يريد حرمان ابنه العاق من الميراث.. فهل هذا التصرف جائز شرعًا؟.. البحوث الإسلامية يرد
كـتب- عـلي شـبل:
هل يجوز أن أكتب جميع ممتلكاتي لزوجتي وأولادي الذكور والإناث وفق قسمة الميراث الشرعي مع حرمان أحد الأبناء لعقوقه فهل هذا التصرف جائز شرعا؟.. سؤال تلقاه مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف، أجابت عنه لجنة الفتوى الرئيسة بالمجمع، موضحة الرأي الشرعي في حرمان أحد الأبناء من حقهم الشرعي.
في بداية فتواها أوضحت لجنة الفتوى أن الله تعالى قد بيَّن أنصبة المواريث في كتابه المجيد بنص محكم لا يقبل التأويل أو الاجتهاد ، قال - تعالى-: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} [النساء: 7].
وأكدت لجنة الفتوى أنه لا يحل لأحد أن يجترئ على الله تعالى فيما شرع من أحكام ، فيعمل بخلاف النص ، وقد توعد الله -عز وجل - من يجترئ على حدوده ، ويُغيُّر في الأنصبة التي فرضها بالعذاب يوم القيامة، قال- تعالى-: { تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ } [النساء: 13، 14] ، وإن كان العقوق من الكبائر، إلا أنه لا يبيح للأب أن يحرم ابنه من النصيب المفروض الذي فرضه الله- تعالى - ، ثم إن حرمان الابن من تركة أبيه يوغر صدره بالعداوة والبغضاء، وهو لون من ألوان قطع الرحم، وإفساد العلاقة بين الابن وابيه، وبين الأخ وأخوته، وقد قال الله- تعالى -: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ *أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ}. [محمد: 22، 23].
وفي خلاصة فتواها، أكدت لجنة الفتوى أنه وعليه: فلا يجوز للأب أن يقدم على تصرف يحرم ابنه من الميراث، وننصح الابن أن يتقي الله عز وجل في أبيه وأن يبره كما أمر الله -تعالى- هذا إذا كان الحال كما ورد بالسؤال. والله أعلم.
البحوث الإسلامية: العقوق لا يمنع الحقوق
وكان سؤال سابق تلقاه مجمع البحوث يقول صاحبه: أولادي يسيئون إلىَّ، ويعتدون عليَّ، ويقابلون إحساني إليهم بالإساءة. فما حكم توريثهم؟ وهل يجوز لي حرمانهم من الميراث؟، أوضحت لجنة الفتوى الرئيسة بالمجمع أن العقوق من المحرمات وكبائر الذنوب؛ ولكنه في الوقت نفسه ليس مسوغًا للافتئات على حكم الله في الميراث ؛ لأن الله - سبحانه - لم يجعل توزيع التركة مفوضًا إلى أحد، بل تولى -سبحانه وتعالى - بيان تقسيم التركة في كتابه الكريم حتى لا يقع خلاف.
وفي بيان فتواها أكدت اللجنة أن السائل لا يحل له شرعًا أن يعطي من شاء، أو يحرم من شاء من الورثة؛ لأن قضية الميراث محتومة بالأمر الإلهي، فالعقوق لا يمنع الحقوق، وتوصي اللجنة أولاد السائل بأن يتقوا الله عز وجل، وأن يراعوا حرمة والديهم لا سيما مع كبر سنهم، وليعلم هؤلاء الأولاد أن بر الوالدين فريضة شرعية من أعظم الفرائض.. والله أعلم.
فيديو قد يعجبك: