاهدات الدولية التي تحرم الرق وتجرمه كافة، وتؤكد الإفتاء: "كان ذلك متفقًا مع ما أراده الإسلام من تضييق منابعه وتوسيع أبواب العتق، ليكون الناس كلهم أحرارًا كما خلقهم الله تعالى".
فيديو قد يعجبك: