الاستثمار في البنوك.. أجازه البحوث الإسلامية في فتوى رسمية قبل عشرين عامًا
كتبت – آمال سامي:
لم تكن فتوى دار الإفتاء المصرية المثيرة للجدل حول جواز الاستثمار في البنوك الأولى من نوعها، إذ أكدت أمس عبر صفحتها الرسمية على الفيسبوك أن الاستثمار في البنوك ليس ربا، في إطار حملة أطلقتها في بدايات أكتوبر الحالي تحت عنوان "هنعرف الصح"، إذ سبق وأكد ذلك مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف في فتوى سابقة له صدرت عام 2002 ، وكذلك أيدتها دار الإفتاء المصرية، بل خرج الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر السابق في أكتوبر عام 2004 ليؤكد فتواه بشرعية فوائد البنوك، كاشفًا عن ودائع يضعها في أحد البنوك الحكومية التي تمنح سعر فائدة ثابت ومحدد سلفًا، مؤكدًا أن فوائد البنوك جائزة وأرباحها حلال شرعًا سواء كانت بنسبة محددة سلفًا أم لا.
في الخميس الموافق 31 أكتوبر 2002م، انعقد مجلس مجمع البحوث الإسلامية ليبت في أمر استثمار الأموال في البنوك، ليخلص في نهاية اجتماعه الموافقة على أن استثمار الأموال في البنوك التي تحدد الربح مقدمًا حلال شرعًا ولا بأس به، وهذا نص الفتوى:
الذين يتعاملون مع بنك الشركة المصرفية العربية الدولية أو مع غيره من البنوك، ويقومون بتقديم أموالهم ومدخراتهم إلى البنك ليكون وكيلا عنهم في استثمارها في معاملاته المشروعة مقابل ربح يصرف لهم ويحدد مقدما في مدد يتفق مع المتعاملين معه عليها؛ هذه المعاملة بتلك الصورة حلال ولا شبهة فيها؛ لأنه لم يرد نص في كتاب الله أو من السنة النبوية بمنع هذه المعاملة التي يتم فيها تحديد الربح مقدما، ما دام الطرفان يرتضيان هذا النوع من المعاملة. قال الله تعالى:”يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم” سورة النساء: الآية 29. أي: يا من آمنتم بالله حق الإيمان لا يحل لكم ولا يليق بكم، أن يأكل بعضكم مال غيره بالطرق الباطلة التي حركها الله – تعالى – كالسرقة، أو الغصب، أو الربا، أو غير ذلك مما حرمه الله – تعالى – لكن يباح لكم أن تتبادلوا المنافع فيما بينكم عن طريق المعاملات الناشئة عن التراضي الذي لا يحل حراما ولا يحرم حلال، سواء كان هذا التراضي فيما بينكم عن طريق التلفظ أم الكتابة أم الإشارة أم بغير ذلك مما يدل على الموافقة والقبول بين الطرفين.
ومما لا شك فيه أن تراضي الطرفين على تحديد الربح مقدما من الأمور المقبولة شرعا وعقلا حتى يعرف كل طرف حقه. ومن المعروف أن البنوك عندما تحدد للمتعاملين معها هذه الأرباح أو العوائد مقدما، إنما تحددها بعد دراسة دقيقة لأحوال الأسواق العالمية والمحلية وللأوضاع الاقتصادية في المجتمع ولظروف كل معاملة ولنوعها ولمتوسط أرباحها.
ومن المعروف كذلك أن هذا التحديد قابل للزيادة والنقص، بدليل أن شهادات الاستثمار بدأت بتحديد العائد 4% ثم ارتفع هذا العائد إلى أكثر من 15% ثم انحف الآن إلى ما يقرب من 10%. والذي يقوم بهذا التحديد القابل للزيادة أو النقصان، هو المسئول عن هذا الشأن طبقا للتعليمات التي تصدرها الجهة المختصة في الدولة.
ومن فوائد هذا التحديد – لاسيما في زماننا هذا الذي كثر فيه الانحراف عن الحق والصدق – أن في هذا التحديد منفعة لصاحب المال ومنفعة – أيضا – للقائمين على إدارة هذه البنوك المستثمرة للأموال، فيه منفعة لصاحب المال، لأنه يعرفه حقه معرفة خالية عن الجهالة، وبمقتضى هذه المعرفة ينظم حياته. وفيه منفعة للقائمين على إدارة هذه البنوك، لأن هذا التحديد يجعلهم يجتهدون في عملهم وفي نشاطهم حتى يحققوا ما يزيد على الربح الذي حددوه لصاحب المال، وحتى يكون الفائض بعد صرفهم لأصحاب الأموال حقوقهم، حقا خالصا لهم في مقابل جدهم ونشاطهم.
وقد يقال: إن البنوك قد تخسر فكيف تحدد هذه البنوك للمستثمرين أموالهم عندها الأرباح مقدما؟ والجواب: إذا خسرت البنوك في صفقة ما فإنها تربح في صفقات أخرى، وبذلك تغطي الأرباح الخسائر. ومع ذلك فإنه في حالة حدوث خسارة فإن الأمر مره إلى القضاء. والخلاصة أن تحديد الربح مقدما للذين يستثمرون أموالهم عن طريق الوكالة الاستثمارية في البنوك أو غيرها حلال ولا شبهة في هذه المعاملة فهي من قبيل المصالح المرسلة وليست من العقائد أو العبادات التي لا يجوز التغيير أو التبديل فيها. وبناء على ما سبق فإن استثمار الأموال لدى البنوك التي تحدد الربح أو العائد مقدما حلال شرعا ولا بأس به والله أعلم.
فيديو قد يعجبك: