قصة الجارية التي أبكت الحجاج بن يوسف الثقفي
كتبت – آمال سامي:
الحجاج بن يوسف الثقفي، الذي تناوله التاريخ مدحًا في أحيان، وذمًا في أحيان كثيرة، على الرغم من كثرة القصص التي ورد فيها ظالمًا، خاصة في قتله لعبد الله بن الزبير رضي الله عنه، إلا أن كتب التاريخ حفظت لنا أيضًا قصصًا عن خيره كما حفظت عن شره، فيروي ابن الأثير الجزري في كتابه "الكامل في التاريخ" قصة الجارية التي أبكت الحجاج وجعلته يسعى في العفو عن أبيها ولا يقتله عندما دخلت عليه وأنشدته الشعر، بل أوصى بها في النهاية عبد الملك بن مروان عامله الحجاج..
فيروي ابن الأثير أن الخليفة عبد الملك بن مروان كتب إلى الحجاج يأمره بقتل "أسلم بن عبد البكري" لشيء بلغه عنه، فاحضره الحجاج لينفذ عليه الحكم الذي أمره به الخليفة، فقال له أسلم: أمير المؤمنين غائب وانت حاضر، والله تعالى يقول: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا "، والذي بلغه عني باطل، فاكتب إلى أمير المؤمنين أني أعول أربعًا وعشرين امرأة وهن بالباب، فدخلن على الحجاج، ومنهما أمه وعمته وزوجته وابنته وكان في آخرهن جارية، فتاة صغيرة لا تتجاوز العشر سنوات، فسألها الحجاج: من أنت منه؟ فقالت: ابنته، أصلح الله الأمير! ثم أنشدت قائلة:
أحجاج لم تشهد مقام بناته...وعماته يندبنه الليل أجمعًا
أحجاج لم تقتل به إن قتلته...ثمانًا وعشرًا وأثنتين وأربعا
أحجاج من هذا يقوم مقامه...علينا فمهلًا إن تزدنا تضعضعا
أحجاج إما أن تجود بنعمة...علينا وإما أن تقتلنا معًا
فبكى الحجاج وقال: والله لا أعنت الدهر عليكن ولا زدتكن تضعضعًا،(والتضعضع هو الخضوع والذل والفقر) ثم كتب إلى عبد الملك بن مروان بقصة الرجل والفتاة، فكتب إليه عبد الملك: إن كان الأمر كما ذكرت فأحسن صلته وتفقد الجارية، ففعل.
فيديو قد يعجبك: