لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

في ذكرى معركة القادسية: تكتيك حربي مميز جعلها فتحًا عظيمًا

02:17 م الإثنين 06 أبريل 2020

معركة

كتبت – آمال سامي:

في مثل هذا اليوم، الثالث عشر من شعبان في السنة الخامسة عشرة من الهجرة وفي عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، وقعت معركة القادسية التي كانت فتحًا إسلاميًا لفارس وآخر معارك فتح العراق، جرت المعركة بين جيش المسلمين بقيادة سعد بن أبي وقاص وبين جيش الفرس بقيادة رستم فرخزاد، وكان ذلك العام وما قبله قد شهد فتوحات إسلامية كثيرة..

يروي لنا سامي بن عبد الله المغلوث في كتابه أطلس الفتوحات الإسلامية كيف كانت القادسية نموذج مميز للتكتيك العسكري الإسلامي، ويمكن تحديد ذلك في النقاط التالية:

1- أتقن المسلمون في معركة القادسية المناورة التكتيكية التي تتلائم مع كل حالة قتالية في المعركة، فيقول" حشد الخليفة لهذه المعركة أقصى ما يمكن حشده من الرجال، كما حشد لها الفئة المختارة من رجال المسلمين، فقد كتب إلى سعد أن ينتخب أهل الخيل والسلاح ممن له رأي ونجدة"، فكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ينوي أن يضرب أشراف الفرس بأشراف العرب، حيث قال كما نقل الطبري في تاريخه: قال عمر: والله لأضربن ملوك العجم بملوك العرب: فلم يدع رئيسًا، ولا ذا رأي، ولا ذا شرف، ولا ذا سطة ولا خطيبًا؛ ولا شاعرًا؛ إلا رماهم به، فرماهم بوجوه الناس وغررهم.

يعود المغلوث ليروي لنا كيف كان جيش القادسية قائم على خيرة الجند وخيار الصحابة، حيث ضم بضع وسبعون ممن حضروا غزوة بدر، وأكثر من ثلاثمائة ممن صاحبوا النبي بعد بيعة الرضوان، وثلاثمائة ممن شهدوا فتح مكة، وسبعمائة من أبناء الصحابة، يعلق المغلوث على ذلك الحشد قائلًا: "وهذا هو الحشد الأقصى للوسائل المادية والمعنوية للمعركة".

2- من عبقرية تحرك المسلمين في ذلك الوقت أن الجيش لم يتحرك كاملًا بل انطلق سعد في أربعة آلاف فقط ولكنه حين وصل القادسية كان قد أكتمل جيشه لسبعة عشر ألف مقاتل، وكانت هذه طريقة جديدة في تعبئة الجيوش لم تحدث قبل تلك المعركة، حيث ظن الفرس في البداية أن أعداد المسلمين قليلة فسخروا منهم.

فيروي الطبري عن قول أبو وائل: جاء سعد حتى نزل القادسية، ومعه الناس، قال: لا أدري لعلنا لا نزيد على سبعة آلاف أو نحو من ذلك، والمشركين ثلاثون ألفًا أو نحو ذلك: فقالوا لنا: لا يدى لكم ولا قوة ولا سلاح، ما جاء بكم؟ ارجعوا، قال: قلنا: لا نرجع؛ وما نحن براجعين، فكانوا يضحكون من نبلنا، ويقولون: دوك دوك، ويشيهونها بالمغازل. قال: فلما أبينا عليهم أن نرجع، قالوا: ابعثوا إلينا رجلًا منكم، عاقلًا يبين لنا ما جاء بكم؛ فقال المغيرة بن شعبة: أنا، فعبر إليهم، فقعد مع رستم على السرير، فنخروا وصاحوا، فقال: إن هذا لم يزدني رفعة، ولم ينقص صاحبكم، قال رستم: صدقت، ماجاء بكم؟ قال: إنا كنا قومًا في شر وضلالة؛ فبعث الله فينا نبيًا، فهدانا الله به ورزقنا على يديه؛ فكان مما رزقنا حبة زعمت تنبت بهذا البلد؛ فلما أكلناها وأطعمناها أهلينا قالوا: لا صبر لنا عن هذه، أنزلونا هذه الأرض حتى نأكل من هذه الحبة، فقال رستم: إذًا نقتلكم، فقال: إن قتلتمونا دخلنا الجنة، وإن قتلناكم دخلتم النار؛ أو أديتم الجزية. قال: فلما قال: أديتم الجزية، نخروا وصالحوا، وقالوا: لا صلح بيننا وبينكم، فقال المغيرة: تعبرون غلينا أو نعبر إليكم؟ فقال رستم: بل نبد إليكم، فاستأخر المسلمون حتى عبر منهم من عبر، فحملوا عليهم فهزموهم.

3- كان ابن الخطاب في تلك المعركة أول قائد مسلم يطلب من سعد أن يصف له في رسالة مفصلة موقع المسلمين "كأنه ينظر إليها" فكتب له سعد رسالة تشرح بالتفاصيل جغرافية أرض المعركة، ونقل الطبري تلك الرسالة في تاريخه حيث كتب سعد إلى عمر بن الخطاب يصف له البلدان البلدان: إن القادسية بين الخندق والعتيق، وإن ما عن يسار القادسية بحر أخضر في جوف لاح إلى الحيرة بين طريقين؛ فأما أحدهما فعلى الظهر، وأما الآخر فعلى شاطئ نهر يدعى الحضوض؛ يطلع بمن سلكه على ما بين الخورنق والحيرة؛ وما عن يمين القادسية إلى الولجة فيض من فيوض مياههم

4- اعتمد الجيش المسلم قبل بداية تلك المعركة على ما أسماه المغلوث "الغارات التموينية" حيث كانوا يغيرون على ارض العدو للاستيلاء على المؤن والتي ساهمت في سد احتياجات الجيش وأيضًا استنزاف طاقة العدو وقدرة الأهالي على تحمل آثار الحرب ومعاناتها، كما استخدم المسلمون في تلك المعركة أسلوب الكمائن في مناوشاتهم مع الفرس قبل القادسية.

خط سير المعركة:

استطاع المسلمون في أول أيام المعركة التغلب على الفيلة التي هاجمهم بها الفرس وجعلها تفر من المعركة، وقد استعانوا بذلك بقبيلة بني أسد، وفي اليوم الثاني للمعركة قام المسلمون بعمل حيلة جديدة حيث ألبسوا إيلهم ملابس غريبة خافت منها الفيلة وهربت، وتبارز القعقاع بن عمرو التميمي مع الفيزران أحد قادة الفرس وقتله، وأوشك المسلمون على قتل رستم نفسه في ذلك اليوم، وفي اليوم الثالث اشتدت المعركة، وهجم القعقاع على اكبر فيلين ففقأ أعينهم وقطع مقدمة خرطومهما فهاجا وداسا من حولهم من جنود الفرس ومات في ذلك اليوم حوالي 10 آلاف من الفرس، وفي اليوم الآخير، قتل أحد فرسان المسلمين رستم قائد الفرس، ليتداعى الجيش الفارسي وتنتهي المعركة بانتصار المسلمين، وقد قتل من المسلمين حوالي 8500 شهيد، ومن الفرس حوالي 50 ألفًا.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان