عمرو خالد يكشف سر جريان اسم الله "الفتاح" على ألسنة الناس العادية
كتب- محمد قادوس:
قال الداعية الدكتور عمرو خالد إن من أسماء الله الحسنى اسم "الفتاح"، الذي يجري على ألسنة العباد، ومعناه الذي يملك مفاتيح الأبواب، ويملك مفاتيح النجاح لكل شيء.
وأشار خالد في خامس حلقات برنامجه الرمضاني "كأنك تراه" إلى أن الناس العادية يجري على لسانها مع صباح كل يوم جديد، دعاء: "ربنا يفتحها في وجهك"، أصحاب المحلات والمهن وهم يفتحون كل يوم في الصباح أول كلمة يقولونها: يا فتاح يا عليم، العلماء عندما يجدون شابًا وقد فتح الله عليه في العلم، يقولون له: فتح الله عليك فتوح العارفين".
ما سر جريان اسم الله الفتاح على ألسنة الناس العادية؟
يجيب خالد: "إن كلمة فتح لغويًا عكس مغلق.. والفتح هو إزالة كل شيء مغلق، هل تستطيع أن تقول فتحت باب وهو أصلاً مفتوح؟ بل يجب أن يكون مغلقًا".
وأضاف: "اسم الله الفتاح له ثلاث معان:
. الذي بإرادته وقدرته يفتح كل مغلق فيكشف الكرب، ويزيل الغمة، ويرفع البلاء، ويكشف العسر.. لو أغلقت الأبواب في وجهك، لو قالت لك الناس: ليس هناك فائدة، لو أظلمت الدنيا، وخنقتك دموعك اذهب للفتاح، إن استقر هذا المعني في قلبك وعرفت الله بهذا المعنى إذًا أنت أقوى إنسان في الوجود، اذهب وتذلل وابك واسجد بين يديه سيفتح لك إن شاء الله بقدرته".
وتابع: "إذا فتح لك الأبواب فمن الذي يقدر أن يغلقها؟ لو فتح لك باب رحمة لحل مشكلتك، فلن تملك قوى الأرض مجتمعة إغلاق باب الله فتحه لك"، مستشهدًا بقوله تعالى: ""مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ "(فاطر: 2).
واستدرك: "مَن يمر بمشاكل عائلية، وصلت العلاقة بينه وبين زوجته إلى طريق مغلق، ولم يعد أمامهما إلا الطلاق، أو من تشهد علاقته مع إخوته مشاكل وخلافات، أو يعاني من مشكلة مادية صعبة، اذهب للفتاح.. تذلل.. اسجد له.. قل له: يا فتاح، ستجد كل عسير مذللاً، سهلاً، يسيرًا، كلما صعب عليك أمر، ولا تملك مفاتيح الحل له، اذهب إلى الله، وستجد لديه مفاتيح كل شيء".
وقال إن "الفتاح هو الذي يفتح لك أبواب النجاح والتوفيق في بداية الأمور.. ستفتح شركة، ستتزوج، ستدخل على أمر جديد مغلق بالنسبة لك، ولا تعرف بعد نهايته، وأنت بحاجة لدفعة إلى الأمام وتريد النجاح والتوفيق ماذا تفعل؟ انظر للآية ماذا تقول "وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ..."(الأنعام:59)، أتعرف أنه لو قال لك (ومفاتح الغيب عنده) إذًا من الممكن أن تكون عنده وعند غيره، ولكن التقديم في الآية للقصر لا يعلمها إلا هو".
وذكر أيضًا أنه "يفتح بين المتخاصمين بالحق.. " قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ" (سبأ: 26)، "...رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ" (الأعراف: 89)، عندما يشتد الصراع بينك وبين الناس وتظلم، ويتم تشويه سمعتك وأنت بريء ويقال عليك: كذا وكذا وكذا، الفتاح يفصل بين المتخاصمين ويظهر الحق. لو ظلمك أحدهم، لو كادوا لك، لو اتهموك، طالما على الحق لا تخف، لو قالوا فيك ما لم يحدث وصدق الناس، فتوجه إلى الفتاح واسجد له".
ولفت "خالد" إلى أن هناك 4 نقاط هامة وأنت تتعامل مع الفتاح:
". الفتاح يحبك أن تعمل بجد وبقوة حتى آخر لحظة؛ لأنك لا تعلم متى سيأتي الفتح، فيؤخر عليك الفتح ليختبر ثقتك به وإصرارك على العمل، تجد أُناسًا يدخلون رمضان يقولون: بكينا ودعينا وعبدنا ولا نشعر بقلوبنا ولم نبكي نحن سيئين.. قد يؤخر الفتح لكي تظل مُصرًا وواثقًا أنه سيفتح لك لآخر لحظة.. قد يؤخر عنك الفتح؛ لتقف على الباب طويلاً؛ لتبقى بيد يديه طويلاً، وربما تبكي في آخر دقيقة قبل نهاية يوم 30 رمضان. حسان بن ثابت شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ببابك لن أغادره ولن أسعى إلى غيرك.. سأنسج بالرضا ثوبي وأشرُف أنني عبدك".
الأمر الثاني: أن "الفتاح يأتي بالفتح من حيث لا تدري، وقد تظنه إغلاقًا وهو قمة الفتح، وهذا سيدنا يوسف سُجن 9 سنين، وكان سِجْنه هذا قمة الفتح؛ لأنه لو لم يسجن لما كان تعرف على ساقي الملك، الملك الذي شاهد الرؤيا، ولو كان خرج من السجن مبكرًا قبل رؤية الملك للرؤية هل كان سيكون عزيز مصر؟ لا بل لكان شخصًاً عاديًا في المجتمع.. قد يكون حال الأمة الآن فتح ونحن لا نعلم".
ورى أنه "عندما توجه المسلمون إلى مكة من أجل العمرة، فمُنِعوا من الدخول، فالنبي صلى الله عليه وسلم عرض الصلح، فاتفقوا على الصلح، لكن سيدنا عمر بن الخطاب كان يريد العمرة أو الحرب، وتنزل الآية "إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً" (الفتح: 1) فيذهب سيدنا عمر إلى النبي ويقول: يا رسول الله أفتح هو؟ فقال: نعم يا عمر. فقال: يا رسول الله ألم تحدثنا أننا سنعتمر؟ قال: نعم يا عمر سنعتمر. فقال: فلم نعتمر يا رسول الله. قال: أحدثتكم أنه هذا العام يا عمر؟ فقال: لا. فقال: إذًا هو فتح.. وكان ذلك فتحًا حقًا، فقد بلغ عدد المسلمين الذين أسلموا في السنتين بعد صلح الحديبية مساويًا لأعداد المسلمين الذين أسلموا من بداية دعوة النبي وحتى صلح الحديبية".
الأمر الثالث: يفتح بأهون الأشياء.. بكلمة، بدمعة، بآية، بلحظة.. تقرأ آية 100 مرة وفجأة تسمعها فيفتح عليك بمعنى، ربما لم تفكر فيه من قبل في حياتك، يُغير شكل حياتك.
الأمر الرابع: "إذا فتح لا يفتح فتحًا عاديًا بل فتحًا مبينًا؛ لأنه لو فتح فتحًا عاديًا، وأنت كنت متوقعًا أن يحدث هذا ستسأل أين الفتح؟ أنا كنت أتوقع هذا، إذا جاء الفتح يجب أن يكون فوق قدرتك على التخيل والتصور "إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً" (الفتح:1)".
السيدة هاجر كانت تسعى بين الصفا والمروة وتبذل مجهودًا لآخر لحظة، ما هو أقصى فتح تتمناه؟ أن يشرب إسماعيل، ولكن يجيء الفتح وهو ليس عاديًا بل ممتدًا إلى يوم القيامة تقديراً للجهد الذي بذلته.. فإلى يوم القيامة يشرب الناس من تحت أرجل ابنك يا هاجر".
وذكر الداعية الإسلامي أن رمضان به 6 فتوحات من الله سبحانه وتعالى: "إذا جاء رمضان فتحت أبواب السماء، وأغلقت أبواب النار، وسُلسِلت الشياطين".
وأكد أنه "الفتاح معك في الدنيا وأيضًا بعد الموت: في القبر حينما يسألك الملكين بشدة وأنت خائف ومؤمن وكنت على حق: من ربك؟.. ربي الله. ما دينك؟.. ماذا تقول في الرجل الذي بعث فيك؟.. هو محمد صلى الله عليه وسلم.. فينادي منادي من السماء: صدق عبدي فافرشوا له قبره من الجنة وافتحوا له باباً إلى الجنة.. فيفتح لك باباً إلى الجنة. فيظل العبد ينادي يا رب أقم الساعة يا ربِ أقم الساعة يا رب أقم الساعة حتى ألقى أهلي وولدي في الجنة".
وزاد "خالد": "اسم الفتاح يفتح لك منزلة اليقين في الله فتبذل جهدك وتدعو وتنتظر الفتح من الله. تخيل لو عشت بهذا الاسم .. كأنك تراه من كثرة تعلقك وإحساسك بهذا الاسم .. تعبد الله به كأنك تراه.. والذكر مع الفكر هما ركنا معرفة الله بحق".
وخلص إلى أن "الطريق إلى الله محصور بين الذكر والفكر.. دور الذكر والفكر بناء أرشيف العقل الباطن عن الله بأسمائه الحسنى وصفاته.. الذكر تذوق لأسماء الله الحسنى والفكر فهم وإحساس بأسماء الله الحسنى.. كلاهما يحدث تحلية وتخلية.. تبديلات وتحسينات في نفسك.. أخلاقك".
واستشهد بالحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، وخير لكم مِنْ أَنْ تلقَوْا عدوَّكُمْ فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟" قالوا: "بلى يا رسول الله"! قال: «ذكر الله عز وجل".
شاهد الحلقة:
فيديو قد يعجبك: