إعلان

بعد عثور رجل على مقاطع إباحية لزوجته.. هل يثبت الزنا شرعًا بالصور والفيديوهات؟

01:53 م الخميس 17 سبتمبر 2020

دار الإفتاء المصرية

كتبت – آمال سامي:

كان اتهام أحد المواطنين بكفر الشيخ لزوجته بالزنا أمام النيابة لمشاهدته إياها في عدة مقاطع وصور إباحية تقوم فيها بممارسة الرذيلة والأعمال المنافية للآداب مع بعض الأشخاص، خبرًا أثار الكثير من الجدل على السوشيال ميديا عقب انتشاره في وسائل الإعلام، وهو ما طرح سؤالًا هامًا من الناحية الشرعية: هل تعد تلك الادلة "الصور والفيديو" كافية لإثبات جريمة الزنا شرعًا والتي تثبت بـ أربعة شهود؟

بالرجوع إلى رأي دار الإفتاء المصرية، نجد فتوى من الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، حول هذا الأمر، حيث سئل عن جواز استخدام الوسائل العلمية الحديثة في إثبات جريمة الزنا شرعًا، فأكد في فتواه أولًا على حرمة الزنا واتفاق أهل الملل على تحريمه ولأنه جريمة منكرة، كان حده من أشد الحدود، فهو جناية على الأعراض والأنساب، وعرف جمعة في فتواه ما عرفه العلماء تعريفًا "شرعيًا دقيقًا منضبطًا يجعل له صورة محددة لا تلتبس بغيرها من الصور" وهي أن الزنا: هو إيلاج الحَشَفة أو قَدرها (من العضو التناسلي الذكري) في قُبُل أنثى مُحَرَّمٍ مُشتَهًى طَبعًا لا شُبهة فيه.

وأكد جمعة أنه لخطورة تلك الجريمة وما يستتبعها من آثار احتاط الشرع بشدة في إثباتها ووضع لها شروطًا دقيقة لترتب العقوبة عليها، فلم يثبتها إلا بأحد أمرين:

أولهما: الاعتراف، أي الإقرار من الفاعل بأنه ارتكب هذه الجريمة، ودليله أن النبي صلى الله عليه وسلم قبله ممن قام به ورتب عليه عقوبته ، كما في واقعة ماعز بن مالك وواقعة المرأة الغامدية رضي الله عنهما.

الثاني: البينة؛ بأن يشهد أربعة شهود بأنهم قد رأوا ذلك الفعل يَحصُل، ودليله قوله تعالى: " واللاتي يَأتِينَ الفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُم فاستَشهِدوا عَلَيَهِنَّ أَربَعَةً مِنكُم"، وقوله: " والذينَ يَرمُونَ المُحصَناتِ ثُمَّ لَم يَأتوا بأربَعَةِ شُهَداءَ فاجلِدُوهُم ثمانينَ جَلدةً ولا تَقبَلوا لَهُم شَهادةً أَبَدًا وأولَئِكَ هُمُ الفاسِقون".

ويقول جمعة إنه زيادة في الاحتياط، حض الشرع القاضي على أن يعرض للمقر على نفسه بالزنا الإنكار، لينكر ما أقر به، ما لم يكن هناك بينة، قائلًا أن ماعز لما أتى الرسول صلى الله عليه وسلم معترفًا بزناه، قال له النبي: " لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ، أَوْ غَمَزْتَ، أَوْ نَظَرْتَ" كما ورد في صحيح البخاري، ولم يقم عليه الحد إلا بعد ان اعترف اعترافًا صريحًا ونفى عن نفسه كل الاحتمالات الصارفة عن إقامة الحد عنه للشبهة.

وأكد جمعة في فتواه أن غير هذين الطريقين المعتبرين لا يعول عليه في إثبات جريمة الزنا وهو ما نص عليه جماهير العلماء، أما الأمور المستحدثة والوسائل العلمية المتقدمة التي ظهرت كتحليل البصمة الوراثية والتصوير المرئي والتسجيل الصوتي "لا تعدو أن تكون مجرد قرائن لا ترقى لأنْ تستقل بالإثبات في هذا الباب الذي ضيَّقه الشرعُ"، بل يقول جمعة إنه على الرغم من أن تحليل البصمة الوراثية DNA من أقوى الوسائل في إثبات الزنا، إلا أن الخبراء القانونيون يعتبرونه دليلًا غير مباشر على ارتكاب الجريمة، وأنه قرينة تقبل إثبات العكس، وهو ما اعتبره جمعة صحيحًا قائلًا أن هذه الأخطاء قد يصيبها الخطأ البشري المحتمل وحتى لو دلت البصمة الوراثية في نفسها على نفي النسب أو اثباته يقينًا، ففي هذا اليقين نفسه يقع الظن في طريق إثباته، مما يجعل جريمة الزنا موضع شبهة وتردد، يقول جمعة عن تحليل الـ DNA أن أقصى ما يمكن أن يثبته هو أن الماء المستقر في رحم المرأة هو ماء الرجل الفلاني أو ان هذا الحمل منه أو من غيره ، فحتى إن ثبت ذلك، لم يلزم منه ثبوت الزنا بالتعريف الشرعي السابق، وعلل جمعة ذلك قائلًا: " لأنَّ مَنِيَّ الرجل قد ينتقل إلى رحم المرأة عمدًا أو خَطَأً أو عن قصد أو غير قصد؛ بأن يَتَشَرَّبه فرجُ المرأة من طريق استعمال ملابس أو أشياء ملوثة به مثلًا، أو تكون المرأة قد لابست المُحَرَّم ولكن دون حصول الإيلاج، وكل هذا لا يُعَد زنًا شرعًا".

"ولا يَعني هذا إنكارَ إفادةِ الوسائل العلمية للعلم الظني أو اليقيني -كُلٌّ بحسبه-" يقول جمعة في فتواه، التي يرجع تاريخها إلى فبراير عام 2009، موضحًا أن لشروط والصفات الواجب توافرها لإثبات حصول جريمة الزنا وما يستتبعه من آثار لا تقف عند حد ثبوت الجماع أو الحمل مثلًا وحسب، بل لا بُدَّ من شروط أخرى مثل: ألا يكون الوطء وطءَ شبهة مثلًا، وأن يكون قد حدث جماع حقيقي كامل، وليس مجرد استدخال لمني الرجل في فرج المرأة بأي حيلة أو وسيلة، وعاد ليؤكد في نهاية فتواه: " وعليه فلا توجب الوسائل العلمية الحديثة كتحليل الحامض النووي وغيره إثبات جريمة الزنا".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان