إعلان

أمهات المؤمنين (4) "زينب بنت جحش".. هل أحب النبي زوجة ابنه بالتبني؟

04:56 م الإثنين 22 يونيو 2020

زينب بنت جحش

كتبت – آمال سامي:

"النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ".. هكذا وصف القرآن الكريم زوجات النبي صلى الله عليه وسلم مرسيًا قاعدة شرعية في النظر والتعامل والتقدير لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يتزوجهن أحد بعده، "فهن أمهات المؤمنين في تعظيم حقهن وتحريم نكاحهن على التأبيد" كما يقول البغوي في تفسيره، ويستعرض مصراوي جانبًا من سيرة أمهات المؤمنين رضي الله عنهن في حلقات متتابعة..

"زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ، وَزَوَّجَنِي اللَّهُ تَعَالَى مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ" هكذا كانت تفتخر السيدة زينب بنت جحش رضي الله عنها بقصة زواجها بين زوجات النبي وأمهات المؤمنين رضي الله عنهم كما روي في صحيح البخاري عنها، حيث ظلت قصة زواجها آيات تتلى إلى يوم القيامة، يقول الذهبي في سير أعلام النبلاء: "فزوجها الله تعالى بنبيه بنص كتابه بلا ولي ولا شاهد فكانت تفتخر بذلك".

وكانت زينب صوّامة قوّامة كثيرة التصدق وفعل الخير، تدبغ وتخرز ثم تتصدق بثمن ذلك، وقد أثنى الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك في حديث شريف روته عنه السيدة عائشة رضي الله عنها فقالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أَسْرَعُكُنَّ لَحَاقًا بِي أَطْوَلُكُنَّ يَدًا"، قَالَتْ: "فَكُنَّ يَتَطَاوَلْنَ أَيَّتُهُنَّ أَطْوَلُ يَدًا، قَالَتْ: فَكَانَتْ أَطْوَلَنَا يَدًا زَيْنَبُ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ تَعْمَلُ بِيَدِهَا وَتَصَّدَّقُ". وشهدت لها عائشة رضي الله عنها بالصلاح وتقوى الله وصلة الرحم وصدق الحديث.

زينب بنت جحش هي ابنة عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخوها هو عبد الله بن جحش رضي الله عنه، وهو أول أمير في الإسلام، ولدت في الجاهلية عام 33 قبل الهجرة حسبما يذكر موقع دار الإفتاء، وكان اسمها "برة" فاسمها النبي صلى الله عليه وسلم بعد إسلامها "زينب"، وكانت زينب قد تزوجت من زيد بن حارثة قبل أن تتزوج رسول الله، وقد وردت قصة زواجها من زيد أيضًا في القرآن الكريم وتحديدًا في سورة الأحزاب الآية 36: "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا"، حيث خطبها النبي صلى الله عليه وسلم لمولاه زيد بن حارثة، فرفضت، ويروي الطبري في إحدى روايات تفسيره أنها ظنت أن الرسول يخطبها لنفسه في البداية فقبلت لكنها حين علمت أنه يخطبها لزيد بن حارثة رفضت ذلك، حتى أنزل الله تعالى تلك الآية فرضيت وأصغت لأوامر الله تعالى.

قصة زواجها بالنبي والرد على شبهة المستشرقين

"تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا" هكذا تروي الآية التالية مباشرة لقصة زواج زينب من زيد بن حارثة قصة زواجها بالرسول صلى الله عليه وسلم، وكيف أن هذا الزواج كان أمرًا إلهيًا، إلا أن ذلك لم يكف حتى لا يخوض بعض المتشككين في قصة زواج النبي صلى الله عليه وسلم بزوجة ابنه بالتبني، فخاض كثير من المستشرقين وغيرهم في تلك القصة مستندين على رواية واهية وردت في بعض كتب التفسير..

فيروي بعض أهل التفسير ومنهم الطبري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى زينب فأعجبته وهي مازالت زوجة زيد بن حارثة فألقي في نفس زيد كراهتها لما علم الله ما وقع في قلب نبيه من حبه لها، وأراد زيد أن يفارقها فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي: أمسك عليك زوجك واتق الله، فيقول تعالى: "وتخفي في نفسك ما الله مبديه" أي محبته لفراق زيد أياها ليتزوجها إن فارقها، خوفًا من أن يقول الناس أمر رجلًا بطلاق امرأته وتزوجها حين طلقها.

ويعلق الشعراوي على ذلك قائلًا أن ما أخفاه الرسول صلى الله عليه وسلم هو ما أراده الله من زواجه بزينب بنت جحش لابطال عادة التبني والأثر الذي ترتب على هذه العادة، وقد أخفى الرسول ذلك خوفًا مما يقوله الناس حتى لا يقولوا أن محمد أوعز إلى زيد ان يطلق زينب لأنه كان يريد الزواج منها، يقول الشعراوي: "بقى اللي يحب وجوزها يقوله اطلقها فيقوله امسك عليك زوجك؟ ما تجيش" فما اخفاه محمد أعلنه الله بقوله: "وتخفي في نفسك ما الله مبديه" فالله أبدى ما كان يخفيه محمد وهو أن يقول الناس كذا وكذا لا أنه كان يحب زينب.

وذكر محمد العوضي، الداعية والمفكر الإسلامي، أن الروايات التي تقول إن النبي صلى الله عليه وسلم رأى زينب فأعجبته كاذبة سندًا ومتنًا، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يعرف زينب منذ صغرها فهي قريبته، قائلًا: "كان يخفي في نفسه تراخيه في تطبيق أمر الله إذ قال لزيد ألا يطلقها ويتمسك بها، فأخر الرسول ذلك خوفًا من المجتمع بأن يقال محمد تزوج زوجة ابنه أي المنسوب له بالتبني"، وعلل العوضي ذلك بأن الحكمة من زواج النبي بها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في الزواج من زوجات أدعيائهم، وكان النبي يتراخى في تنفيذه لعل يكون في المسألة مخرج أو تأتي آيات أخرى تبين مخرجًا آخر.

توفيت السيدة زينب بنت جحش في السنة العشرين من الهجرة وكان عمرها قد تجاوز الخمسين عامًا، وكانت أول زوجات النبي صلى الله عليه وسلم لحوقًا به، ويروي الذهبي في سير أعلام النبلاء وصية زينب بنت جحش حين حضرتها الوفاة حيث قالت: "إني قد أعددت كفني، فإن بعث لي عمر بكفن، فتصدقوا بأحدهما، وإن استطعتم إذ أدليتموني أن تصدقوا بحقوتي، فافعلوا". وصلى عليها عمر بن الخطاب رضي الله عنه ووضع لها نعشًا وكانت أول امرأة يوضع لها نعش حسبما ذكرت دار الإفتاء، ودفنت بالبقيع.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان